أكتب هذا الكلام بعد يومين من قرار الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إنشاء مستشفى تخصصي ضخم للأطفال في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني في الرياض، وأمنيتي وأملي أن يضم مركزا لأطفال اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، فقد أفزعتني الدكتورة سعاد اليماني (استشارية أمراض المخ والأعصاب عند الأطفال ورئيسة مجموعة دعم فرط الحركة وتشتت الانتباه في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض) عندما علمت منها أن أكثر من (15%) من الأطفال السعوديين يعانون من هذا الاضطراب، بينما هم في أمريكا (9%) وأفزعتني أكثر عندما أخبرتني، أن المصابين به أكثر عرضة من غيرهم للحوادث، فضلا عن ارتكابهم المخالفات المرورية، بالإضافة إلى أن (60%) منهم يعانون من اضطرابات النوم، موضحة أن الدراسات كشفت عن أن (33%) منهم معرضون لتعاطي المخدرات أكثر من غيرهم، و(25%) من السجناء مصابون بهذا الاضطراب، و(65%) من أطفال هذا الاضطراب يعانون من انخفاض قدراتهم العقلية، والأكاديمية، وعدم تعلمهم من أخطائهم.
هذه الحقائق لا ينبغي أن تغيب عن أذهان المخططين لشؤون الأطفال، فهم أحباب الله، وزينة الحياة الدنيا، وصانعو المستقبل، وقادة المجتمع، ومن حقهم أن ينالوا رعاية وعناية صحية، بوصفهما حقا من حقوقهم الإنسانية الأساسية، يترتب عليه إن لم ينالوها: عجزهم عن التحكم في بعض تصرفاتهم، وعدم قدرتهم على التركيز، واندفاعهم، وتعجلهم في تصرفاتهم، مما يؤثر على أدائهم، ونمو مهاراتهم في حياتهم المنزلية، والمدرسية، والاجتماعية. والمدرسية، والاجتماعية، ولعل الاطلاع على بحث الطبيب السعودي عمر إبراهيم المديفر (استشاري طب أطفال ومراهقين وعلاج أسري ورئيس قسم الصحة النفسية في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني بالرياض) يلمس تحذيره من نمو هذا الاضطراب بين أطفال المجتمع السعودي، لن تأثيراته تعود على الطفل والأسرة معا، وتقود بالتالي إلى: الفشل الاجتماعي، والفشل العلمي، وتعرضه لإصابات جسدية كثيرة، وتدني ثقته بنفسه، إلى جانب تناول المخدرات والمشكلات المصاحبة لها.
إذاً الأطفال السعوديون المصابون بهذا الاضطراب، ينبغي أن تجند لهم الإمكانات كافة، وأقترح إنشاء هيئة عليا لرعايتهم، برئاسة خادم الحرمين الشريفين أو سمو ولي العهد تضع إستراتيجية من شأنها مكافحة اضطراب فرط حركتهم وتشتت انتباههم، تضم وزارات: الثقافة والإعلام، والصحة، والمالية، والتربية والتعليم، والتخطيط، والشؤون الاجتماعية، على أن توضع لها خطط، وبرامج، وآليات مدروسة، وترصد لها أموال (ميزانية) مجزية وكافية، للإنفاق منها على خطط اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، فضلا عن تقديم برامج إعلامية وثقافية، مشتركة بين وزارة الصحة، والمؤسسات الإعلامية، لنشر ثقافة هذا الاضطراب، والتوعية بأخطاره على المجتمع كافة وبخاصة المرأة، لارتباطه بأوضاعها الصحية أثناء الحمل، ورصد الأموال اللازمة لتمويل هذه البرامج، وهو ما دعوت إليه في محاضرتي التي ألقيتها في فعاليات المؤتمر التربوي لمجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه المنعقد في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض يوم الاثنين 28 شوال 1429هـ (27 أكتوبر - تشرين الأول 2008م).
فاكس: 4543856