يجب أن نعترف بدايةً أن المذهب الحنبلي يجنح إلى التشدد في بعض القضايا مقارنة بالمذاهب الأخرى، وعلماؤنا في المملكة جزاهم الله خيراً لا يرغبون في تغيير ما درج عليه الناس وإن كان صحيحاً خوفاً من البلبلة والتفرق.
دعوني أضرب مثالاً على ما أقول، فقبل سنوات أعفي أحد أئمة الجوامع (ولي علاقة شخصية معه) من الإمامة لمجرد أنه قدم الخطبة على صلاة العيد، وكان المصلون قد قاموا حين دخل الإمام - جرياً على العادة والسنة - فأمر بقعودهم وفق السنة أيضاً، وكان من بينهم الأعيان والمسؤولين، الذين لم يعتادوا هذه السنة الجديدة عليهم!
كثير من السنن والسلوكيات التي لم ندرسها ولم نعرف عنها شيئاً وجدناها معروفة في كل البلدان الإسلامية، بل ومألوفة أيضاً مما شكل لدينا قناعة على مر الأيام أن الدين الإسلامي ليس كل ما درسناه وسمعناه من علمائنا فقط. وهذا خلق عندنا ازدواجية في فهم كثير من النصوص الشرعية بحسب ما وصلت إلينا، بحيث نتفاجأ بفتوى من أحد الأقطار الإسلامية المجاورة نقف أمامها حائرين ننظر إلى من أفتى وننظر إلى علمائنا الذين يقولون فيما بعد أنه يجوز ولكن.. الدكتورة أمينة ودود ألقت خطبة الجمعة مؤخراً في مستهل مؤتمر عن الإسلام والمرأة أقيم في كلية ولفسون بجامعة أكسفورد في بريطانيا، والدكتورة أمينة أستاذة الدراسات الإسلامية بجامعة فيرجينيا كومونولث الأمريكية، وقد اعتنقت الإسلام قبل ثلاثين عاماً، وتبلغ حالياً من العمر 56 عاماً، وكأستاذة للدراسات الإسلامية من المؤكد أنها تستند إلى أدلة شرعية حيث قالت لصحيفة (غارديان) في عددها ليوم السبت الموافق 18 أكتوبر 2008م :
(لا شيء في القرآن ولا في الحديث يمنعني من القيام بذلك، والرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - قام بهذا الأمر بنفسه في عصره؛ حيث عين امرأة لأداء صلاة أمام جمع من النساء والرجال).
أما رئيس المركز التعليمي الإسلامي بأكسفورد الدكتور (تاج هارجي) - والذي رعى الحدث - فقد علق قائلاً: (إن إقامة هذه الصلاة ستكون خطوة في الاتجاه الصحيح) معربا عن اعتقاده أن الإسلام دين المساواة بين الجنسين.
وأضاف أن هناك ما يشير في سيرة الرسول - صلى الله وعليه وسلم - إلى أنه (سمح لامرأة هي أم ورقة بأن تؤم المصلين رجالا ونساء) مضيفا بأن (بعض النساء صرن يتولين الإمامة في الصلاة في جنوب إفريقيا وكندا والولايات المتحدة وهذه هي المرأة الأولى التي يسمح فيها بذلك في بريطانيا).
أما القيادات الإسلامية في بريطانيا فقد انتقدت سماح السلطات البريطانية للدكتورة أمينة ودود بإلقاء خطبة الجمعة؛ حيث أكدوا أن ودود ما كان لها أن تلقي خطبة الجمعة ولا أن تؤم المصلين في ظل وجود رجال ونساء من بين المصلين وهو ما يعني أن الرجال كانوا هم الأولى بالإمامة وإلقاء خطبة الجمعة ما داموا قد حضروا أداء الصلاة على اعتبار أن التقاليد الإسلامية تشير إلى أن الأئمة هم عادة من الرجال وهم الذين يقيمون الشعائر وما دون ذلك يخالف الإسلام.
وكانت أمينة ودود قد تلقت تهديدات بالقتل عندما أمت في عام 2005م المصلين في نيويورك. كأول امرأة تؤم مصلين مختلطين.
وبعد نحن لسنا بحاجة لقتل وتهديد هذه المرأة، بقدر ما نحن بحاجة إلى توضيح كل ما يتعلق بموضوع إمامة المرأة، هل تجوز أم لا؟
هذا الأمر ببساطة ليس له علاقة بما حدثتكم عنه في بداية المقال!
Mk4004@hotmail.com