Al Jazirah NewsPaper Sunday  02/11/2008 G Issue 13184
الأحد 04 ذو القعدة 1429   العدد  13184
الاستثمار المؤسسي الحل من رحم الأزمة
محمد سليمان العنقري

يعاني سوق المال السعودي من غياب الاستثمار المؤسسي بمفهومه العلمي نتيجة تغلب استثمارات الأفراد بشكل يفوق 90 بالمائة بحسب احصاءات هيئة سوق المال التي تنشر شهريا ورغم أن هناك مستثمرين أفراداً بحجم مؤسسات إلا أن الطابع العام على تحركاتهم بالسوق يبقى فردياً وبانهيار السوق الأخير بشكل قاس جداً وصل المؤشر والأسعار فيه إلى مستويات عام 2004 وعادت أسعار الكثير من الشركات إلى مستويات 2003 بفعل عوامل الخوف الطاغية على التعاملات وضبابية الرؤية المستقبلية أمام المتعاملين نتيجة غياب المعلومات والشفافية المفقودة جعلت الكثيرين يطالبون بتدخل رسمي مباشر لدعم السوق وتخليصه من الضغط غير المحتمل والتقلبات الحادة ورغم أن مؤسسة التقاعد رفعت من استثماراتها بالسوق عبر زيادة حصصها أو الدخول بشركات جديدة إلا أنها لم تعلن ذلك رسمياً رغم أنه ظهر بقوائم كبار الملاك حيث يتم الإعلان عن أي نسبة تملك تزيد عن 5 بالمائة لكن تبقى لمؤسستي التقاعد والتأمينات حساباتهم الخاصة بعملية التوجه للاستثمار نظرا لحساسية الأموال التي يديرونها كونها تؤمن رواتب المتقاعدين.

وتبدو جهود هيئة سوق المال لدعم الاستثمار المؤسسي عبر ترخيصها لعشرات المؤسسات الاستثمارية ومنحها تراخيص إنشاء صناديق تصطدم بواقع شح السيولة التي تتدفق لها نتيجة عدم الثقة المتأصلة عند عموم المستثمرين بأداء هذه الصناديق بعد انهيار فبراير 2006 حيث لم يستطع أي صندوق تعويض خسائره إلى الآن ومع زيادة تقلبات السوق والنزف المستمر فيه ستتأثر هذه الصناديق أكثر نظراً للطريقة الكلاسيكية المتبعة ببناء محافظها حيث تركز على شركات كبرى بنسبة عالية ومع عدم وجود أدوات وتنوع يساندها بتوازن حركتها قد نشاهد بالمستقبل القريب بداية سحوبات من أصول هذه الصناديق لصالح المستثمرين تخوفاً على أموالهم مما يعني زيادة الضغط على السوق وإضعاف لدورها المستقبلي أكثر مع خروج سيولة منها.

ويبدو أن الوقت قد حان لأن يكون ضخ أي استثمارات حكومية لأموال بالسوق عبر هذه الصناديق وفق آليات يتم فيها اختيار أفضل الصناديق وأكبرها حجماً وأقدمها من حيث العمل وأيضاً متنوعة ما بين متخصصة بقطاعات معينة أو عامة حتى يكون هناك توازن في الدعم.

إن الفائدة المرجوة من هذه الفكرة هي دعم الصناديق بسيولة عالية تجعل منها صانعاً حقيقياً بالسوق خصوصا أن انخفاض الأسعار سيساعدها على تملك حصص مؤثرة بأكبر الشركات كما سيلعب العامل النفسي عند عموم المتداولين دوره بتوجه الكثير للاستثمار عبر الصناديق التي تستثمر من خلالها الحكومة نظير ثقتهم بنجاح هذا التوجه وللغريزة البشرية وهي أن تكون مع القوي دائما كما وتستطيع الجهة الرسمية التي تتولى عملية الاستثمار الانسحاب من هذه الصناديق خلال السنوات القادمة محققة أرباحا ومخلفة صناديق قوية ومساهمة بشكل رئيسي بزيادة حصة الاستثمار المؤسسي الذي سيساعد على لعب دور صانع السوق وعامل التوازن بحركته كما سيدعم هذا التوجه الصناديق الصغيرة, حيث ستتحسن الأسعار لينعكس على أدائها وبالتالي سيغري المستثمرين بالدخول فيها تبعاً لادائها.

إن الاستثمار الحكومي عبر الصناديق يشكل حلاً مستقبلياً, وفي ظل الأزمة التي يعيشها السوق حالياً تبرز الحاجة لحلول جذرية حتى يعكس السوق المالي واقع قوة الاقتصاد السعودي ومتانته, فاليوم أصبحنا مطلباً لأن نكون بجانب الثمانية الكبار كقوة مؤثرة بصناعة القرار الاقتصادي العالمي.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد