تعتبر زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله إلى منظمة الأمم المتحدة اليوم الأولى منذ مبايعته ملكا. وقدر لهذه الزيارة أن ترتبط بمبدأ إنساني كبير لو تشبث به قادة العالم السياسيون والدينيون والفكريون لأضحى عالمنا بتوفيق الله أكثر استقرارا عما هو عليه الآن، ألا وهو الحوار مع الآخر. إذ كلما اتسعت دائرة الحوار تقلصت دائرة الصراع.
وإنه من الأهمية بمكان أن يعقد مؤتمر حول مبادرة الملك عبد الله لتعزيز الحوار بين الأديان في مقر منظمة دولية تختزل حضارات العالم كلها، وفيها يقع الاختلاف والائتلاف حول مختلف القضايا التي تتقاطع عندها أمم العالم. ولذلك ليس من الغريب أن يطلب رؤساء أكثر من 65 وفدا التحدث في المؤتمر، لأنها فرصة سانحة لعرض الأفكار البناءة التي تسهم في تعزيز الحوار بين الشعوب والأديان والحضارات.
هذا المؤتمر الذي ينطلق اليوم هو تتويج لجهد كبير بذله مليكنا من أجل تدويل مبادرته، وغرسها في الضمير العالمي كي تكون هي - لا الصراع - المحرك الأول لمختلف السياسات بين الدول. فالملك عبد الله عبَّر عن مبادرته في مارس الماضي لدى استقباله المشاركين في منتدى الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي. وبين أنه عرض مبادرته على علماء الدين في المملكة، وأخذ منهم الضوء الأخضر لإطلاقها. ثم عقد بعد ذلك بأشهر وتحديدا في يونيو الماضي مؤتمرا تحضيريا بمكة المكرمة شارك فيه علماء دين من مختلف بلاد المسلمين.
وخطب الملك عبد الله فيهم مؤكدا أن الحوار مع الآخر إنما هي بالحسنى، بحثا عن نقاط الاتفاق، وأما نقاط الاختلاف، فذكّر - حفظه الله - بأن معالجتها إنما تكون وفقا لقول الله تعالى: (لكم دينكم ولي دين).
ولقد كان ذلك المؤتمر التحضيري نقطة الانطلاق نحو العاصمة الإسبانية مدريد حيث عقد في يوليو الماضي المؤتمر العالمي للحوار. وكانت مناسبة كبيرة جذبت قادة دين وفكر من أنحاء المعمورة، استثمرها خادم الحرمين الشريفين للتأكيد على أن الإسلام إنما هو دين اعتدال ووسطية وتسامح. وأنه دين يدعو إلى الحوار البناء بين أتباع الأديان.
وليس غريبا من قائد حمل على عاتقه خدمة الحرمين الشريفين أن يخدم الإسلام عبر مبادرة توضح للعالم أجمع الصورة الحقيقية للإسلام السمح، الذي ينبذ الاعتداء على الآخرين، ويدعو إلى مجادلتهم بالتي هي أحسن.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244