Al Jazirah NewsPaper Friday  24/10/2008 G Issue 13175
الجمعة 25 شوال 1429   العدد  13175
إرهابيون لابواكي لهم!
سعد بن عبدالقادر القويعي

عانت المملكة العربية السعودية من الإرهاب أكثر من أي دولة أخرى لا سيما في السنوات الخمس الماضية، استحضرنا خلالها ذكريات مؤلمة بسبب ضخامة تلك العمليات ودقتها، التي استهدفت المجتمع السعودي في منهجه وثوابته واقتصاده ونمط حياته، راح ضحيتها عدد كبير من الأبرياء الذين سكبت دماؤهم، سواء كانوا من رجال الأمن، أو من المواطنين والمقيمين نتيجة خلل في التفكير، واضطراب في المنهج وغياب للهدف.

صحيح أن الإرهاب قضية عانت منها دول العالم بلا استثناء - بين مقل ومستكثر - إلا أن الأكيد أن السعودية نجحت في حربها على الإرهاب وقد تمكنت من تجفيف منابعه، وتعاملت مع الإرهابيين بحزم وقوة، بعد أن استنفد ولاة الأمر جميع الحلول بدءاً من الحزم مع الإرهابيين وضربها بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد ومروراً بمبادرة العفو الملكي التي أطلقها - خادم الحرمين الشريفين - الملك عبدالله في عام 2004م، للمنتمين إلى الفئة الضالة باغتنام الفرصة والرجوع عن الخطأ وتسليم أنفسهم مقابل أن يشمل العفو الحق العام الذي عليهم، وانتهاء باستخدام السعودية برامج الوقاية، من أجل تثقيف الرأي العام حول الفهم المتطرف للإسلام وتوفير البدائل لهذا المنهج، وهو ما امتدحته دراسة أمريكية حول استراتيجية المملكة في مكافحة الإرهاب، معتبرة أن نتائجها الإيجابية دفعت الآخرين في المنطقة بمن فيهم القوات الأمريكية في العراق، حيث يقول (كريستوفر بوسيك) من معهد (كارنيجي) للسلام في الدراسة التي نشرت: (إن فهم الاستراتيجية السعودية التي تعتمد على ثلاثة مقومات: الوقاية، وإعادة التأهيل، وبرامج ما بعد العناية، سيكون مهماً جداً في الحرب ضد التطرف.

وأشارت الدراسة إلى أن كثر من ثلاثة آلاف سجين شاركوا في حملة إعادة التأهيل في المملكة، التي تهدف إلى معالجة العوامل التي تسهل التطرف، ومنع المزيد من حالات التأثر به.

إن الرسالة السامية التي نستخلصها بعد كشف تلك الخيوط الإرهابية، وإحالتهم إلى القضاء الشرعي، هو: فتح باب العدالة على مصراعيه، وفق كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لا سيما وأن المتهم قد حفظت حقوقه، وتوافرت له جميع الضمانات القضائية، من خلال منظومة متكاملة من الأنظمة والقوانين، والإجراءات المتبعة في السعودية، والذي يحتوي على (222) مادة.

بقي أن أقول: إن الإرهاب فكر، بمعنى أنه منتج يحتاج إلى علاج فكري، وقد كان المحققون من أهل العلم - رحمهم الله - يرون: أن تغيير المنكر بإزالة أصله أجدى من تغيير عينه، أي أنه إذا كان دفع العنف بمعاقبة مرتكبيه مجديا ونافعا فإن دفعه بإزالة أسبابه أجدى وأنفع، لأن إزالة عينه ومعاقبة فاعليه لا يضمن عدم تجدده في أعيان جديدة أو من خلال فاعلين آخرين، لكن في إزالة أصله بإزالة أسبابه حسماً كلياً له.



drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد