Al Jazirah NewsPaper Friday  14/11/2008 G Issue 13196
الجمعة 16 ذو القعدة 1429   العدد  13196
آداب الحج
د. افراح بنت علي الحميضي *

فإنّ فريضة الحج من أعظم العبادات التي تظهر فيها الآداب الإسلامية الفردية والجماعية، لتقرر عظمة هذا المنسك بفرائضه وأركانه وواجباته وسننه وآدابه.

وهي الآداب التي تتضح من خلال سلوك المسلم منذ أن ينوي الإقبال على هذا الركن، حيث يستخير الله في اختيار عامه هذا للحج، وفي اختيار الصحبة، ثم يتأدب بأدب الاستشارة فيستشير في أموره وأحواله من له رأي سديد يعينه على الإعداد لفريضته.

وإذا عزم بادر دون توانٍ فليس هذا الركن مما يتأخر في أدائه الطامعون في الأجر خاصة إذا كانت هذه فريضته.

ومن آداب الحج للمقبل عليه، أيضاً، أن يبادر بالتوبة النصوح، وأن يكتب وصيته، ويسارع للتحلل من حقوق الناس خاصة الديون، ما أمكنه ذلك، وإن لم يستطع دَوّن ما له وما عليه، وأشهد عليه.

ومنها أن يوصي من يخلفه في أهله وماله بالتقوى، ويترك نفقة لهم تغنيهم عن السؤال.

وحين يعد للحج عليه أن يحرص على النفقة الطيبة (إنّ الله طيِّب لا يقبل إلاّ طيباً) وأن يستكثر منها ليواسي المحتاجين.

كما أنّ عليه أن ينتقي الصحبة التي تعينه طوال طريقه على استحضار معاني تلك العبودية، فيقبل عليها متشوقاً ما فيها من الأجر.

ومن الآداب أيضاً أن لا يصطحب معه ما يشغله عن أداء هذه الطاعة من أدوات لهو وغيرها، ويستحب أن يكون سفره يوم الخميس وأن يخرج من بيته مبكراً وأن يودع أهله.

وحين أدائه الفريضة تتجلّى تلك الآداب في أسمى صوره حين تمتزج الآداب الفردية بالآداب الجماعية، فيبتعد الحاج عن كل ما من شأنه حصول الأذى لإخوانه الحجاج، سواء كان هذا الأذى والمضايقات باليد أو اللسان، ويتضح هذا الأدب الجليل في حرص المسلم على البعد عن الجدال {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، والمزاحمة ومضايقة الآخرين (ليس السابق من سبق بعيره).

ويظهر أعظم أدب حين يبتعد الحاج عن التشديد على نفسه وعلى الآخرين (القصد القصد تبلغوا) (افعل ولا حرج).

ومن الآداب أيضاً الابتعاد عما يتلف الأوقات فالحج عبادة مخصوصة بزمان ومكان محصورين فمن الجهل إضاعة ذلك في ملهيات ومشتتات تصرفه عن هذا النسك العظيم، وعليه استثمار ذلك فيما يزيد رصيده من الحسنات فينشغل ما أمكنه ذلك بالطاعات، من ذِكر وقراءة قرآن ونصح ودعوة وتقديم العون والمساعدة للحجاج، فهذه الفريضة يظهر بها عظمة التكافل الاجتماعي بين أبناء هذه الأُمّة حيث تجتمع كل الألوان والأجناس واللغات لتمتزج في نسيج واحد يؤدي ركناً عظيماً ويتأدب بأدب إسلامي رفيع.

* الرياض





 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد