حين يطرأ لك أن تقطف وردة في بستان شاسع للزهور فلك مطلق الحرية لأن تنتقي الزهرة التي تحب..,
وعند بوابة العبور لمخرج الوافدين تتشابك العطور لتكوِّن عبقاً نافذاً من تلك الزهور الكثيرة التي تحمل ورداتها كل يد.., حينها لا تفصل الذائقة الفردية بين شذى وردتك التي انتقيتها وحدك وورود غيرك التي تعددت ذائقات منتقيها..، فيما تتنعم كل الذائقات بعبير التشابك عند نقطة الالتقاء.. وتعود تتفرد بانتقائك ذائقتك حين تنفرج عنكم نقطة المرور لفسحة التوحد.., ومنطلق الخصوصية..
كما البستان للزهور هو فضاء الإبداع.., من حق المتلقي أن تنفرد به ذائقته لقراءة منجز ما لقاص أو ناثر أو شاعر.., أو راو..أو موسيقي.., أو نحات.., فيطرب به وينتقي له.., لكن عند حدود التوثيق والدرس والبحث.
لا ينبغي له أن يعبر منفذ الذائقة الإبداعية الأوسع لأنها لا تنتقي وإنما تتكون من عبير كل تفرد لخصوصية زهرة هي في بستان الإبداع عبقاً موحداً.. , فبستان الورود ينفذ عنه عبق الأزهار... لا رائحة الأتربة أو الغبار..,
فالإبداع في بستانه ليس فقط القصة والقصيدة ولا اللوحة والرواية بل أيضاً النص المرسل في الخاطرة والبوح, والمقالة.., وليس الكتاب المطبوع وحده مأوى الإبداع بل حيث يكون في وجه الضوء يكون التوجه لقبلته إنصافاً..ففي ذلك تطهير للذائقة.. وتنقية لنوايا الانتقاء في مرحلة لا تزال مصادر النشر تتعدد كما تتعدد مساحات احتواء الزهور.