لعل أكثر المشاهدين العرب قد لاحظوا وهم يتابعون البرامج التلفزيونية أن بعض الشخصيات العربية التي تتم استضافتها في هذه البرامج كانوا في ظهورهم الأول كضيوف في هذه البرامج محل إعجاب كبير من المشاهدين العرب وذلك لسعة علمهم فضلاً عن مقدرتهم وتمكّنهم من إيصال هذا العلم للعامة بأسلوب سهل وبسيط.
ولكن ما إن يصبح هؤلاء الرجال نجوماً إلا وتبادر بعض المحطات المنافسة إلى اختطاف هؤلاء الرجال وزجهم في برامج مختلفة محاولة منها لاستغلال هذه النجومية بكل وسيلة ممكنة فما ترى الواحد من هؤلاء الرجال الأفاضل إلا وقد أصبح يخرج مرة من هذه الفضائية وهو مذيع يحاور آخرين، وفي مرة أخرى يخرج في محطة أخرى وهو يتحدث إلى المشاهدين بشكل مباشر.. وهكذا الحال يظهر في أكثر من برنامج بأكثر من دور، ومع كثرة الظهور في هذه البرامج سرعان ما يذهب ذلك الوهج والبريق الذي صاحب ظهور البدايات. فما السر في ذلك؟
أعتقد أن جواب ذلك يعود إلى أن هؤلاء الرجال خرجوا من ميدان يجيدونه ويعرفون الإبحار فيه إلى ميدان آخر لا يعرفونه ولا يعرفون طرقه ولا مسالكه، لقد خرجوا من مكان مألوف ومعروف لهم جيداً إلى مكان آخر مجهول وغير معروف، وبتعدد الأدوار التي يقوم بها هؤلاء الرجال في مجالات لا يعرفونها يقع الخطأ، فحينما يفقد الواحد منا قدرة التمييز بين ما يعلم وما لا يعلم وبين ما يستطيع وما لا يستطيع يحدث الإخفاق.
هؤلاء الرجال الأفاضل كانوا نجوماً مميزين ومبدعين حينما كانوا يؤدون الدور الذي يجيدونه كضيوف محترمين يقدمون علمهم وأدبهم وفكرهم عبر حوار ممتع ورائع يديره مذيعون محترفون يفهمون مهنتهم وصنعتهم كما يجب، ويأتي الحوار بالتالي لافتاً لانتباه المشاهدين، حيث الضيف والمذيع كل منهما يعمل في مجاله وتخصصه.
* مستشار إعلامي
malmadi777@yahoo.com