Al Jazirah NewsPaper Friday  17/10/2008 G Issue 13168
الجمعة 18 شوال 1429   العدد  13168
سماحة المفتي العام في حواره الذي خص الرسالة فيه:
ليكن هدفنا الإصلاح لا الشماتة ولا الفرح بأخطاء الآخرين

حاوره - ماجد بن عبدالله الزعاقي:

أكد سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ - حفظه الله - على وجوب مؤازرة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بالنصح والتوجيه، وقال: أما السخرية بهم وانتقاصهم واحتقارهم وتوجيه التهم لهم فهذا خلق لا يقدم عليه من في قلبه إيمان.

وشدد في حديثه لأصحاب القلم بأنه يجب على المسلم أن يكون أميناً في نقده وصاحب القلم مؤتمن على ما يكتب، فإن كتب خيراً كان مثاباً وإن خط بقلمه سوءاً كان مسيئاً ومعيباً, وقال سماحته في معرض رده على أحد أسئلتنا حول أهمية تضمين مواد للاحتساب في المناهج التعليمية، قال: لا بد من هذا لأن هذا خلق عظيم خلق هذه الأمة لا بد أن تفهمه الأجيال الحاضرة والآنية، لا بد أن يفهموا أن هذا الجهاز جهاز شرعي دل الكتاب والسنة عليه.

جاء ذلك في حوار أجرته معه صفحة الرسالة أوضح فيه العديد من النقاط حول شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاز الهيئة، نترككم معه.

العلم للمحتسب

* ما أهمية العلم بالنسبة للمحتسب؟

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلق من أخلاق هذه الأمة المحمدية، قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} وقد أمرنا الله أن تكون منا فئة تختص بهذا الشيء وإن كان الأمر عاما لكن لا بد من جهة تتولى التنفيذ فقال: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ولما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبا إسلاميا كان لا بد لهذا الآمر بالمعروف أن يكون عالما بحقيقة ما يأمر به وعالما بحقيقة ما ينهى عنه يعلم أن هذا منكر بدليل من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وما عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وعلم أن هذا معروف بما دل عليه الكتاب والسنة وسار عليه المسلمون فمن لم يكن عالما بالمنكر أنه منكر عالما بالمعروف أنه معروف فكيف يأمر، قد يأمر بالمنكر وقد ينهى عنه معروف إذا لم يكن عنده علم يميز به بين الحق والباطل والهدى والضلال وما أباح الله وما حرم الله، فالعلم للمحتسب ضروري حتى ينطلق في رسالته على علم وبصيرة فلا يحرم ما أحل الله ولا يحلل ما حرم الله ولا يقول على الله بلا علم فإن القول على الله بلا علم من أعظم المنكرات قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}.

التجني على المحتسبين

* يشاهد بعض الكتابات التي تتسم بالتجني على جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إما بتضخيم الأخطاء التي قد تقع من العاملين أو بالكذب والافتراء على هذا الجهاز، فهل من توجيه حول أمانة القلم؟

- يجب على المسلم أن يكون أميناً في نقده وصاحب القلم مؤتمن على ما يكتب فإن كتب خيراً كان مثابا وإن خط بقلمه سوءا كان مسيئاً ومعيباً، ولا بد من أمانة في القول بألا نحكم على شخص ولا فئة إلا بعلم وبصيرة أما أن نتخذ النقد هدفا لنا دون أن نراعي الحقائق فنكون بذلك مغالطين والمثل يقول (من لم يعمل لم يخطئ) ونحن لا نقر أي محتسب على أخطائه لكنا نقول هم بشر يخطئون كما يخطئ غيرهم وإن كان المطلوب منهم أن يحرصوا ويجتهدوا لئلا يكون لقائل قول.

لكن مهما كان الأمر فالأخطاء ممكنة ويدل على هذا أن خالد بن الوليد لما قتل بني جذيمة لما قالوا صبئنا وظن أن هذه المقالة كفرية كما قال كفار قريش لمحمد حينها قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد ولم يقل أبرأ إليك من خالد فإن خالداً أخطأ لكن النبي صلى الله عليه وسلم ما تبرأ منه تبرأ من فعله. فنحن نقول الأمر بالمعروف يجب أن يكون على تؤدة وعلى سكينة وإذا وقع خطأ فإني أرجو أن لا يكون هدفاً, وإنما هم بشير قد يخطئون وتصحيح الخطأ لا يجعل من الفرد تخطئة للجماعة كلها أو يساء الظن بهم كلهم لأجل خطأ واحد بأن نجعل هذا الخطأ من واحد معمماً ونتهم الجماعة بسوء القصد أو لجهل أو التسرع... إلخ.

السخرية من العاملين

* هناك من يسخر أو يستهزئ بالعاملين في جهاز الهيئة ما حكم ذلك؟

- يجب أن نكون مع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من المآزرين لهم والناصحين والموجهين، أما السخرية بهم وانتقاصهم وتوجيه التهم لهم فهذا خلق لا يقدم عليه من في قلبه إيمان.

الأمر بالمعروف والاستقرار

* ما علاقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتمكين والاستقرار للمجتمعات؟

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سياج أمان وتحصين للأمة من الكوارث وسياج لها من المصائب فإن الأمة إذا استقامت في داخلها وانتظم شأنها أمنت من عقوبة الله قبل كل شيء وغضبه وأمنت من التمزق والاختلاف، فإن المعاصي إذا كثرت تحمل في طياتها البلايا والمصائب، فأعظم حصن للأمة هو تمسكها بدينها وثباتها على إسلامها وتآمرها بالمعروف وتناهيها عن المنكر هو سبب للتمكين في الأرض قال تعالى: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.

الحسبة وحفظ الحقوق

* الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة ربانية يحاول البعض أن يصور أنها تصادر حريات الإنسان كيف يعلق سماحتكم على ذلك؟

- الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر يخلصون الناس من الويلات ويقونهم بتوفيق الله الكوارث، ونسمع دائماً في الصحف عن مباغتة الهيئات لرجال السوء وأماكن السكر والمنكرات ومداهمة بعض الأماكن المشينة واكتشافهم لبعض المواقع القبيحة وهذا مما يدل على أن لأعضاء الهيئة مكانه وهيبة.

الحديث بغير علم

* هناك من يتحدث عن بعض الأحكام الشرعية كحكم الخلوة أو الاختلاط مع استبعاد الحكم الشرعي باعتبار أنها مسألة اجتماعية أو تنظيمية بحتة لا علاقة لها بالحل والحرمة ما هو تعليق سماحتكم؟

- الخلوة محرمة شرعا بنص السنة (ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) وحديث (إياكم والدخول على النساء، قال رجل: أريت الحمو؟ قال: الحمو الموت)، والاختلاط محرم؛ لأن الله قال لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} والداعون لاختلاط الجنسين أو المساهمون فيه هم في الحقيقة دعاة فساد ودعاة إجرام وليسوا والله دعاة حق وإخلاص لكنهم يريدون أن يحولوا المجتمع من مجتمع محافظ متمسك إلى مجتمع تنهار فيه القيم والأخلاق وتندرس فيه معالم الهدى.

تعليم الاحتساب

* كيف يرى سماحتكم أهمية تضمين مواد للاحتساب ضمن مواد التعليم؟

- لا بد من هذا؛ لأن هذا خلق عظيم خلق هذه الأمة لا بد أن تفهمه الأجيال الحاضرة والآنية لا بد أن يفهموا أن هذا الجهاز جهاز شرعي دل الكتاب والسنة عليه.

همسة للعاملين

* هل من كلمة توجهونها لإخوانكم العاملين في الميدان؟

- أسأل الله لهم التوفيق والسداد وأوجههم بالصبر والحلم والرفق والأناة ورحمة المفسد بنصيحتهم والستر على من يمكن الستر عليه إذا كان الستر يؤدي إلى إصلاحه ورجوعه للحق كما أوصيه أن يكون هدفه الإصلاح لا الشماتة ولا الفرح بأخطاء الآخرين إنما الهدف الإصلاح والتوفيق ورحمة الخلق والإحسان إليهم وأسأل الله لهم التوفيق.

* إدارة العلاقات العامة والإعلام بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد