Al Jazirah NewsPaper Wednesday  15/10/2008 G Issue 13166
الاربعاء 16 شوال 1429   العدد  13166
أما بعد
أعداء الوطن 22
عبدالله بن عبدالعزيز المعيلي

ويدخل في دائرة معاداة الوطن وأعدائه، أولئك الذين يتكاسلون في أداء واجباتهم الوظيفية، ويهملون في التعامل والتفاعل مع مهمات أعمالهم، ويسوفون في إنجاز معاملات المراجعين، شعارهم الذي يطربون لترديده (اللي ما يخلص اليوم يخلص غداً)، يغلب على أدائهم عدم الاهتمام، وعدم المبالاة بمشاعر الآخرين وحاجاتهم، بل إن البعض ومن شدة فرط عدم مبالاته واستيعابه لطبيعة عمله، والمستفيدين منه، يتسبب في أضرار مادية ومعنوية، وخير شاهد على ذلك ما حصل في كارثة انهيار سوق المال، فكم سمع المواطن الضعيف من تطمينات وقدرة تامة لدى مؤسسة النقد على السيطرة على أوضاع السوق وضبطها، مما أغرى عامة الناس إلى الانغماس حتى آذانهم في أوحال الديون والقروض التي ذهبت أدراج الرياح، وذهبت معها أحلامهم، وبقي لهم الألم ملازماً، والخسران مصاحباً، والضامن القادر على السيطرة -حسب زعمه- مازال في غفلته، وعدم مبالاته بالويلات والخسائر التي تسبب فيها، وهو بهذا التضليل يعد في قمة هرم أعداء الوطن.

ويدخل في دائرة معاداة الوطن، أولئك الذين يستغلون صلاحياتهم، فيستأثرون لأنفسهم كل ما يشتهون ويرغبون، ويؤثرون خاصتهم بكل ما يحلوا لهؤلاء الخاصة من ميزات مادية ومعنوية، فمن أجلهم يتم تخطي النظام، وتهان كرامات المخلصين، عندئذ تخبو الحماسة، وتتراجع دافعية الانتماء والعطاء، وتعم الفوضى والتسيب والتراخي والتهاون، والخاسر في هذه الحالة الوطن.

ويدخل في دائرة معاداة الوطن، أولئك الذين يسوغون نهب المال العام، بالتغاضي والتغافل عن تطبيق الأنظمة والشروط والمواصفات، التي تضبط تأمين شراء المستلزمات، أو تلك التي تطبق على أعمال المباني والمنشآت، أو يفسرون الأنظمة والتعليمات حسب الهوى، فيمنحون أنفسهم وخاصتهم ميزات غير نظامية، وتبدو هذه التسويغات والتجاوزات في صور شتى من الممارسات غير المعقولة، والتي لا يمكن فهمها أو تقبلها بأي صورة من الصور، والتي تتنافى مع سمت الإنسان المسلم وقيمه، ومع أخلاق العمل ومهنيته، ومن ذلك التوسع في الانتدابات، فأي أمر يعن في المخيلة، يكلف بإنجازه أحدهم، وبالمدة الزمنية التي يرغبها، فقد لا يتطلب إنجاز هذه المهمة انتداباً، نظراً لتقدم سبل التواصل وسهولتها، وتوفر المعلومات على المواقع المختصة في شبكات الإنترنت وأقنيتها، ولكن تأبى النفوس الضعيفة إلا أن تستثمر رغباتها الداخلية في الاستئثار والاستغلال، فتجد في هذه المهمة فرصة لزيادة الرصيد المستأثر به من أيام الانتداب، فتطلب انتداباً بعدد من الأيام يفوق الحاجة الفعلية للإنجاز بعشرات المرات.

ومن صور التجاوز الظاهر في نهب المال العام، استغلال السيارات الحكومية في التنقلات الشخصية الداخلية، وقضاء الحاجات الخاصة، على الرغم من أن الشخص لا يستحق نظاماً أن يستخدم سيارة حكومية، ومع هذا تجد تحت أيدي هؤلاء أكثر من سيارة، فواحدة لقضاء الحاجات المنزلية، وأخرى لتنقلات الأسرة، وثالثة للتنقلات الشخصية، ومن الصور التي أضحت مألوفة عند البعض التذلل في طلب منح الأراضي، والعطايا، والهبات، والإكراميات في مناسبات الأعياد والاحتفالات والاحتفاءات، والإلحاح في التسويغ غير الصادقة تحقيقاً لما يسمى كذباً (تحسين الأوضاع)، وغيرها مما يؤخذ بغير وجه حق أو حاجة.

ومن الصور التي تفضي إلى معاداة الوطن، تلك الممارسات غير المسؤولة وغير الأخلاقية التي يتباهى البعض في ممارستها عندما يكون خارج البلاد، خاصة تلك التي يمارسها مرتادو الملاهي الليلية، والأماكن المشبوهة.

وسوف تطول قائمة أعداء الوطن، طالما أن مخافة الله وخشيته غائبة عن الضمائر، وطالما أن أعين الرقيب مصابة برمد مزمن، ويد المحاسبة قصيرة، بل شبه مشلولة.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 7789 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد