عندما كان أحد أساتذة الإعلام الأمريكيين في زيارة لجامعة الملك سعود قبل أكثر من سبعة أشهر سأله أحد طلاب قسم الإعلام عن رأيه في الانتخابات الأمريكية،..
.. وما فرص السناتور باراك أوباما في الفوز بترشيح الحزب الديموقراطي، وما فرصه في الفوز في الانتخابات؟ وكانت إجابة البروفيسور الأمريكي أنه يتوقع أن يفوز أوباما ليس فقط بترشيحات الحزب الديموقراطي، بل بالانتخابات الرئاسية، وسيصل إلى البيت الأبيض..
ثم سألناه عن الأسباب فذكر أن شخصية باراك أوباما ليست شخصية تقليدية، وهي شخصية جديدة، وديناميكية، وذات وجه جديد للرأي العام الأمريكي.. وأضاف أن باراك أوباما يذكره بالرئيس الأمريكي جون كندي، من ناحية الحماس والتأثير والجاذبية..
وفي سؤال بعض الأمريكيين عن أوجه الشبه بين أوباما وكندي أشار بعضهم إلى وجود تشابه كبير بينهما، فالرئيس كندي أول رئيس كاثوليكي في الولايات المتحدة، كما أن أوباما أول مرشح أسود يمكن أن يحمل فرصا كبيرة للوصول إلى الولايات المتحدة..
ومن طرائف الأمور أن ابنة الرئيس كندي كارولين تؤيد المرشح الرئاسي باراك أوباما.. وقد ذكرت أن كلا المرشحين الحاليين يتشابهان في أجندتهما الداخلية، ولكن الفرق أن أوباما يزرع الأمل في حياة الأمريكيين، مثلما كان والدها يفعل عام 1960م.. وقد أثر والدها على أجيال كاملة من الأمريكيين وزرع فيهم الحماس لخدمة المجتمع الأمريكي والانخراط في الحياة العامة.. وترى كارولين أن أوباما هو في نفس التوجه، فهو شخصية مؤثرة ويمتلك في القيادة ما يؤهله لاستمرار نهج والدها في بناء الثقة والأمل في الجيل الجديد الأمريكي.. كما أن الشقيق السناتور تيد كندي عمدة أسرة كندي قد أيد باراك أوباما، وعلى الرغم من مرضه إلا أنه تحامل على نفسه وحضر اجتماع الحزب الديموقراطي ليعلن تأييده للمرشح أوباما، وليعطي حضورا رمزيا مهما أمام الأمريكيين في تأييد أسرة كندي للسناتور أوباما..
ومن الفرص القوية التي قد ترجح فوز المرشح الديموقراطي أوباما أنه يستقطب اهتمام الناخبين المستقلين، أي الناخبين غير المسجلين في أي من قوائم الحزبين الجمهوري والديموقراطي، أو المصنفين تقليديا في هذا الحزب أو ذاك.. ولهذا فقد يكون نجاح أوباما نتيجة استقطابه فئة المستقلين والأشخاص الذين لم يقرروا اتجاهاتهم الانتخابية حتى يوم الانتخابات في 4 نوفمبر..
وفي لقاء مع أحد المؤرخين جيمس جيجليو James Giglio وقد ألف أربعة كتب عن الرئيس كندي ذكر عن وجود هذا التشابه في الشخصيتين وفي الظروف الدولية والأوضاع الداخلية لفترة كندي مع الفترة الحالية.. وذكر أن كندي كان يتوجه للشباب الأمريكي في إطار حملته التي تسعى للتغيير، وهي الحالة نفسها التي يقوم بها أوباما في حملته من أجل التغيير.. كما أن الظروف الدولية كانت مهددة للولايات المتحدة في فترة كندي، كما هي الحال الآن..
كما أن أحد مستشاري الرئيس كندي تيد سورينسون Ted Sorensen وكاتب خطبه السياسية قد أيد باراك أوباما، وذكر أن كندي كان مرشح الأمل والتغيير، وهذا ما يتوجه إليه أوباما، حيث إن حملته الانتخابية تعطي الأمل وتنادي بالتغيير.. وهذا ما يتطلع له الأمريكيون.. كما أضاف أن جاذبية الشكل والشخصية هي سمة مشتركة بين كندي وأوباما، وهي محفز للاهتمام بها من قبل الناخبين الأمريكيين.. وقرب أعمارهما، حيث وصل كندي إلى البيت الأبيض وعمره 43 عاما، وإذا وصل أوباما إلى البيت الأبيض يكون عمره 47 عاما.. كما أن كليهما كانا عضوين في مجلس الشيوخ، وكلاهما واجه نقدا لقلة الخبرة في الحياة السياسية الأمريكية.. وذكرت تقارير صحافية أن تيد سيرنسون يقدم استشارات لفريق باراك أوباما المعني بكتابة الخطب السياسية له.. حيث إن شهرة سيرنسون كانت على أبعد نطاق، فقد كتب الخطبة الشهيرة التي قال فيها كندي للأمريكيين (لا تسألوا عما تقدمه بلادكم لكم، ولكن اسألوا ماذا يمكن أن تقدموا لبلادكم).. ويبلغ سورنسون الآن 80 عاما، ويلتقي به أحد كتاب خطب أوباما ليستفيد من خبرته في هذا المجال، ويقذف بكلمات ومصطلحات معينة تظهر أحيانا في الخطب التي يلقيها باراك أوباما..
وأخيرا، هل يكون هذا التشابه محفزا لمزيد من أصوات الناخبين الأمريكيين التي قد ترجح كفة أوباما على جان مكين؟ بمعنى هل التشابه بين كندي وأوباما سيقود أوباما إلى سدة البيت الأبيض؟ ويبقى سؤال، هل يصل التشابه بينهما إلى نفس النهاية؟ فقد اغتيل جون كندي بعد حوالي عامين من رئاسته، فهل - إذا نجح أوباما في الانتخابات - يلقى مصير كندي؟ كما أن بعضهم يجد تشابها بين أوباما وبين روبرت كندي شقيق الرئيس كندي الذي اغتيل في فترة ترشحه للانتخابات؟ فهل يلقى أوباما مصير روبرت كندي قبل أن يصل إلى البيت الأبيض؟ هذه الأسئلة لا يعلمها إلا الله، وهي أسئلة تدور في أذهان الكثير من الأمريكيين وغيرهم، وتتداولها منتديات أمريكية عديدة..
المشرف على كرسي صحيفة الجزيرة للصحافة الدولية أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa