تؤكد استطلاعات الرأي في أمريكا أن المرشح الديمقراطي للرئاسة باراك أوباما متقدم على منافسه الجمهوري بفارق لا يقل عن خمس نقاط. فهل ستتحقق هذه التوقعات يوم الثلاثاء القادم الرابع من نوفمبر عندما يتوجه الناخبون لصناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم القادم؟ أم أن أمريكا والعالم على موعد مع مفاجأة سيأتي بها ما يسمى ب(عامل برادلي)؟!.
وقبل الحديث عن هذا العامل نذكر قصتين لهما دلالة في هذا السياق، القصة الأولى حدثت عام 1936م، عندما كانت الاستطلاعات متواضعة في تقنياتها، إذ أجرت مؤسسة مرموقة في مجالها وهي (ليتيراري دايجست) دراسة استطلاعية كبيرة أكدت أن الجمهوري آلف لاندون سوف يهزم بسهولة الرئيس فرانكلن روزفلت وهو في الحكم، إلا أن روزفلت فاز بأغلبية ساحقة.
القصة الثانية حدثت قبل أشهر فقط، ففي المنافسة بين أوباما وهيلاري كلينتون على اختيار الديمقراطيين لمرشحهم للرئاسة كان أوباما متقدماً بفارق 13 نقطة في نيو هامبشاير وفقاً لاستطلاعات الرأي، ومع ذلك فازت كلينتون بفارق ثلاث نقاط.
وهذا يعني أن المفاجآت واردة، ولذلك ظل أوباما يحث مؤيديه وحملته على الاستمرار في دعمه دون فتور وألا يركنوا إلى نتائج الاستطلاعات. ويبدو أن أوباما يخشى من (عامل برادلي) الذي يذكر بقصة انتخابية ظلت محفورة في تاريخ الانتخابات الأمريكية. فقبل 26 عاماً وفي المنافسة على منصب حاكم كاليفورنيا عام 1982، كان المرشح الأميركي -من أصل إفريقي- توم برادلي، عمدة مدينة لوس أنجليس حينئذ متقدماً على منافسه -الأبيض- جورج دوكمجيان بعشر نقاط مئوية حسب استطلاعات الرأي، وظلت وسائل الإعلام تردد أن فوز برادلي كان حتمياً، وعلى الرغم من ذلك فاز دوكمجيان بفارق 1.2 نقطة! لقد كانت مفاجأة بالنسبة لخبراء الاستطلاعات ودراسات الإعلام والرأي العام وخبراء السياسة وغيرهم من المتابعين. وقاموا بدراسة أسباب اختلاف النتيجة عما توقعته استطلاعات الرأي، ووصلوا إلى ما أسموه لاحقاً (عامل برادلي)، وهو أن الأمريكيين البيض يخجلون من اعترافهم بأنهم لا يصوتون لمرشح أسود ولذلك فهم يكذبون في الاستطلاعات، في حين أن موقفهم يظهر على حقيقته في صناديق الاقتراع! وهذه كانت ظاهرة متكررة في عدد من الانتخابات المحلية في الثمانينيات وأوائل التسعينيات.
ولكن يبقى ثمة أمور لابد من ذكرها، وهي أن تقنيات الاستطلاعات اليوم أدق بكثير عن ذي قبل، وتسعى المؤسسات المسؤولة عنها إلى تطوير تقنياتها بما يجعل نتائجها أكثر مطابقة للواقع.
الأمر الثاني، أن الشعب الأمريكي يبحث عن التغيير أياً كان شكل هذا التغيير، حتى ولو أدى إلى وصول أول أسود في تاريخ أمريكا للبيت الأبيض. ثالثاً، استطاعت حملة أوباما أن تحشد الناخبين السود وغيرهم من المتعاطفين كالجاليات العربية والملونة للاهتمام بالانتخابات، ومن ثم المشاركة.. فمع هذه الأمور وغيرها، هل سيصبح (عامل برادلي) جزءاً من الماضي وحسب أم أنه سيحدد المستقبل أيضاً؟!
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244