هم عماد الأمة، ورجال المستقبل، وأبطال الميدان، عليهم عُلقت الآمال، وإليهم اتجهت الأنظار، فيا ترى ما حال شبابنا اليوم؟ هل جرتهم العواطف أو أخذتهم الأحداث؟ هل هم ينظرون بعين الاعتدال والاتزان أم لا؟!
إني أخاطب الشباب وليس كل الشباب، وإنما أعني الشباب الملتزم.. كذا نسميه.
إخواني الشباب كيف حرصكم على الأوقات؟ وكيف أنتم مع العبادات؟ هل ما زلتم تبكرون للصلوات كما كنتم، وكيف حضوركم للجمعة، هل تتقدمون أم تتأخرون؟ أيها الشباب هل ما زلتم تدرسون وتُدرسون في حلقات تحفيظ القرآن أم تركتموها؟ ما مدى بركم بوالديكم؟ ماذا عن الأقارب وصلتهم؟ هل ما زلتم تحفظون من القرآن أم نسيتم ما حفظتم؟ هل أثرت فيكم الأحداث، وغيرتكم النوازل التي تمر بها أمتنا؟.
يا شباب اليوم ويا رجال الغد، أنتم اليوم في أحسن حال، الشباب من حولكم يتخطفون:
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِنًا...) (سورة العنكبوت 67). الشباب غيركم يُضطهدون في العراق وأفغانستان وفلسطين، وفي غيرهن يفتنون. غيركم ينقصه المال، وآخر الصحة، وثالث الأمن وهلم جراً. لا تستسلموا للأحداث ولا تضعفوا للشهوات. احفظوا السمع والبصر والفؤاد كما كنتم. تسابقوا للقرآن وحلقاته. اتركوا الجدل والخوض فيما لا يعنيكم. حكموا عقولكم واتركوا العواطف للنساء والأطفال. تراحموا بينكم وارحموا غيركم. لا تغتروا بقوة الشباب وسلامة الأبدان واعلموا أن الله يقول: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ}(سورة الروم 54).
عليكم بالاعتدال في الحب والكره حتى مع عدوكم {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} (سورة المائدة 2)، اعتدلوا في القول والعمل والأخذ والإعطاء {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} (سورة الفرقان 67)، {وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً} (سورة الإسراء 29)،
وحتى في العبادة (أصوم وأفطر). احذروا الإفراط والتفريط، لا تثقلوا على أنفسكم في العبادة (فوالله لن يمل الله حتى تملوا). اعتدلوا في محبة الأشخاص أياً كانوا (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد). دعوا التعصب لفلان من الناس، وتعصبوا لسيد المرسلين. اقبلوا الحق ممن جاء به. قدموا النص على العقل. فكروا بعقولكم ولا تعيروها أحداً. خذوا الفتوى من العلماء الراسخين كآل الشيخ والفوزان، والغديان وغيرهم، ممن رسخت أقدامهم وتقدمت أعمارهم وشابوا في الإسلام. استفيدوا من الماضي وما جرى فيه، وانتفعوا من الأحداث وما حدثت فيه. واحذروا البدعة ولو صغرت في أعينكم، وافعلوا السنة ولو شقت عليكم. أحبوا في الله وأبغضوا في الله.
أيها الشباب الملتزم، احذروا النفاق والرياء والعجب والكبر والحسد، وسوء الظن، وإياكم ثم إياكم من الظلم كتابةً أو إملاءً أو نشراً أو توزيعاً. احذروا الغيبة والنميمة والبهتان واعلموا أنكم مسؤولون.
احفظوا أوقاتكم لا تضيعوها بالذهاب والإياب، والاستراحات والرحلات، فالعمر قصير والموت قريب. قدموا الأرحام على من تحبون من الأصدقاء. لا تستسلموا لشياطين الجن والإنس، ولا تغرنكم القنوات، واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله. إن أسأتم فتوبوا، وإن أخطأتم فأنيبوا، وإياكم والاستمرار على الخطأ، ولا تغتروا بأعمالكم مهما كثرت، واعلموا أن العبرة بنهاية المطاف وليس بما أنتم عليه الآن.
أسأل الله أن يحسن لي ولكم الخاتمة.. وإلى اللقاء.
* المجمعة