تأمل أخي في الله هذه الآية التي فيها معان كثيرة في قوله تعالى في قصة أصحاب السبت {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} فانقسم القوم إلى ثلاثة أقسام قسم ينكر المنكر وقسم يفعل المنكر وقسم صالح لكنه ينكر ليس المنكر وإنما ينكر على من ينكر المنكر بحجة أنه لا فائدة من إنكاركم للمنكر لأن العصاة قد وقعوا في المعاصي وأصبحوا قريبين من الهلاك فهم يائسون من تحسن الحال وهم قانطون من رحمة الله نعم كانوا في يأس وقنوط من تغيير الأحوال أوصلهم إلى ترك الواجب الذي عليهم من إنكار المنكر بل وصل بهم الحال أنهم ينكرون على المتفائلين والمستبشرين لأنهم يائسون من التغير لكن رد عليهم المنكرون المتفائلون أن إنكارهم للمنكر لسببين الأول أنهم يقومون بالواجب الذي عليهم وهو إنكار المنكر ويتعبدون الله بذلك ولهذا قالوا: {مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} والسبب الثاني هو التفاؤل الذي في قلوبهم ولهذا قالوا {وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} قال السعدي رحمه الله (ولعلهم يتقون أي يتركون ما هم فيه من المعصية فلا نيأس من هدايتهم فربما نجح فيهم الوعظ وأثر فيهم اللوم وهذا هو المقصود الأعظم من إنكار المنكر ليكون معذرة وإقامة حجة على المأمور المنهي ولعل الله أن يهديه فيعمل بمقتضى ذلك الأمر والنهي) فهم متفائلون بالتغيير إلى الأحسن رغم صعوبة الموقفة ولهذا نفعهم هذا التفاؤل في الإنكار وعند نزول العذاب قال الله تعالى: {أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ} فهل عندنا تفاؤل بالتغيير إلى الحسن في نفسنا ونقوم بالواجب الذي علينا في اتجاه غيرنا ونظن بالله خيرا فإن تغير الأمر إلى الأحسن بالحمد لله وهذا الذي نريد وإن لم يتغير فالحمد لله قمنا بالواجب الذي علينا.
*تبوك