يحكى أن سائقا كان يقود سيارته بهدوء في أحد الطرق المزدوجة كثيرة المنحنيات وفجأة ظهرت أمامه سيارة مسرعة في مساره وبالكاد استطاع أن يتفادها بصعوبة لكن حينما حاذاه صاحب السيارة المسرعة فتح زجاج السيارة وصرخ بأعلى صوته خنزير..!
غضب الرجل وانتفخت أوداجه واحمر أنفه من تلك الكلمة القبيحة ونعت ذلك الرجل له بأقبح الصفات ولولا أن الرجل قد تجاوز المكان لكان لحق به وأدبه! وبعد أن تجاوز المنحنى وإذ به يتفاجأ بخنزير ضخم ميت في وسط الطريق واصطدم به!
فالصورة الذهنية عند هذا الشخص عندما سمع كلمة خنزير فسرها على أنها شتم له بينما كان الشخص الآخر يقصد بذلك تنبيه الرجل ولفت نظره إلى ذلك الخنزير ولكنه لم يستوعب هذه الصورة فكانت النتيجة أنه شتم ذلك الرجل واصطدم بذلك الخنزير وهذا ما يسمى بالبرادايم (paradigm).
ما هو البرادايم؟؟
هي كلمة ذات أصل يوناني تعني مثالا أو نمطا أو نموذجا وهي الطريقة التي ندرك بها العالم أو هي مجموعة من الافتراضات مهمتها رسم الحدود التي يسير داخلها الإنسان وتحديد تصرفه في المواقف المختلفة ويمكن تعريف البرادايم بأنه نظارة العقل.. أو هو نظام التفكير عند الإنسان والعدسات التي يرى من خلالها الحياة...
كيف يتشكل البرادايم؟
عندما يسير الناس بسياراتهم في طريق سريع تزدان على جوانبه بالشجيرات والورود الجميلة فقد لا يرى بعضهم هذه الورود لأنه يسير بسرعة كبيرة وقد لا يراها آخرون لانشغال أذهانهم بحدث أو مشكلة أو ببرنامج إذاعي ممتع.. وقد يرى البعض الورد ويعجب به.. وهناك من يتمنى زراعة المزيد منه أو إضافة أنواع أخرى..
وفئة أخرى من الناس تتمنى لو أتيحت لها الفرصة للتوقف والتجول بين هذه الأزهار واستنشاق عطورها ووصف جمالها.. وربما جادت قريحتهم بأبيات شعر رائعة تتغزل بالورد وجماله.. وقد يراها البعض مصدراً للعطور بينما يراها آخرون مصدراً للمبيدات الحشرية.
وهناك فئة أخرى تفكر في الشركة المسئولة عن زراعة الورود وتخضير المنطقة ومدى استفادتها المالية من المشروع وهل تستحقه فعلاً أم أنها حصلت عليه بطرق غير مشروعة.. وهكذا..
فلكل إنسان صورته الخاصة (برادايم خاص به) يرى به الطريق والورد.. وكل شيء يمر به في الحياة..
وإذا رأى الإنسان شيئا جديداً فسوف يتعجب ويتوقف.. ولكنه سيبدأ بفتح ملف خاص بهذا الشيء الجديد ومن ثم يكون صورة جديدة حوله.
البرادايم الإيجابي والسلبي:
من الضروري أن يستخدم الشخص البرادايم الخاص به بصورة إيجابية وذلك بتغير إطار الإدراك بحيث يجعل إطار إدراكه للأمور دوماً إيجابياً وذلك سيغير من نظرته للموقف ومن ثم حكمه وتقييمه له وبالتالي سيغير سلوكه فأي حقيقة تواجهنا ليس لها نفس الأهمية كأهمية تصرفنا تجاهها لأن تصرفنا هو الذي يحدد نجاحنا أو فشلنا.
وعندما يظن الإنسان أنه لا يستطيع القيام بأمر ما فإنه لا يستطيع ذلك حتى لو كان قادراً في الحقيقة على أدائه.. ولذلك فإن نجاح الإنسان أو فشله بحسب نظام تفكيره.. وقد تكون الفرص أمامه ولكنه لا يراها لأنه لم يلبس العدسة المناسبة.... فكم قضى وهم البرادايم على أشخاص وعلى شركات وأسر بل ومجتمعات!!
مقترحات لتكوين (برادايم) إيجابي جديد:
1- أن تقبل احتمال الخطأ أو عدم صحة رأيك في أي موضوع.
2- أن تفكر وفقا لمعايير أو نظم جديدة أو مختلفة.
3- راجع منظومة القيم (عندك).
4- اعرف نمطك في البرادايم.
5- اطرح وأنصت للأفكار السخيفة Tom Peterص.
6- استمتع بالمرح واستمتع بالخيال.
7- نوّع (أو غيّر) مصادر معلوماتك.
8- جرب أطباقاً جديدة.. مثل من لم يسبق له أن أكل الباذنجان.
9- اعرف أن هناك أكثر من إجابة واحدة (صحيحة) للسؤال الواحد.. أحيانا على الأقل.
10- غيّر نوع مجالسك اطلع على محطات إعلامية لم يسبق لك أن شاهدتها - تلفاز - إذاعة - صحافة..).
11- تفادى التعميم فهو صندوق البرادايم القاتل ومن يتصور أن الناس أغبياء وهو الذكي فالعكس صحيح.