هل هنالك هجوم إعلامي واضح المعالم على الدعاة والعلماء المسلمين، ورموز الأمة الإسلامية الصالحين؟
سؤال وجَّهه إليَّ بعض الإخوة والأخوات الذين يتابعون عبر الصحف والفضائيات تعليقات كثيرة حول هذا الموضوع.
الجواب عن هذا السؤال واضح في الساحة الإعلامية، جواب يعرفه الجميع يقول بملء فمه: (نعم) هنالك هجوم على الرموز الإسلامية في مجال العلم والدعوة والفتوى، بل حتى في مجال الحكم والسياسة.
ولأن هذا الجواب قابل لتوليد عشرات الأسئلة فإننا سنوصد أبواب التساؤلات هنا حتى لا يتشعب الموضوع، ونقول باختصار:
ليست مهاجمة العلماء والدعاة والمصلحين أمراً جديداً، بل إنها قديمة قدم البشرية، منذ أن بدأ الصراع بين الحق والباطل، والخير والشر بهبوط آدم عليه السلام من الجنة، وطرد الشيطان منها، وهل كان هجوم قابيل على أخيه المؤمن العالم بما يجب عليه شرعاً إلا من هذا القبيل؟
أما ما نراه ونسمعه من هجوم يتراوح بين الشدة والهدوء - بحسب مقتضيات المرحلة - فهو هجوم يلفت النظر، ويدعو إلى التأني والهدوء لمعرفة أبعاده ودواعيه، وأسبابه.
تقدير العلماء والدعاة والمصلحين واجب علينا، لأن الله سبحانه وتعالى قدرهم وأمر بتقديرهم في آيات متعددة من القرآن الكريم، كقوله تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}وكقوله عز وجل: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} وكقوله تعالى:}إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} وكذلك الأحاديث النبوية الصحيحة التي أشادت بالعلم والعلماء، وأمرت بتقديرهم وعدم الإساءة إليهم. ونحن في الإسلام نفرق بين التقدير الواجب للعلماء، وبين التقديس المنهي عنه لهم، لن تقديسهم يخرجهم من دائرة البشرية التي يجري فيها الخطأ والصواب والقوة والضعف، إلى دائرة المعصومين من الأنبياء والرسل عليهم السلام، وهذا ما لا يقرُّه الإسلام ولا يجيزه، وهذا ما تورَّطت فيه النصرانية واليهودية، وكذلك بعض الفرق المنسوبة إلى الإسلام التي تعطي علماءها درجات الولاية والوصاية مما نهى عنه شرعنا الحكيم.
إن تقدير العلماء المخلصين واجب شرعي لا يصح للأمة أن تفرط في القيام به ولا يجوز أن نجرئ عامة الناس، وأنصاف المثقفين، وبعض الحاقدين على علماء شريعتنا الغراء حتى يصبحوا عرضة لألسنة الجهلاء، أو المثقفين المتشبعين بثقافات غير إسلامية ينطلقون منها إلى النيل من علماء الأمة المسلمة ورجالها الصالحين.
وإذا كان من حق العلماء على الناس أن يقدروهم، وينزلوهم منازلهم، فإن من حق الناس على العلماء أن يصدقوهم النصيحة والتوجيه، وأن يعيشوا معهم عيشة التواضع والحرص على المصالح العامة والخاصة.
ويجب على مجتمعنا المسلم ألا يتهاون بظاهرة تصيد أخطاء العلماء، ومحاولة الإساءة إليهم، واستخدام أساليب الهمز واللمز لهم في البرامج والمقالات البعيدة عن الموضوعية ومراعاة الحق في النقد وبذل النصيحة.
نعم هنالك إساءة إلى العلماء نقرؤها هنا وهناك في هذه الحقبة الزمنية التي جاءت فيها جيوش الاحتلال إلى المنطقة، فهل هذه الإساءة التي نتحدث عنها جزء من مخطط مرسوم لتحطيم ثوابت الأمة الإسلامية في عقر دارها؟ ربما تكون الإجابة الصحيحة: نعم، وهنا فإن مساهمة الكاتب أو المفكر والمثقف المسلم في تنفيذ هذا المخطط المرسوم للنيل من العلماء بدون حق، أو بشيء من الحق مع المبالغة والتطرف يعد جريمة في حق الأمة لا يحسن بأهل الرأي والحل والعقد السكوت عليها.
إن صدور ذلك التقرير المشؤوم عن مؤسسة راند (سيئة الذكر) الصادر عام 2007م المتضمن برنامجا لنقد الرموز الشرعية والمؤسسات الدينية، والتنقص من الشخصيات العلمية الدعوية ليوحي بأن ما يجري في عالمنا الإسلامي من نقد جارح - غير مسؤول - للعلماء والدعاة والمصلحين إنما هو جزء من ذلك المخطط أو تناغم معه.
إشارة:
من يرد الله به خيراَ يفقهه في الدين