رغم أنه يدير جهازاً من أهم أجهزة الدولة إلا أن معالي الأستاذ محمد الخراشي (محافظ المؤسسة العامة للتقاعد) لا يغادر صغيرة ولا كبيرة في جهازه إلا التفت إليها، خصوصاً تلك التي تنشرها الصحف، وهذه ميزة رغم أن جهازه لا يحظى بشعبية بين المتعاقدين الذين لا يمدحون سوقاً لم يربحوا فيه، إلا أن معاليه يحاول وفق الظروف المتاحة في أنظمة بلده، أن يوقد شمعةً من أجلهم.
وأتذكر في سياق حرص معاليه على المتقاعدين أنه هاتفني ذات عام يشكرني على نشري معاناة متقاعدي رفحاء، وأسر في أذني أن البنوك تشارك في معضلة المتقاعدين لأنها لاترغب في افتتاح فروع لها في مدن صغيرة، فالمسألة ربحية أولاً وأخيراً في نظرها، ورغم أن الفروع العاملة في خدمة المتقاعدين بلغت 215 فرعاً في المملكة إلا أن محافظة رفحاء - مثلاً - لم تحظ ببنك للمتقاعدين حتى تاريخه، وطلب مني معاليه أن أجلس مع فريق عمل أرسله إلى رفحاء خصيصاً لبحث مشكلات المتقاعدين، وطالبني الفريق بعدم نشر تفاصيل الزيارة نهائياً في الصحف والتي نتج عنها افتتاح مكتب (برجل واحدة) يعنى ببعض خدمات هذه الفئة التي تعاني الأمرين، حيث نشرت (هذه الصحيفة ) على صفحتها الأولى - قبل أيام - دراسةً أعدها أعضاء بمجلس الشورى أن أكثر من 50% من المتقاعدين يعانون من مشكلات مالية، بسبب الفرق الشاسع قبل وبعد التقاعد. وذكرت الدراسة أن 63% من المتقاعدين لا يملكون مساكن، بسبب ارتفاع معدلات التضخم والمتغيرات الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها المتقاعد.
وتشير الدراسة - أيضاً - إلى أن أكثر من 70% من المتقاعدين يبحثون عن عمل، موضحةً بأن وفاة المتقاعد تضاعف الصعوبة المالية للأسرة، حيث ينخفض الراتب التقاعدي بشكل ملحوظ ويزداد انخفاضاً عند بلوغ الأبناء سن الـ21 أو زواج البنات أو عمل الزوجة.
والمتابع لاستثمارات المؤسسة العامة للتقاعد في داخل المملكة يجد 73% من إجمالي استثماراتها والباقي استثمارات أجنبية من خلال شراء الأسهم والسندات العالمية الممتازة، وتساهم المؤسسة في (44) شركة محلية، وقد ارتفعت القيمة السوقية لمحافظ المؤسسة في أسهم الشركات الدولية عام 1426-1427هـ بنسبة تقدر بنحو 21% مقابل تأثرها بالنقص عن العام الذي يسبقه بواقع 13.7 مليار ريال نتيجة انخفاض الأسهم الدولية، وقد تجاوزت الأصول العقارية التي تملكها المؤسسة بنهاية عام 1426- 1427هـ أربعة آلاف مليون ريال. جاء ذلك في تقرير صادر عن المؤسسة العامة للتقاعد للعام المالي 1426-1427هـ.
ورغم أن المؤسسة لا تصرف للمستفيدين أقل من 50% من الراتب التقاعدي للورثة في حال تقلص عدد الورثة؛ فالراتب التقاعدي يصرف بالتساوي للورثة، وفي حال تقلص عدد الورثة لا ينقص المبلغ عن النصف كحد أدنى للمستفيدين، وهناك بند في النظام ينص على أنه (إذا طبق المعاش واقتطع نصيب شخص لا يعود بشرط أن لا يقل عن 50% حتى لو كان المستفيد شخصاً واحداً فيصرف له نصف المبلغ).
وإذا انخفض المعاش عن أقل من 50% فإنه يعاد تلقائياً، ومن لم يُعد له مستحقاته يحق للمستفيد أن يطلب رفع الراتب إلى 50%، بخطاب اعتراض، ويتم صرف المبالغ التي تم تقليصها في مدة لا تتجاوز الشهر أو بأثر رجعي على المستفيد.
فهل يعرف كل المتقاعدين حقوقهم؟ أرجو ذلك هذا أولاً، كما أرجو من معالي محافظ المؤسسة أن يلتفت إلى هذه الدراسات الكثيرة التي ترأف بالمتقاعدين وتسعى إلى تحسين أوضاعهم في ظل تنامي استثمارات المؤسسة؛ فالمتقاعد مل كثرة الدراسات ويريد واقعاً يحفظ له كرامته التي بقيت في أدراج المكاتب.
Mk4004@hotmail.com