Al Jazirah NewsPaper Friday  14/11/2008 G Issue 13196
الجمعة 16 ذو القعدة 1429   العدد  13196
تعرض لتلاعب قاسٍ في سعره ووضعه الراهن يحرج الهيئة
سهم سابك يجاري أسعار النفط ويخسر 67% من قيمته خلال 10 أشهر

تقرير - د. حسن الشقطي

أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 5485 نقطة خاسرا حوالي 599 نقطة أو ما يعادل 10% من قيمته.. وقد جاءت هذه الخسائر على ذات المنوال الذي توقعه تقريرنا السابق والذي أشار إلى أن تراجع أسعار النفط يمثل المشكلة الحقيقية التي يأبى المؤشر إلا أن يستجيب لها، وخاصة مع التراجع الكبير الذي بدأت تسجله مبيعات البتروكيماويات متأثرة بحالة الركود العالمي والذي يتسبب في تراجع حاد ويومي في أسعار أسهمها.. فإذا افتقد قطاع البتروكيماويات وهجه في السوق يضطرب بالطبع الأداء الكلي للمؤشر.. وهو ما يحدث حاليا.. هذا فضلا عن التراجع الحاد في قطاع المصارف الذي شهد انتعاشا كبيرا في الأسبوع الماضي وتحدثنا عن أنه انتعاش تصريفي.. إن التوقعات لم تعد تتحدث عن هبوط اليوم أو تكهنات بهبوط غدا، بل إنها تتحدث عن قاع مخيف.. إن كافة المشكلات الصغيرة والكبيرة أصبحت تلقي بظلالها اليوم من نافذة الهبوط الحاد للمؤشر، فأطروحات علاوات إصدارها المتضخمة والتركيز على قرارات مثل تغيير وحدة تسعير السهم وغيرها، وعدم التعاطي مع أمور أخرى أكثر أهمية مثل اتخاذ كل ما من شأنه التدخل لضبط الأسعار السوقية التي أظهرت اضطرابات واسعة مؤخرا وعلى رأسها القياديات.. إن غياب الجهة الرقابية على السوق الآن عن الساحة يعطي تكهنات واسعة حول ذلك القاع الأخير الذي سيدفعها للظهور والدفاع عن السوق؟

سابك ما بين 182 و60 ريالاً خلال 10 أشهر:

من أكثر الأمور إثارة بالسوق الآن حجم الخسائر الكبيرة التي أحرزها سهم سابك خلال الأشهر العشرة الأخيرة، فقد انحدر السعر من 181.75 في 12 يناير الماضي إلى 60 ريالاً حسب إغلاق الأربعاء الماضي، أي خسر السهم ما يعادل 67% من قيمته، هذا رغم أن المؤشر لم تزد خسارته خلال هذه الفترة عن 41%. إن هذا التساؤل ينبغي أن يقدم إلى هيئة السوق لتجيب عنه وهو كيف يمكن للسهم الاستثماري الأول والأثقل في السوق أن يتحرك بهذا الشكل المضطرب خلال هذه الفترة القصيرة نسبيا؟ فمن المعروف أن صندوق الاستثمارات العامة يمتلك في هذا السهم حوالي 70% من ملكيته، ومن المعروف أيضا أن هذه الملكية لم تتغير خلال هذه الفترة، فكيف يمكن التلاعب في سعر السهم بهذه القسوة من خلال هذه النسبة الصغيرة المتبقية من الملكية (30%)؟

الخداع.. وتضخم أسعار النفط:

يبدو أن الارتفاع الصارخ لأسعار النفط خلال منتصف هذا العام قد غرر بالجميع بما فيهم بعض صانعي السياسة، حيث إنهم تركوا الأسعار السوقية لغالبية الأسهم لكي تتضخم بعد إتمام تصحيحها في بداية هذا العام.. وجاء ذلك نتيجة التفاؤل بأن أسعار النفط لن ترتد للوراء مرة ثانية، وخاصة في ظل إعلان فشل خطط الاستغناء عن نفط الشرق الأوسط وأيضا في ظل فشل المحاولات المتعددة لزيادة الناتج ووقف ارتفاع الأسعار آنذاك.. والجدول (1) يوضح أن الأسعار العالمية للنفط تكاد تتطابق مع الأسعار السوقية لسهم سابك تماما، بل إن حجم خسائرهما تقترب كثيرا عند نسبة الـ 55-59%.. وعلى ذات المنوال سار مؤشر السوق. بل إن الأمر الغريب أن سعر سابك أصبح يتزامن في حركته مع تحركات سعر النفط عند مستوى يقترب من 60 دولار-ريالا.

أسباب استمرار تفجر جراح الأزمة العالمية:

على غير وعي وبدون دراسة متأنية خاضت غالبية الحكومات الغربية في عمليات إنقاذ مستعجلة لوضع حلول عاجلة وسريعة لأزمات قطاعاتها المصرفية والاستثمارية الغارقة في بحور مديونيات مسممة.. وقد جاءت هذه التوجهات نتيجة لاضطراب الإدارة الأمريكية التي كانت تمر بمرحلة انتخابات عنيفة لنقل السلطة، وبالتالي فالإدارة كانت ضعيفة في التعاطي مع الأزمة.. لذلك، فقد توجهت لضخ سيولة هائلة في قطاعات فاشلة إداريا وإجرائيا وتنظيميا.. كالطبيب الذي يسعى لإغلاق جراح مريضه على غير نظافة تامة.. إن هذه القطاعات بها سموم عميقة وربما دماؤها مسممة، ولذلك فلا يتوقع أن تؤثر السيولة الجديدة في علاجها، بل إن هذه العلاجات ستؤثر فقط كمهدئ مؤقت.. ومن أكبر الدلائل على ذلك تواصل الإعلانات عن انهيارات بنكية جديدة في الولايات المتحدة حتى الآن رغم خطة الإنقاذ.. لذلك، فإن الأزمة العالمية لا تزال في بدايتها.. وينبغي أن يأخذ صانعو القرار المحليون بذلك، ومن ثم يبحثون بشكل أكثر تيقنا بأن الأزمة قد تستفحل، وبالتالي فإن التعاطي الجاد معها الآن أفضل من التعامل مع انعكاساتها مستقبلا. وأهم ما في هذا التعاطي هو التراجع الجديد المتوقع في سوق الأسهم.. لذلك، فينبغي إيجاد آلية تفرق بين الأسهم القديمة والجديدة في هذه الخسائر، وتفرق بين الأسهم التي تستحق الهبوط والأسهم النظيفة من التضخم.. فلا يعقل أن يكون السوق كله سيئاً!

القاع الأخير للمؤشر:

لن يتحدد القاع الأخير للسوق إلا بعد انتهاء الأزمة العالمية، والأزمة لم تصل بعد إلى مرحلة النضوج، فخلال هذا الأسبوع تم الإعلان عن انهيار وإغلاق مصرفين أمريكيين جديدين، هما مصرف (فرانكلين) بولاية تكساس و(سكيوريتي باسيفيك) في كاليفورنيا ليصل عدد المصارف المنهارة إلى 19 مصرفاً.. وإذا كان المؤشر ينحدر بهذه القوة ولا يزال هناك بوادر لحدوث ركود أكثر حدة في المستقبل، فإن ترك المجال مفتوحا لأي قاع يجعل التكهنات أكثر سوءا للمؤشر.. فالمؤشر بات قريبا من كسر مستوى الـ 5000 نقطة، وهو ما يفتح التأويل لمستويات عند 4700 نقطة يمكن أن يصل إليها خلال هذا الشهر.. من المفترض أن يكون المؤشر أكثر صلابة هذا الشهر لأن المخاطر الحقيقية التي تكتنفه ستتبلور خلال النصف الثاني من ديسمبر المقبل مع بدء الاستعداد للإعلان عن نتائج الربع الأخير للشركات والتي توقعاتها ينظر إليها ببعض الريبة. وإذ نوضح للبعض أن السوق ليس مجرد لون، ولكنه أداء ينبغي التأكد من جودته قبل لونه.

استمرار رسائل التطمين للسوق

لا يمر أسبوع إلا وتصدر رسائل تطمين جديدة من هنا أو هناك، وقد تخلل هذا الأسبوع قيام مؤسسة التأمينات بالدخول في عدد من الشركات الجديدة.. أيضا قام رؤساء بنوك الراجحي وسامبا بإعطاء تصريحات إيجابية عن سلامة المراكز المالية لبنوكهم وهما أكبر بنكين في السوق.. ولكن السوق بصدق يفتقد تطمينات أكثر أهمية له وهي تطمينات من هيئة السوق المالية التي يعد ظهورها الدفاع الوحيد القادر على خلق مسار صاعد حقيقي وإيقاف النزيف المتواصل للمؤشر.

رسائل الجوال الخادعة

مع الأزمة العالمية برزت بالسوق ظاهرة جديدة تتمثل في تزايد أعداد الشركات أو الأفراد التي ترسل رسائل جوال مجانية لعشرات الآلاف من المسجلين لديها، والجديد أن هؤلاء أصبحوا يضمون إلى سجلاتهم أي جوالات يرتبط أصحابها من قريب أو بعيد بسوق الأسهم.. تهدف هذه الرسائل إلى خلق توجهات بيع أو شراء على أسهم معينة.. إلا أن من بين هذه الرسائل من تستهدف الخداع وخاصة أنهم يمكن أن يحققوا أرباحا عالية نتيجة فروق في زمن إرسال هذه الرسائل إلى المسجلين فيها، حيث إنهم يتعمدون أحيانا على إرسال توصيات بالشراء في سهم معين عندما يرغبون في الخروج منه، والعكس فإنه يتعمدون إرسال توصيات بيع في سهم معين عندما يتجهون للدخول فيه.. أي أن المشتركين في هذه الشركات- الأفراد لا يكونون متساوين في المنفعة منها، بل إنهم ينقسمون إلى مجموعتين؛ أحدهما تتلقى التوصيات في وقتها وأخرى تتلقى التوصيات متأخرة إلى حد ما.. بل ينقسمون أحيانا إلى مجموعات تتلقى توصيات حقيقية وصادقة، ومجموعات أخرى تتلقى توصيات خادعة. وفي الغالب يتم استغلال أعداد المشتركين المجانيين ليكونوا هم أصحاب مجموعات التوصيات الخادعة.

حظر تعاملات أعضاء مجالس الإدارات والتنفيذيين:

تم الإعلان عن أن فترة الحظر للشركات التي تنتهي فترتها المالية السنوية في 31-12-2008م تبدأ من تاريخ 25-11-2008م وتنتهي بتاريخ نشر نتائجها السنوية، أي تصل فترة الحظر إلى 36 يوما مضافا إليها عدد الأيام بعد 31 ديسمبر وحتى نشر النتائج.. ولكن هل هذه الفترة كافية للربع الرابع تحديدا؟ وبشكل خاص لشركات معينة أصبح واضحا فيها احتمالات تحقيق ربح أو خسارة؟ ولنتحدث عن البنوك تحديدا التي كل عضو مجلس إدارة أو مدير تنفيذي فيها يعلم منذ الآن جيدا عن شكل وحجم نتائج أعمال البنك خلال الربع المقبل وأيضا الفترة القليلة التي تليه.. في اعتقادي أن فترة الحظر هذه المرة تبدو قصيرة وكان يجب أن تمتد للوراء إلى حد ما، حتى يضمن المتداول العادي أن حركة التداول ليس بها تداول بناء على معلومات متاحة للخاصة وغير متاحة للعامة.

* محلل اقتصادي


Hassan14369@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد