كتب - مندوب الجزيرة:
طالب عدد من أصحاب الفضيلة رؤساء ومديري الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في عدد من مناطق المملكة بزيادة فروع مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، التي تقام سنوياً في رحاب مكة المكرمة، وتنظمها وزارة الشؤون الإسلامية، وأكدوا على أهمية زيادة عدد المتسابقين لجذب المزيد من شباب الحفظة للتنافس في الخير، وأشاروا إلى أهمية تكثيف الإعلان عن المسابقة ونقل فعالياتها خاصة عبر الفضائيات وإذاعات القرآن الكريم. جاء ذلك في أحاديث لرؤساء الجمعيات .
زيادة الفروع
بداية قال فضيلة رئيس محاكم المنطقة الشرقية ورئيس الجمعية بالمنطقة الشيخ عبدالرحمن بن محمد آل رقيب: إن الاهتمام بالقرآن الكريم ينبغي أن يكون الشغل الشاغل لكل المسلمين، حفظاً وتدبراً وتفسيراً، وعملاً ودعوة، وإنه لا صلاح، ولا حل لمشكلات المسلمين إلا إذا عادوا إلى كتاب ربهم، وإلى سنة نبيهم ورسولهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وأكد أن الدين الإسلامي هو دين الوسطية والاعتدال، ودين السماحة والأخلاق، يدعو إلى التمسك بما ورد في الكتاب والسنة من العبادات، والمعاملات والأخلاق وفق ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم وطبقه في حياته الشريفة، وعلمه لصحابته - رضوان الله عليهم - بالقول، والفعل، والتقرير، وسار عليه الصحابة من بعده، وعلموه للتابعين، وتمسك به الأئمة المجتهدون كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم من أئمة الإسلام - رحمهم الله أجمعين - وهو المنهج الذي أحياه الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله وناصره الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - ثم أحياه من بعدهم الإمام المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - رحمه الله - ولا يزال ولاة الأمر في المملكة يسيرون عليه، وهو المنهج الذي تسير عليه هيئة كبار العلماء في المملكة ودار الإفتاء، ويدعو إليه العلماء المشهود لهم، والخروج عن هذا النهج يترتب عليه الفساد والضلال، سواء أكان خروجاً عنه إلى جهة الغلو والتنطع، أم كان خروجاً عنه إلى جهة التفلت والجفاء.
وأشار أن مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية جذبت شباب الأمة الإسلامية في كافة أصقاع الأرض للانضمام إلى حلق التحفيظ، وحفزتهم للمشاركة، والتنافس في حفظ كتاب الله، وكان لها الأثر القوي في حفظ الناشئة عن المخاطر التي تحدق بهم من خطر التغريب وفكر التكفير، وحصنتهم ضد كل هذه المخاطر من خلال انضمامهم إلى حلق التحفيظ التي تربي على منهج الوسطية، والاعتدال واحترام الآخرين.
واقترح الشيخ عبدالرحمن آل رقيب زيادة فروعها على النحو التالي:
الفرع الأول: القرآن كاملاً مع تفسير كلمات غريب القرآن.
الفرع الثاني: القرآن كاملا من دون تفسير.
الفرع الثالث: حفظ (25) جزءاً.
الفرع الرابع: حفظ (20) جزءاً.
الفرع الخامس: حفظ (15) جزءاً.
الفرع السادس: حفظ (10) أجزاء.
الفرع السابع: حفظ (5) أجزاء.
وزيادة عدد المرشحين للمسابقة في كل فرع ليكون خمسة مرشحين لكل دولة أو جهة مرشحة، وزيادة عدد الفائزين ليكون خمسة فائزين عن كل فرع من تخفيض الجائزة، وجعل نسبة من الدرجات ولتكن (10) درجات لجميع فروع المسابقة لأسئلة حول مبادئ في التوحيد، ويكون المرجع في ذلك كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وذلك لترسيخ عقيدة التوحيد لدى الشباب المشاركين في المسابقة.
من ناحية أخرى وصف فضيلته جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بأنها من أهم الجهات التي ترسخ منهج الوسطية والاعتدال في شباب الأمة بحكم أنه ينضم إليها عشرات الآلاف من خيرة شباب الأمة يحدوهم الأمل والرغبة في أن يكونوا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وهم يتلون كتاب الله ويحفظونه ويتدبرونه، بمعنى أنهم أكثر الشباب التصاقاً بالقرآن الكريم الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، كما في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}، كما أن هذه الحلقات المباركة هي التي تُخرج من الأئمة والدعاة والخطباء، وإذا تربى هؤلاء على الوسطية والاعتدال فإنه سيكون لهم أثر بالغ في توعية غيرهم من الشباب.
المسلمون في أوروبا
وأكد نائب رئيس الجمعية منطقة مكة المكرمة الدكتور عبدالله بن عمر نصيف أن المسابقة حققت نتائج كبيرة في ناشئة وشباب الأمة الإسلامية، منها إسهامها في اتساع ونشر دائرة كتاب الله عالمياً، كما أحدثت تطوراً كبيراً في مستويات المتسابقين من حيث التلاوة والتجويد والترتيل والتفسير، كذلك بما تحقق للمسابقة من تطورات على كافة المستويات سواء أكان على صعيد مستويات المتسابقين أم على الصعد الأخرى كالنواحي التنظيمية والبرامج الدعوية والمسابقات الثقافية المصاحبة لفعاليات المسابقة.
وقال: بحمد الله أصبح امتداد هذه المسابقة إلى جميع ربوع العالم العربي والإسلامي الذي جعل الشباب يتنافسون عملا بقول الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}، وأسهمت كذلك في تشجيع الدول الإسلامية الأخرى على تنظيم مسابقات مماثلة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وكذا في زيادة عدد الطلاب المقبلين على تحفيظ كتاب الله الكريم، وزيادة قارئيه مع تجويده وتفسيره، وارتقاء المستوى العلمي والقرآني لهم من سنة إلى سنة.
ووصف الدكتور نصيف المسابقات التي تنظم محلياً وإقليمياً ودولياً لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتجويده وتفسير معانيه بأنها أشرف ميادين التسابق والتنافس في الخيرات، وهي التي ساهمت - بحمد الله تعالى - في تخريج جيل من الحفظة الذين يقومون بإمامة المصلين، بل وكانت وراء تخريج أصحاب الأصوات الندية والشجية في تلاوة كتاب الله، من أئمة الحرمين الشريفين وأهم المساجد، مؤكداً على أنه لتفعيل دور هذه المسابقات يجب الاهتمام بالجهات القائمة عليها، ورصد الجوائز المجزية للفائزين، والتوسع في إنشاء حلق وجمعيات التحفيظ التي تستقطب النشء لحفظ القرآن الكريم.
وأبان معاليه أن مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية أسهمت في حفز الجمعيات على زيادة الاعتناء بالقرآن الكريم، والاهتمام بحفظته من البنين والبنات، وتنمية قدرات التلاوة والحفظ والتجويد لديهم، حتى يتمكنوا من نيل رضا الله - سبحانه وتعالى - بحفظ كتاب الله، فالمسابقة كان لها كثير من الآثار الإيجابية، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع، حيث أسهمت في بناء مجتمع صالح ومتماسك من خلال تربية النشء والشباب على كتاب الله وأحكامه، وآدابه، وكذا تنشئة جيل سوي مرتبط بأخلاق القرآن، حريص على مجتمعه ورقيه وازدهاره، إلى جانب إيجاد جيل من شباب القرآن القادرين على التصدي للتحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين.
وأفاد الدكتور نصيف بأن الطلاب المشاركين في هذه المسابقة استفادوا فائدة عظيمة أثناء تنظيم هذه المسابقة، من حيث الاحتكاك ورؤية التجارب والنماذج الأخرى وزيارة الحرمين الشريفين، وكذلك أثناء مشاركة زملائهم في التنافس الشريف في حفظ كتاب الله تعالى، ولقد حققت المسابقة الثمار المرجوة منها، وعادت فائدتها على الطلاب أنفسهم من حيث الحفظ والمراجعة، وشحذ الهمم والتنافس مع الأقران، والاستفادة من الأخطاء ورؤية النماذج الفذة وأصحاب القدرات العالية، ومحاولة الوصول إلى ما وصل إليه أولئك ومنافستهم في باب من أعظم أبواب الخير وأشرفها، وعادت الفائدة على الجمعية ذاتها من حيث المقارنة بالجمعيات الأخرى وما توصلت إليه تلك الجمعيات وكذلك الاستفادة نم خبرات الآخرين.
ودعا معاليه اللجان المنظمة إلى الصبر والمثابرة في المسابقات المحلية للمرشحين في كل بلد، وإعطاء الأولوية لأبناء البلد الأصليين كالأقليات في أوروبا حتى يكون مفعولها أكثر داخل البلد ويكون لهؤلاء دور أكبر وربط الحفظ العمر، وتخفيض شروط المشاركة إلى جزء واحد، مشدداً على أهمية عناية المراكز والمؤسسات الإسلامية في دول الأقليات بأبناء المسلمين في تلك الدول، ومساعدتهم على المضي قدما في رفع مستوى ربطهم بكتاب الله، وحتى يكون لهم دور في مجال الدعوة ونشر الإسلام، في نفس الوقت لا يحرم هؤلاء الحفظة من ممارسة حياتهم اليومية، وتشجيعهم على دراستهم، ليكونوا من الناجحين والمتفوقين في دراستهم، ويكونوا نموذجاً جيداً لغيرهم.
وطالب الدكتور نصيف - في نهاية حديثه - بعقد حلقات علمية وندوات متخصصة عن المسابقات القرآنية من حيث أنواعها وفوائدها وكيفية تطويرها، وكذلك إقامة مسابقة في حفظ السنة النبوية كل عام على غرار هذه المسابقة، مشيراً إلى أهمية التركيز الجيد على إعداد الطلاب الذين يشاركون في المسابقة وتأهيلهم تأهيلاً مناسباً، وزيادة عدد الحاصلين على الجائزة في كل فرع إلى خمسة بدلا من ثلاثة مشاركين، وزيادة الحافز المادي للمشاركين الذين يرشحون للمشاركة في المسابقة.
المشروع العظيم
أما رئيس الجمعية الخيرية في منطقة الباحة الشيخ محمد بن عبدالله بن محمد غنام، فقد أكد أن مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية نتاج لجهود هذه الدولة المباركة في خدمة كتاب الله لكي تشمل أبناء الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها والتي تحن لهذه البلاد المباركة قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم فتأتي أفواجهم من كل صوب ولغة مجتمعة على كتاب الله فنعم ما يجتمعون عليه وأكرم به من لقاء الأخوة الإيمانية والأمة الواحدة و{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}، واصفا المسابقة بأنها مشروع عظيم، وسبق يفوق كل سبق، وشرف لا يعلوه شرف ربط الأمة بكتابها الذي هو مصدر عزتها وقوتها ووحدتها ونجاتها يوم لقاء ربها.
وأضاف الشيخ غنام قائلا: لقد رأينا لهذه المسابقة أن النيات قد حسنت في إعدادها والأموال قد أغدقت على رعايتها وأكرم روادها، كما رأينا لها من براهين ممثلة في أهل القرآن الذين تبوؤوا مكان الصدارة في صفوف الأمة الإسلامية تعليما لكتاب الله ونشراً لدينه، فها هم أئمة الحرمين الشريفين تدوي أصواتهم في أنحاء المعمورة صادحة بكتاب الله تشنف الاسماع وتشد القلوب إلى هذه البقاع المباركة، وها هم الدعاة في مشارق الارض ومغاربها من نتاج هذه المسابقة ينشرون دين الله ويعلمون كتابه، يعلون منابر المساجد ويوجهون الأمة إلى المنهج القويم والمسلك الرشيد والقول السديد.
واقترح فضيلته زيادة عدد المتسابقين في كل فرع من فروع المسابقة، حتى يتسنى لأكبر نسبة من أبناء الأمة الإسلامية للمشاركة والإقبال على كتاب الله، وأن تكون هناك قناة فضائية خاصة (بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد) لنشر هذا الخير، والحث عليه طوال العام، ومن ذلك رعاية هذه المسابقة، وكذا مسابقة الأمير سلمان بن عبدالعزيز المحلية لحفظ القرآن الكريم.
شهرة عالمية
أما نائب رئيس الجمعية بمنطقة عسير الشيخ محمد بن محمد البشري فقال: إن هذه المسابقة المباركة غنية عن التعريف فهي مسابقة معروفة ومشهورة يعرفها القاصي والدانين وقد اكتسبت شهرة عالمية لمكانتها التي اكتسبتها من كتاب الله تعالى ومن الأرض التي تقام فيها، وهي مهبط الوحي ومنبع الرسالة ومأوى أفئدة المسلمين وقبلتهم التي يتوجهون إليها كل يوم خمس مرات.
وأكد فضيلته أن للمسابقة أثرا بالغا في تخريج أجيال يواصلون الليل بالنهار من أجل حفظ كتاب الله تعالى وشرف الدخول في هذه المسابقة التي تحمل اسم مؤسس الدولة السعودية وموحد أرجاء الجزيرة، وقادتها منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - وفقه الله تعالى - يبذلون جهوداً جبارة في تعليم وتحفيظ كتاب الله سواء في الداخل من خلال الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم أو في الخارج من خلال الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم ثم تقيم لهم المسابقات المحلية والدولية وتنفق في سبيل ذلك بكل سخاء ولا ينتظرون من أحد جزاء ولا شكوراً، ورأينا آثار ذلك بكل وضوح فهؤلاء أئمة المساجد وفي مقدمتهم الحرمان الشريفان يرتلون القرآن الكريم غضا طريا كما أنزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم تلك هي أعظم ثمرة من ثمرات هذه المسابقة وهذه الجهود.
ودعا فضيلته إلى عقد لقاء للمتسابقين مع سماحة المفتي العام، أو مع جمع من أصحاب الفضيلة هيئة كبار العلماء، ليستنيروا بآرائهم ويتخلقوا بأخلاقهم من علمائهم لتصبح العقائد على منهج من كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ويبصروهم بما يحاك من مؤامرات للشباب المسلم من دعاة التغريب والتكفير، ليحذروا شرورهم، وليتنبهوا من الوقوع في حبائلهم، سائلا الله تعالى أن يصلح شباب المسلمين، ويجعلهم عاملين بكتابه الكريم وسنة نبيه الأمين صلى الله عليه وسلم حماة لدينهم وعقيدتهم ووطنهم.
مزيد دعاية وإعلان
أما الشيخ أحمد بن مرجي الفالح المدير العام المكلف للجمعية بمنطقة الجوف فقال: إن مسابقة الملك عبدالعزيز التي تدخل عامها الثلاثين هذا العام، خير شاهد وأوفى برهان على هذا، فلقد كان لهذه المسابقة الأثر الواضح في ناشئة وشباب الأمة الإسلامية جمعاء، يتضح هذا جلياً من خلال ربطهم بكتاب الله حفظا وتلاوة وتجويداً وتفسيراً.
ورأى أن هذه المسابقة قد غابت عن كثير من المجتمع، إلا من كان له اهتمام مباشر كالجمعيات، والمراكز، والمعاهد، فهي بحاجة لمزيد من الدعاية والإعلان، وتعريف الناس بها، وبالدور الذي تقوم به، مقترحا نقل هذه المسابقة وفعالياتها نقلا حيا ومباشرا على الهواء في القنوات الإذاعية، حتى يتفاعل الناس مع المتسابقين، وينعكس أثرها الايجابي على المشاهدين حينما يرون النماذج الرائعة التي احتوتها هذه المسابقة، كما اقترح تشجيع المجتمع على حضور فعاليات المسابقة، وذلك من خلال تخصيص مقاعد محددة للطلاب المتميزين، يتم ترشيحهم من خلال الجمعيات والمراكز والمعاهد والمؤسسات الإسلامية، ولو لم يكن لهذه المسابقة من مزايا إلا أن جمعت هؤلاء الشباب في هذا التجمع الإيماني القرآني لكفى.