حاورها - نوف الحتيرشي
كسرت المرأة السعودية حواجز العادة والاحتكار في سوق العمل حتى بدت تنافس الرجل في مهن اقتصرت عليه لزمن.
واليوم تتمثل (حواء) في بداية عصر جديد لنساء سعوديات يعملن بكل جد وكفاءة في أي مهنة وتقف كتفاً بكتف بجانب الرجل لترقى بنفسها ومجتمعها إلى الأفضل. وأحد هذه النماذج وفاء الوهيب أول سيدة تحصل على ترخيص لمزاولة مهنة التعقيب وهي المهنة التي اقتصرت على الرجال منذ أن عرف الناس اسم (المعقب).
وتقول الوهيب: إن الفكرة بدأت بعد إنجاز بعض المعاملات للأخوات والأقارب لتتطور إلى إصدار ترخيص من وزارة التجارة قادني لأكون أول امرأة تحصل على ترخيص (مكتب خدمات عامة). وتروي الوهيب تفاصيل حصولها على التراخيص وأبرز المواقف في سياق الحوار التالي:
* ما الدوافع التي قادتك للدخول في هذا المشروع، حيث يتبادر لأذهان الكل إن هذا الاستثمار رجالي بحت؟
- كنت في السابق أنجز بعض المعاملات للأخوات والأقارب بدون مقابل وذلك مجرد خدمة، حيث قادني ذلك للتفكير في فتح مشغل وأعطيت معقباً أوراقي لإنجاز تراخيص المشغل ولكن مع الأسف استغرقت المعاملة معه أكثر من عام ولم ينجز منها سوى النصف بسبب تسويفه وعندها أخذت منه المعاملة وأنجزتها خلال 17 يوماً فقط.. تم الترخيص لي ومن هنا بدأت أفكر في مزاولة المهنة لأني أصبحت على معرفة تامة بإجراءات وتخليص المعاملات، مما حفزني للشروع في هذا المجال وقمت بعمل دراسة جدوى وجهزت جميع الأوراق المطلوبة للمشروع.
وكان أيضاً من أبرز دوافعي لخوض هذه التجربة.. استفزاز أحد الموظفين لي عندما ذهبت لإنجاز معاملات في إحدي الإدارات الحكومية، حيث قال: لا يوجد معك تصريح وقد حظرت اسمك في الجهاز لكي لا يقبل منك أي معاملة، وقلت له: معي وكالة شرعية، فرد عليّ قائلاً: الوكالة مرفوضة، ثم ذهبت بعد ذلك إلى القسم النسائي بوزارة التجارة وطلبت تصريحاً لمزاولة مهنة التعقيب وأخبروني بأنه لا يوجد تصريح للسيدات وقالوا لي: أنت أول امرأة تطلب هذا الطلب، ولم أيأس فذهبت للمسئول في قسم الرجال وقال لي: لا يوجد سوى واحدة، قلت: وما المانع بأن أكون الثانية، ثم حوّلني إلى مسئول أعلى منه، كان معي ولدي.. فقال المسئول: لا مانع لدي إن كان باسم ولدك ولكن باسمك فلا، وفي نهاية الأمر تم منحي الترخيص.
* ما المدة التي حصلتِ فيها على الترخيص من وزارة التجارة؟ وهل كان هناك مرونة من الوزارة في سرعة حصولك عليه؟
- لم يستغرق حصولي على الرخصة من الوزارة أكثر من عشرة أيام ولكن تأخرت طوال السنة الماضية من أجل الحصول على ضمان بنكي وبعد إنجاز هذه الخطوة تم الترخيص لي مباشرة ولكن في العادة لا يستغرق مثل هذا الترخيص سوى أربعة أو خمسة أيام.
* قبل اتخاذ القرار.. هل فكرتِ بالصعوبات التي ستواجهك وخصوصاً طرح الفكرة على العائلة؟ أم أن الإغراءات جعلتك تغضين الطرف عنها؟
- طرح الفكرة على الأهل لم يكن مسألة صعبة؛ لأنهم يثقون كثيراً بيّ ويشجعونني وأنا معتادة على السفر بمفردي، أما زوجي فلم يعارضني ولكنه كان يشعر بأن الأمر صعب المنال وما زال إلى الآن مراهناً على عدم نجاحي، أما المغريات فهي في وجهة نظري تحديات وأول تلك التحديات تتمثل في رفض طلبي استخراج تصريح لفتح مكتب خاص بيّ لمباشرة أعمالي من خلاله، ولا أخفيكم إن قلت لكم: إن أقربائي يتسارعون لإحضار معاملاتهم لي لأنجزها لهم.
* برأيك.. ما المواصفات التي يجب للمرأة التحلي بها في حال رغبتها خوض مهنة التعقيب؟
- يجب أن تكون قوية الشخصية، قادرة على كسب احترام الآخريين، اللباقة، تخفض صوتها عندما تتحدث، القدرة الكافية على دراسة المعاملات دراسة وافية لإنجازها.
* السيدة فوزية المباركي أول معقبة سعودية هل أطلعتِ على تجربتها؟
- الأخت فوزية تعمل منذ وقت طويل ولها خبرة كبيرة في هذه المهنة وأتمنى منها التعاون معي ولكنها للأسف إلى الآن لم تحصل على ترخيص فتح مكتب، كما أنني لم أكن على علم بدوافع الأخت فوزية التي قادتها لخوض هذه التجربة.
* تكررين رغبتك في مساعدة المرأة.. هل يوجد سيدات تريدين مساعدتهن بشكل خاص؟
- نعم هناك سيدات قبل حضورهن لي سأبادر بمساعدتهن وهن الأرامل، لحدوث موقف صار مع إحدى قريباتي والتي وقعت ضحية للنصب والاحتيال ولم تجد من يأخذ بيدها وينصحها وذلك عندما وقعت على وكالة عامة رغم أنها تريد توقيع الوكالة على تأشيرة استقدام وضاع حقها لأنها لم تكن على دراية كافية بما قامت به.
* هل هناك سيدات أقبلن على العمل معك وتشجعن بعد اطلاعهن على تجربتك في هذه المهنة؟
- نعم يوجد إقبال على العمل معي في المكتب وقد أعددت الآن طاقماً من بعض الفتيات السعوديات وهن حاصلات على مؤهل في إدارة الأعمال وذلك للعمل معي في هذا المشروع.
* هذه المهنة تتطلب من الرجل مجهوداً كبيراً فكيف بامرأة تدير منزلها وفي ذات الوقت تقوم بأعباء هذه المهنة الشاقة؟
- يوجد مهن أخرى عديدة تتطلب مجهوداً أكبر من هذه المهنة، وهي لا تشكل لي أي عبء كما يرى البعض، أما بالنسبة للتنسيق بين عملي وبيتي فكما هو معلوم فإن الدوائر الحكومية دوامها صباحي بعد الساعة السابعة وقبل هذا الوقت أقوم بإنجاز عملي في البيت ثم اذهب لمراجعة الدوائر الحكومية وأعود إلى المنزل عند الحادية عشرة وإلى هذا الوقت يكون أبنائي في الجامعة.
* في ظل واقع التحول إلى الحكومة الإلكترونية.. كيف تنظرين لمستقبل الخدمات العامة التقليدي؟ وهل تهيأتِ لمواكبة هذا التطور؟
- ما المانع في أن أوظف القدرات المتاحة لي لخدمة المراجعين إلكترونياً في حال تطبيق نظام الحكومة الإلكتروني بشكل تام ولا أخفي أن هناك بعض الأخوات حاولن استخدام برنامج الخدمات الإلكترونية في تسديد التأشيرات ولكن للأسف كان ذلك بشكل خاطئ وتضررن من استخدامه.
* ما تقييمك لتعامل موظفي الدوائر الحكومية.. وما أنواع المعاملات التي ترغبين في تسلّمها من خلال المكتب؟
- للأمانة كنت ألقى معاملة محترمة من الموظفين وبما أنني امرأة فهم يتعاونون معي بشدة وذلك نظراً لأن النساء لم يعتدن مراجعة الموظفين من الرجال إلا من حين إلى آخر. أما بالنسبة لأنواع المعاملات التي ساستلمها.. فمكتبي مكتب خدمات عامة لذلك استقبل جميع أنواع المعاملات التي يحتاجها المراجع من جميع الفئات وفي مجالات متعددة.
* يرى البعض أن مهنة التعقيب تعتمد على حجم علاقات المعقب داخل الدوائر الحكومية... فما تعليقك؟
- هذه فكرة خاطئة والمعنى على هذا أنه لم تنجز أي معاملة إلا للذين لهم علاقات داخل الدوائر ان كانت هكذا لما وصلنا لما نحن عليه وما كان أنجزت أي معاملة لأي شخص ليس له علاقة بمن هم داخل الدوائر الحكومية.
* المملكة تشهد تحولات اقتصادية دفعت إلى تغيير مفهوم عمل المرأة.. فكيف تنظرين لهذا التحول؟
- التحولات التي تشهدها المملكة اقتصادياً في الوقت الراهن أجبرت المجتمع على تغيير نظرتهم للمجالات التي من الممكن أن تشغلها المرأة السعودية لأنها أثبتت أنها عنصر فعال وبسبب هذا التغيير مثلاً سيزداد الإقبال على مجال الخدمات العامة والتعقيب ولن يكون حكراً على الرجال كما كان يحدث في السابق.
* في ختام هذا اللقاء لمن توجهين بعض الرسائل؟
- الرسالة الأولى: للسيدات وأقول فيها: أتمنى أن تجد مهنة التعقيب إقبالاً من النساء لأني أشعر بضعف إقبالهن تجاهها.
الرسالة الثانية: إلى وزارة التجارة.. وأشكرهم عبرها على تعاونهم وتشجيعهم لي لموافقتهم على طلب الترخيص وعلى طرحهم ملفاً متكاملاً يحتوي على كل ما يحتاجه المراجع لإنجاز أي عمل.