إذا ربطنا البيانات أصبحت معلومات وإذا اختلطت المعلومات بمعارفنا السابقة الناشئة عن خبراتها أصبحت معارف، ولذلك تجد الناس تختلف في حجم ونوعية معلوماتها ومعارفها حتى وإن أتيحت لهم نفس البيانات (رُبَ مُبلغ أوعى من ناقِل).
ولاشك أن المعلومات قوة في السلم وفي الحرب ومن أجل ذلك كانت أجهزة المباحث والاستخبارات التي يصرف عليها المليارات والتي أصبحت تستخدم أحدث التقنيات من أقمار صناعية مربوطة بأجهزة حواسب آلي عملاقة ذات أطراف متنقلة لإيصال أحدث المعلومات وأدقها في أقصر الوقت حتى أصبح الجنود في الحروب أمام نقل حي لساحة المعركة وتحركات العدو، ولقد أصبحت المعلومات المحدثة خدمات تباع بأغلى الأثمان حيث يستطيع المحللون الوصول من خلالها لتشخيص أكثر دقة لقضاياهم ومشاكلهم وأوضاعهم مما يمكنهم من وضع الحلول الناجعة التي توفر الوقت والجهد والمال، وللمعلومية فإن الوقت يترجم مالاً، وأذكر أن جهة خاصة تعاقدت مع شركة لإدارة نشاط تأخر أربعة أيام لسبب خارج عن إرادة الطرفين كانت تكلفته أربعة ملايين إضافية.
من الواضح أن البنية الأساسية للمعلومات بكافة أنواعها غير سليمة وهو ما جعل الكثير من الجهات تضع ضمن أهدافها عند تصديها لأي قضية تطوير قاعدة بيانات ومعلومات وهو ما يكلفها الكثير من المال والوقت ويؤخر برامجها التنفيذية، ولو كان لدينا مؤسسة متخصصة بالمعلومات المدنية تشتمل على سجلات لكافة سكان المملكة (الاسم، الجنس، الجنسية، العمر، الحالة الاجتماعية، المستوى التعليمي، موقع السكن، الحالة الصحية، السجل الجنائي، .... الخ) إضافة لسجلات الوحدات العقارية كافة ومن ثم يتم البناء عليها تراكمياً حتى نصل لمستوى المعلومات التفصيلية بما ذلك نوعية المشتريات والهوايات، أقول لو كان لدينا تلك المؤسسة لاستطاعت أن تؤسس بنية تحتية صلبة لقواعد بيانات ومعلومات يمكن لأي شاء أن يراع لها من خلال لوائح إجرائية معينة وبتكاليف رمزية لتغطية تكاليف تلك المؤسسة.
أعتقد أن على وزارة الاقتصاد والتخطيط العمل فوراً على تطوير مؤسسة للمعلومات المدنية تعالج الشح والنقص بل وانعدام البيانات والمعلومات لكثير من القضايا التي أصبحت عائقاً كبيراً أمام عمل الكثير من الأجهزة الحكومية ومنشآت القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، فلا يمكن أن ننافس وأن ننجز بالوقت الأمثل في ظل شح معلوماتي في زمن ثورة المعلومات التي يعاني الآخرون من وفرتها.
* * *
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7842 ثم أرسلها إلى الكود 82244
alakil@hotmail.com