ربما أن نصيحة وارين بافيت الذي تصدر قائمة أثرياء العالم لفترة من الزمن (اشتر الأسهم عند الأزمات ولا تنشغل بمتابعة البورصة)، معلومة لدى الكثير من المتداولين في البورصات على الصعيدين العالمي والمحلي، كون المتعاملين في هذه البورصات يقتفون أثر بافيت وأمثاله في محاولة لأن يقطعوا ولو بعض الخطوات باتجاه رحلة الألف ميل. وكم أتمنى أن أسمع رأياً لبافيت حول الأزمة الاقتصادية الحالية وهل هي ضمن الأزمات التي يعدها فرصة للشراء أم لا كون هذه الأزمة لم يشهدها العالم منذ أن رأت عينا بافيت النور لأول مرة؟ أم أنها حالة استثنائية قد تخرج عن أهم قواعد بافيت الاستثمارية؟ وعلى أية حال فإنني سأتحدث عن فرصٍ من نوع آخر قد تولدها هذه الأزمة ليست متعلقة بشراء الأسهم في البورصات.
فبعد تهاوي النظام الرأسمالي ودعوة بعض قادة أنظمته إلى البحث عن نظام اقتصادي بديل فإنه من المقبول أن تعد هذه الأزمة أحد الفرص المواتية لتقديم نظام اقتصادي إسلامي يحل بديلاً عن الأنظمة الحالية التي لم تنجح في الحفاظ على سيادة المنظومات التابعة لها.
وبالرغم من أنه ومنذ سنوات لم يعد هناك نظام اقتصادي يقوم على مبادئه التي تأسس عليها بشكل كامل، وذلك من خلال تخلي النظامين الرأسمالي والاشتراكي عن كثير من الخطوط العريضة التي تقوم عليها، إلا أنه وفي المقابل فإن الاقتصاد الإسلامي لم يمارس بشكل كامل هو الآخر حتى في الدول الإسلامية إلا في نطاق ضيق جداً وذلك لتأثر الدول الإسلامية بالثورة الاقتصادية الرأسمالية التي حققت فترة ازدهار جعلت أقطابها تتربع على عرش الاقتصاد العالمي، وهذا بطبيعة الحال ولد ضعفاً لدى خبراء الاقتصاد الإسلامي في إمكانية بناء نظام اقتصادي إسلامي صرف وذلك لانشغالهم بدراسة النظام الرأسمالي ومحاولة إيجاد حلول للبنود التي يتعارض فيها مع الاقتصاد الإسلامي كون الرأسمالية أصبحت قدراً لا مفر منه.
إلا أن عمق الأزمة الحالية قد يتيح الفرصة لبناء هذا النظام وتقديمه كحل جذري للأزمة، ويدعم ذلك أيضاً التجربة البريطانية التي نجحت في تطبيق الكثير من قواعد النظام الاقتصادي الإسلامي حفظت لها توازنها في كثير من نواحي اقتصادها، وهي وبلا شك تعاني أيضاً من تبعات هذه الأزمة ما يجعلها قد تدعم تطبيق هذا النظام لتجربتها الناجحة له من جهة، ولوجودها خارج منظومة العملة الموحدة من جهة أخرى ما يتيح لها حرية استخدام البدائل بشكل أسرع وأكثر مرونة من بقية الدول الأوروبية ذات العلاقة المشتركة.
إن ثروات الدول الإسلامية التي تعد لاعبا رئيسا في الاقتصاد العالمي يجب أن يكون لها دور أيضاً في النواحي التشريعية والتنظيمية والخروج ولو جزئياً من حالة التبعية.