في هذه الأيام تنهال وتتساقط بطاقات الدعوات للأفراح على البيوت مقتحمة الأسوار تنادي بأعلى صوت - شاركونا أفراحنا - وكأني بك أخيه كلما سقطت على منزلكم بطاقة استوقفتك كثيراً، وإذا كان الزواج لإحدى زميلاتك أو لواحدة تعرفينها تصغرك بسنين كثيرة زاد ذلك من حزنك على نفسك وندبك لنصيبك، في الوقت الذي لا أشك أنك تدعين لتلك المتزوجة بالتوفيق والسعادة لأنها أختك وتحبين لها ما تحبين لنفسك.
أختاه: إن التساؤلات التي تدور في خلجك أعلم ويعلم غيري أنها بحجم الجبال الراسيات، وبمثابة الصواعق على الفؤاد أو على الهشيم تضرم النار فيه.. أي والله إنها لكذلك، وإنا لنحس بذلك ونشاطرك هذا الشعور، علمتي أم لم تعلمي.
أختاه: أرعني سمعك لحظات وأحضري لي قلبك مثلها فسأهمس لكي همسات ربما لم تكن هي الأولى التي طرقت أذنك ولكني أرجو أن تسهم في تخفيف معاناتك التي أصبحت همّ العلماء والدعاة والمشايخ والخطباء وطلبة العلم والمصلحين.
أولاً: قال تعالى: { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}وقال سبحانه: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.
ثقي- أخية - أن الله لم يخلقك عبثاً، ولم يتركك سدى، وهو أعلم بما يصلحك {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ}؟ الجواب - بلى والله. ولإن جاء في الحديث قوله تعالى: (إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لفسد عليه دينه، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنا ولو أفقرته لفسد عليه دينه). فإن الله تعالى يعلم أن من عباده من لو تزوج لكان وبالاً عليه، وما يقدر الله للعبد وعلى العبد إلا ما قد رضيه كوناً أو شرعاً.
لابد وأن تعلمي هذا جيداً وتؤمني فيه فإن قمتي بذلك فحتماً أنه سيهون عليك ما أهمك وكدر صفوك، فانشغلي أخية بما خلقتي له عما قدر لك أو عليك وفرغ منه وهو آتيك لا محالة، شئت ذلك أم أبيتِ.
ثانياً: (قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وجدنا خير عيشنا في الصبر) آهـ. فما أعطي المسلم عطاء بعد الإسلام خير وأوسع له من الصبر. قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}واعلمي أن من أصيب بمصيبة فقال {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}إلا كان عليهم صلوات من ربهم ورحمة وكانوا من المفلحين.
ثالثاً: عليك بالدعاء ولا تملي فإن الله لا مكره لك. قال تعالى {مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}.
أخيراً - أخيه - تذكري دائماً وأبداً قوله تعالى: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}وقوله سبحانه: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.
اللهم لا تدع أيما مسلمة إلا زوجتها.
* حائل