في الدول النامية يتم التغيير بالأسلوب العسكري، حيث يتم التغيير بالانقلابات العسكرية، أما في الدول المتحضرة فالتغيير يتم بالأسلوب الديمقراطي، وأمس شهدت الولايات المتحدة الأمريكية انقلاباً ديمقراطياً، إذ لم يقتصر التغيير على اختيار رئيساً أسود من أصول إفريقية رئيساً لأمريكا ليكون أول أسود يدخل البيت الأبيض، بل صاحب ذلك سيطرة ديمقراطية على مجلس الشيوخ والنواب الأمريكيين، ليكون الحزب الديمقراطي مهيمناً على السلطتين التنفيذية والتشريعية، في البيت الأبيض باراك أوباما وجون بايدن، وفي الكابتول أغلبية ديمقراطية مريحة تجعل من إمكانية تغيير القوانين إمكانية متاحة، تحقق لباراك أوباما ما كان يطالب به من تغيير في السياسة الأمريكية، المحلية حيث سيعمل على تحسين أنظمة الرعاية الاجتماعية وتحسين الضرائب بحيث سيعفي أصحاب الدخول المتدنية ويرفعها على أصحاب الدخول الكبيرة، أما في السياسة الخارجية فإن أوباما سيعمل على تحسين صورة أمريكا التي ضربتها ثماني سنوات من حكم المحافظين الجدد..!!
الآن الأمريكيون يمكن القول إنهم عاقبوا جورج دبليو بوش وحزبه خصوصا المحافظين الجدد الذين دمروا صورة أمريكا الخارجية، وضربوا الاقتصاد، فاهتموا بشن الحروب وأغفلوا الاقتصاد الذي أخذ ينزف للصرف على حروب أمريكا في العراق وأفغانستان، وبدلا من أن يحسن بوش وإدارته الاقتصاد الأمريكي ويعالج العجز في الميزانية، دمر الاقتصاد العالمي، فخرب أمريكا والعالم أجمع، ولهذا فإن السيد جورج دبليو بوش وصاحبه ديك تشيني والمحافظين الجدد سيغادرون البيت الأبيض غير مأسوف عليهم.
يمكن القول إن الذي حصل يوم الثلاثاء الكبير حدث تاريخي كبير سيؤرخ في تاريخ أمريكا، فهذا اليوم سيؤكد أن الأمريكيين سواء أحببناهم أو كرهناهم بسبب أفعال إدارة بوش، شعب حضاري نبذ العنصرية واختار رجلاً أسود ليكون سيد البيت الأبيض ولم يفكروا بأن أباه قد جاء من كينيا، وأنه كان وإلى ما قبل عقود قليلة ينحدر من طبقة كانوا يعتبرون عبيد أمريكا.
في يوم الثلاثاء لم يكن في ذهن الأمريكيين إلا اختيار الأصلح والأكفأ دون النظر إلى اللون أو الأصل فاختاروا الرجل الرزين أستاذ القانون أوباما، وعززوا موقعه باختيار أعضاء مجلس الشيوخ والنواب من حزبه وجماعته مبعدين جماعة بوش وتوابعه من تشيني والعمة رايس وباقي الجماعة..!!
jaser@al-jazirah.com.sa