تزايدت عمليات الاستيلاء على السفن قبالة سواحل الصومال، وأصبح القراصنة الصوماليون (سادة البحر الأحمر) معيدين للذاكرة القراصنة الصقالية وقراصنة البحر الأبيض المتوسط الذين سادوا وإلى فترة طويلة مياه البحر الأبيض المتوسط، وعرقلوا التجارة الدولية حيث كانت الأساطيل الأوروبية الإسبانية والبرتغالية والبريطانية والفرنسية تخشى سفن القراصنة الذين كانوا يستولون على السفن ويقطرونها إلى مخابئهم عند سواحل البحر حيث يستولون على البضائع وحتى البشر الذين يبيعونهم في أسواق النخاسة.
القراصنة الصوماليون لا يشغلون أنفسهم ببيع البضائع ولا الاتجار بالبشر، فالعصر الحديث وفر البديل، فبدلا من الاستيلاء على البضاعة تقدم (الفدية) وتختلف الفديات التي يحصل عليها القراصنة حسب جنسية مالكي السفينة التي يستولي عليها القراصنة وحمولتها، فأصحاب السفن اليابانية يدفعون أكثر من اليمنيين، والسفينة التي تحمل أسلحة كالسفينة الأوكرانية تدفع بالطبع أكثر من سفن صيد الأسماك..!!
رضوخ أصحاب السفن ودولهم لمطالب القراصنة والمسارعة في دفع الفديات شجع هؤلاء القراصنة على توسيع أعمالهم فبعد أن كانت عمليات الاستيلاء على السفن التجارية وسفن الصيد تتم بواقع عملية في الأسبوع، تكاد تصبح العمليات الآن يومية، وهذا ما جعل مسيرو الخطوط البحرية، وشركات الشحن تفكر بالتخلي عن البحر الأحمر كشريان تجاري دولي وتحويل خطوط الشحن والمسارات البحرية والابتعاد عن البحر الأحمر، وباب المندب وقناة السويس وتحويل مساراتهم إلى محطة رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي الإفريقي لتقليل الخسائر وبدلا من وجع الرأس الذي أخذ يثيره القراصنة.هذا الإجراء إذا ما حصل فإنه سيكبد الدول العربية التي لها سواحل وموانئ على البحر الأحمر وهي المملكة ومصر والأردن والسودان واليمن وأرتيريا وجيبوتي والصومال، خسائر كبرى، فبالإضافة إلى وقف العمل إلى أكثر من النصف في قناة السويس سترتفع كلفة التشغيل في موانئ البحر الأحمر لأن كثيراً من السفن ستحتاج إلى وقت أطول حتى تصل تلك الموانئ إذا ما اضطرت إلى الالتفاف والمرور عبر رأس الرجاء الصالح، كما أن الدول المصدرة تتضرر هي الأخرى لارتفاع تكاليف أسعار بضائعها مما يجعلها خارج المنافسة ولهذا فإن الدول الأوروبية وأمريكا والأعضاء الباقين في الحلف الأطلسي تفكر في وضع حد لنشاط القراصنة الصوماليين.. أما العرب المتضررون فلم يستجيبوا بعد لطلب اليمن ودعوته لأشقائه المشاركين له في سواحل البحر الأحمر التصدي لقراصنة الصومال الذين أصبح خطرهم يتعدى حدود الصومال لينتقل شرهم وشرورهم للجيران في البر والبحر معا.