Al Jazirah NewsPaper Wednesday  15/10/2008 G Issue 13166
الاربعاء 16 شوال 1429   العدد  13166

نهارات أخرى
تركي وأمه..
فاطمة العتيبي

 

كنت أدعو لأم الزميل تركي الدخيل, كلما أفصح عن ألمه المستور في الأحشاء وظهر الجرح والخوف من بين مآقي الحروف والكلمات في زاويته, وكنت أدعو لها بالشفاء وهو يقول أن أطفاله يدعون لجدتهم كلما جاء المطر وسالت الأرصفة بالماء فكان يلح مع أطفاله بالدعاء والسماء تهمي على الأرض ماءها, كنت أشعر بلوعة الحزن المشوب برمق الرجاء والأمل الذي يشرق في النفس المؤمنة كلما بدت مصطلحات الأطباء تتكاثر مثل ركام الغبار الأسود, يعيد إلى ذاكرتك جرحك الدفين فيفقد أمك وبرودة ممرات المستشفى وقشعريرة البرد التي تغزوك كلما أقبل طبيب عليها, كانت لمحات تركي الدخيل عن مرض أمه على قلة ما كتب.. تشي بفأل عن ارتباط الأبناء بأمهاتهم. وتفتح أسئلة عن المرأة/ الأم وكيف تتماهى صورتها مع الحياة لتصبح هي الحياة نفسها.

رحلت أم تركي أيام العيد ودفنت في أبوظبي.. هل أحب تركي أن تبقى قريبة منه.. يشعر بأنها تحيطه وتحتويه بصوتها القصيمي الدافئ فتذهب عنه وحشة فقدها.. هذا الطوفان الإنساني العارم الذي يتبدى في علاقاتنا بأمهاتنا يختصر وجودنا وأسئلتنا وكلما أمعن بالإفاضة علينا كلما استكنا وغمرنا الأمن وظهرت علينا سمات الطمأنينة..

اقرأوا ماكتبه شاعر اليمن الشهير عبد الله البردوني حين غاب عنه وجه أمه...

(أين مني ظلها الحاني وقد

ذهبت عني إلى غير إياب

سحبت أيامها الجرحى على

لفحة البيد وأشواك الهضاب

ومضت في طرق العمر فمن

مسلك صعب إلى دنيا صعاب

وانتهت حيث انتهى الشوط بها

فاطمأنت تحت أستار الغياب

***

آه يا أمي وأشواك الأسى

تلهب الأوجاع في قلبي المذاب

فيك ودعت شبابي والصبا

وانطوت خلفي حلاوات التصابي

كيف أنساك وذكراك على

سفر أيامي كتاب في كتاب

إن ذكراك ورائي وعلى

وجهتي حيث مجيئي وذهابي

كم تذكرت يديك وهما

في يدي أو في طعامي وشرابي

كان يضنيك نحولي وإذا

مسني البرد فزنداك ثيابي)

أبرأ الله كل المجروحين بفقد أمهاتهم وعوضهم خيرا.

fatemh2007@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5105 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد