جاء المساء..
جاء وقت الأصدقاء
أشعلت قنديلي..فتحت الباب..عطرت المكان
لبست أحسن الثياب
على أريكتي جلست في يديّ وردتان
عيناي تأكلان الباب.. تشربان ظلمة الليل وتنظران للسراب
وضعت فوق المنضدة كؤوسنا الثلاثة..ملأتها عتاب
فأصدقائي ما أتوا.. لا أعرف الأسباب
ولا أطيق بعدهم.. اعتدتهم مثل المساء
شربت أول الكؤوس.. والأصدقاء ما أتوا
مشيت نحو النافذة أرسلت زفرتين في الهواء
غنيت للضباب.. لعله يزول و يظهر الأصحاب
أو ينتهي المساء
رجعت نحو المنضدة..تبسمت أريكتي..نادتني الكؤوس
شربت ثاني الكؤوس..والأصدقاء ما أتوا
أخذت دفتر القصيد..قرأت في أوراقه أبياتي العذاب
ما كنت قد كتبته عن تلكم الأصحاب
عن الوفاء والصفاء واللقاء والغياب
رحلت عبر أسطر يلفها اكتئاب
أغلقت دفتر القصيد..نظرت بارتياب..ما ذاك خلف الباب
وما رأيت قادما يصر كالسراب
رجعت نحو المنضدة..شربت ثالث الكؤوس.. والأصدقاء ما أتوا
نظرت للقنديل.. وزيته المضاء..قد غاله المساء
كأنه رسالة من عالم النسيان..كأنه الهدوء..كأنه إنسان..لكن بلا بكاء
أضاء ركنا واحدا وأهمل الأرجاء..فاستأسد المساء
تبسمت أريكتي..نظرت في قنينتي..هل ما يزال جوفها يملأه العتاب
شربت باقي العتاب..سكبت آخر العتاب..وما أتى الصحاب
فلتوصد الأبواب.