كتبت في مطلع الصيف الماضي حول الانتخابات التي تنظمها الغرفة التجارية بالرياض لانتخاب مجلس إدارتها التي تتاح لأول مرة للمرأة، والتي كنت أرى وقتها بأنها فرصة ذهبية للمرأة التاجرة أن تؤسس لها حضورا حول طاولة وداخل مكان لطالما ظل يسيطر ويطغى عليه الحضور الذكوري فمعنى أن تحتل المرأة مقعدا في مجلس الإدارة يصبح هذا الأمر تأسيسا لصوت ومشاركة في قرار، ولاسيما أن هناك قائمة طويلة من المعوقات التي تترصد بالمرأة في ميدان التجارة والأعمال يقلص من نشاطها وفاعليتها وقدرتها على التحرك بشكل إيجابي ومنتج.
ولعل تجارب المرأة في الغرفة التجارية للمنطقة الغربية والشرقية هي أكبر محفز على أن تخوض المرأة انتخابات بروح قوية وطموحة، وأيضا واعية جسامة المسؤولية.
والأمر هنا الذي ننطلق منه ونؤسس عليه في طروحات المشاركة النسائية بأن المرأة لن يكون لها حضور فاعل ومنتج مثمر، ويعرض المعوقات التي تترصد بأعمالها ويتلمس لها الحلول، دون أن يكون لها مشاركة قوية في صناعة القرار، والاقتراب من دوائر صناعته.
ومالم يتح لها حضور رسمي معترف بها لصوتها فإنها بالتأكيد ستظل على هامش المجلس التجاري، وتتقهقر إلى مواقع أخواتها في بقية دوائر العمل المحلية عندما يتحولن إلى سكرتاريا تنفيذية تنفذ ما يصل لها من القرارات الفوقية بصورة مقلصة لطموحاتها وقدراتها وفاعليتها.
إن أي انتخابات تشارك فيها المرأة (فقط تشارك) إنما تخطو خطوة إلى الأمام وتؤصل لنفسها حضورا إيجابيا قادرا على الاستجابة لمتطلبات المرحلة.
وكم آسفني وآسف الكثيرات غيري وأن يحل موعد الانتخابات في الغرفة التجارية وسيدات الأعمال لم يستطعن أن يكوّن تكتلات واضحة المعالم، أو يجهزن قوائم انتخابية تستطيع أن تدخل الانتخابات بقلب جسور مستجيب للآلية التي تقوم عليها الانتخابات.
بينما من ناحية أخرى نجد أ التجار في القسم الرجالي قد نظموا أنفسهم باكرا وأعدوا قوائمهم الانتخابية وتكتلاتهم التي كان يعلوها كلمة ممنوع دخول النساء (مع الأسف)ولن نستغرب هذا الموقف الأناني البعيد عن الوعي من تجار الرياض، فالمناخ العام غير ودود مع مشاركة النساء في أي مجال، مع غياب أي تجربة أو حضور نسائي واضح وفاعل يشير لهم إلى العكس، وإلى إيجابية حضور ومشاركة النساء.
ومع تواري وانزواء وانسحاب الكثيرات من سيدات الأعمال عن المشاركة، فإننا نبتهج بترشيحات كل من الأستاذة هدى الجريسي، والدكتورة آمال بدر الدين، والأستاذة باسمة سعد الدين، وهن أن ترشحن بصورة مستقلة، ولكن نرجو من النساء والسيدات أن يدعمن حضور المرأة وينضوين تحت سقف وطموح موحد، وينظمن أوراقهن حتى لو في اللحظات الأخيرة.
ويبقى من هذا كله أنها تجربة أولى لها إيجابياتها وسلبياتها، ولكن مجرد حضور المرأة ومشاركتها (بصوت أو ترشيح) يثري تجربتها ويرسخها للمستقبل، وهو بالتأكيد تمهيد لطريق القادمات وفتح لأبواب لطالما ظلت مغلقة في وجوه النساء.