Al Jazirah NewsPaper Tuesday  21/10/2008 G Issue 13172
الثلاثاء 22 شوال 1429   العدد  13172
هذرلوجيا
ابن سميان - هكذا الرجال
سليمان الفليح

تماماً كما يحصل في الروايات العالمية والأفلام الرصينة والقصص الشفاهية التي يتناقلها أهل الحاضرة والبادية على حد سواء. أقول تماماً كيما يحدث في ذلك كله انحدر الفتى (عقلا) باتجاه المدينة وهو يلقي عصا الترحال خلفه بعد أن أحفاه الكدح خلف الإبل وأعراه الزمان وأضمره الفقر ولربما حتى الجوع الذي لا يعرف رأفة بالمرء، ثم شمّر الفتى عن ساعديه الأسمرين المعروفين وبجبهة عالية ترنو دائما للشمس وأخذ يعمل طوال يومه وجل نهاره مهما تنوعت وتعددت أو صُغرت أو كبرت الأعمال غير متأفف من أي عمل يأتيه بالرزق الحلال ومن عرق الجبين.

***

كان ذلك أيام الفقر والسنين العجاف التي ألمت بأهل البادية وألجأتهم مرغمين إلى الأعمال الصغرى على حواف المدن، وكان أن حط هذا الفتى (العنزي) رحالة في قرية (حفر الباطن) -التي أصبحت اليوم إحدى المحافظات الزاهرة والمزدهرة وبالطبع كان هذا الفتى الكريم يبسط يده البيضاء لكل محتاج ويمدها إلى كل فقير من أبناء قبيلته التي أصبحت تتقاطر للمؤن بعد أن طوت بيوت الشعر وخيام الترحال وكان الرجل يولم بسخاء هائل ويأوي كل محتاج أو باحث عن الرزق الحلال، وهكذا شاع صيته بالكرم والإيثار والبذل الذي لا يتواءم مع مدخوله المتواضع من جراء الأعمال، الأمر الذي أرهقه بالديون والباحثين عن السداد فأصبح كلما تواجد في مكان تواجد دائنينه لذلك قرر الهجرة إلى الجنوب من الوطن ليعمل كي يسدد الديون المتراكمة. ولأن (الكريم معُان) دوماً فقد أعانه الله وأخذ يكسب الكثير واتسعت أعماله وازدهرت ثروته، لكنه لم ينسَ فقراء قبيلته ومحتاجي معارفه لذلك كان يرسل لكل أسرة فقيرة كفاية حاجتها ولربما أكثر أو على الأقل ما يعينها على أعباء الحياة الضنكة وبالطبع كان مصدر الإحسان مجهولاً لأنه كان يأتي باسم (فاعل خير) إلى أن كشف الناس أمره وأصبحوا يدعون له بالخير ويذكرونه بالكرم الحقيقي الذي هو لوجه الله فقط، ثم أصبح يساعد المديون ويدعم المحتاج ويُعتق لوجه الله ومن جيبه الخاص كل محكوم يقبل ذووه بالدية، وأصبح اسم (عقلا بن سميان) يتردد على كل شفة ولسان سواء كان من أهل الجنوب أو أهل الشمال. ولعل أكبر وأعظم مواقفه التي يحتسبها عند رب العالمين هو مساعدته للجاليات الفقيرة ويحل مشاكلها المالية ويقيم لها الولائم في المناسبات وكان يدعوها بطريقة لا مباشرة إلى إشهار الإسلام وحسية هذا العمل الجليل الذي يفوق كل الأعمال.

يبقى القول أخيراً وكما يفعل وفعل بن سميان ولوجه الله فقط هاأنا أُشيد به لوجه الله فقط لا راجياً ولا مُجيراً ولا مُحابياً ولا محتاجاً بحمد الله، ولا يملكني إلا أن أقول (كثر الله من أمثالك يا ابن سميان لأنك فخر للانسانية جمعاء وليس لوطنك فحسب.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7555 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد