هو سليمان بن محمد بن علي بن صالح الدهامي .. وُلد في البكيرية عام 1333هـ ونشأ بها في كنف والده الذي كان يسكنها، وبدأ تعليمه وهو صغير على والده الذي كان طالب علم .. ثم درس في كتاتيب البكيرية بداية القراءة والكتابة، ثم انتقل إلى حلقات القرآن الكريم فيها وحفظ فيها القرآن، وكان من زملائه في الكتاتيب الشيخ عبد الله الخليفي والشيخ محمد بن عبد الله السبيّل وهما من أئمة الحرم المكي ولا يزال حتى توفي له علاقة تواصل مع الإمام السبيّل. كما درس على مجموعة المشايخ وهم: الشيخ محمد بن مقبل والشيخ عبد العزيز بن سبيّل والشيخ ابن كريديس والشيخ عمر بن محمد بن سليم .. ثم رحل إلى الرس هو ووالده وأخوه عبد العزيز عام 1349هـ وقرأ في كتاتيب الرس على مجموعة من المعلمين وهم: الشيخ إبراهيم بن محمد الضويان والشيخ محمد بن عبد العزيز الرشيد والشيخ صالح بن إبراهيم الطاسان في الرس والشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في عنيزة. وكان أكثر دراسته مع الشيخ إبراهيم الضويان، وعندما توفي شيخه عام 1353هـ عاد إلى البكيرية مع والده وأخيه فواصل دراسته عند الشيخ محمد بن صالح الخزيّم. وفي عام 1355هـ عاد إلى الرس مرة أخرى وأكمل دراسته عند شيخه محمد بن عبد العزيز الرشيد وبعده عند الشيخ صالح بن إبراهيم الطاسان.
عاصر مجموعة من المشايخ منهم: الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن العقيل والشيخ محمد بن عبد العزيز بن رشيد والشيخ مقبل بن حمود الدبيخي والشيخ منصور بن صالح الضلعان والشيخ ناصر بن محمد الحناكي والشيخ صالح بن عبد الله الجارد، وقد أخذ عنهم العلم.
وكان من زملائه عند الشيخ عمر بن محمد بن سليم في بريدة، مجموعة من الطلاب من الرس مثل: الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز بن رشيد والشيخ محمد بن عبد العزيز بن رشيد والشيخ محمد بن راشد المحيلان والشيخ صالح بن محمد الخليفة والشيخ محمد بن ناصر الحناكي والشيخ سالم بن ناصر الحناكي والشيخ سليمان بن حمد بن رميح والشيخ صالح بن إبراهيم الطاسان وغيرهم.
لم يعمل في القضاء بل طُلب منه العمل فيه فاعتذر لأنه لم يجد في نفسه الكفاءة لذلك، حيث وصله خطاب من الملك سعود - رحمه الله - يعيِّنه قاضياً في جنوب المملكة فتوسط بشيخه صالح الطاسان وكتب له خطاب اعتذار إلى الملك سعود عن التعيين فبقي في بلدته الرس، ثم في حدود عام 1374هـ تعيّن إماماً للمسجد الجامع الطالعي الواقع في المفرق بالرس مدة طويلة، كما يوجد لديه خطاب من فضيلة الشيخ عمر بن حسن نائب رئاسة القضاء بتاريخ 28 - 6 - 1375هـ يعتذر فيه عن وظيفة ولكن لا يعرف ما نوع الوظيفة التي اعتذر عنها. ثم انتقل إماماً في جامع السوق التجاري بالرس وكان خطيباً جيداً يُقبل الناس عليه في وقته. كما كان يحرص ويواظب على قراءة الحديث الشريف بعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء في مسجده. كما كان إماماً لمسجد العيد القديم في الرس الواقع في نهاية شارع الملك فيصل. وكان يتولى عقود النكاح قبل تعيين خريجي الشريعة بذلك، كما عمل في المحكمة الشرعية في الرس مدة من الزمن حتى عام 1400هـ تقريباً. وكان له دكان في المفرق بالرس بجوار مسجده يبيع فيه المستلزمات الرجالية ثم انتقل به إلى السوق التجاري واستمر به حتى وفاته - رحمه الله -.
وكان - رحمه الله - ذا صوت حسن ويتغنى بقراءة القرآن ويمتلئ مسجده بالمصلّين في شهر رمضان. وكان يختم القرآن الكريم في مرتين في صلاة التراويح في رمضان رقيق القلب يبكي عند قراءة القرآن ويُبكي من حوله، وكان - رحمه الله - يكثر من السجع المنظّم في كلامه بلا تكلّف. وكان سهل التعامل ذا رحمة وعطوفاً على الناس ويحب الإصلاح بينهم. وكان صاحب طُرفة وسجع جميل في حديثه ومجلسه لا يملّ محبوباً عند الناس سهلاً متواضعاً. وكان له علاقة ود ومحبة مع أمراء الرس الذين عاصرهم وكانوا يجلّونه ويقدرونه ويستمتعون بمجلسه، وكذلك مع أعيان الرس وغيرهم، كما كان يفتي الناس في بعض المسائل الفقهية التي تخص حياتهم الاجتماعية.
وكان لديه مجموعة من أمهات الكتب الشرعية ومؤلّفات السلف الصالح من العلماء مثل الإمام أحمد بن حنبل والإمام ابن تيمية والإمام ابن القيّم يقرأ منها ويطالع فيها. وكان - رحمه الله - يقرأ قراءة مجوّدة في القرآن والحديث ولكنه لا يجيد الكتابة.
خلّف - رحمه الله - سبعة عشر من الأبناء الذكور كلهم من خيرة الشباب، منهم ابنه محمد - رحمه الله - الذي كان إماماً وخطيباً في مسجد السوق التجاري ثم انتقل إلى المسجد الطالعي بعد والده، ويوجد من أبنائه وأحفاده حالياً من يعمل خطيباً في أحد مساجد الرس ومنهم من رجال التعليم وغيره.
في عام 1413هـ أصابه مرض وأدخل مستشفى الرس العام عدة أيام ثم نُقل إلى أحد مستشفيات الرياض وتحسّنت حالته فعاد إلى الرس ثم عاوده المرض حتى توفي - رحمه الله - ليلة العيد عام 1414هـ وصلى عليه جمع غفير من أهل الرس والقصيم ممن يعرفه بإمامة ابنه محمد ودُفن في مقبرة الرس القديمة الواقعة في حزم الحناكا وحزن الناس لفقده ونعاه الجميع، وسبّب رحيله فراغاً كبيراً في جوامع محافظة الرس .. رحمه الله رحمة واسعة وأسبغ عليه من شآبيب الرحمة والغفران وجمعنا وإيّاه وذرِّيته وذرِّياتنا مع نبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم في جنات النعيم.
عبد الله بن صالح العقيل - الرس.
aa10@maktoob.com