قبل عدة سنوات قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بالطلب من كافة البنوك والمصارف بتحديث بيانات حسابات العملاء وإقفال الحسابات التي لم يتم تحديثها، المؤسسة والبنوك كانوا جادين في الأمر، بينما العملاء لم يأخذوا الموضوع في البداية محمل الجد، وتفاجأ بعضهم بعد فترة بإيقاف حساباتهم وعدم تمكينهم من القيام بإجراء أي عملية مصرفية إلا بعد مراجعة البنك لإجراء تحديث للبيانات الخاصة بهم، وبدأت البنوك ترسل رسائل لعملائها تحثهم على تحديث البيانات قبل إيقاف الحسابات ونجحت تلك الحملة وحدثت الحسابات وأوقفت الحسابات التي لم يتم تجاوب أصحابها لتحديثها. ونجحت تلك التجربة خير نجاح وتقبلها الجميع حتى أصبح العميل هو من يحرص دائما على المرور على البنك من أجل التأكد من سلامة البيانات المسجلة في حسابه.

بالأمس، أطلقت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات حملة من خلال نشر بيان صحفي وإعلانات عبر الصحف من أجل تحديث بيانات المشتركين في الهواتف المتنقلة، وطلبت من الشركات مقدمة الخدمة أن تبدأ بشكل فوري وجدي بالطلب من مشتركيها تحديث بياناتهم الشخصية لكي لا تتعرض هواتفهم للفصل عن الخدمة، وبحسب ما نشر فإن السبب الرئيس لتلك الحملة هو الحفاظ على خصوصية المشتركين وحمايتهم ومنع إساءة استخدام أسمائهم من قبل آخرين، ولتفادي الشكاوى القائمة من تلقي حالات إزعاج مستمر، مع تحذير الهيئة عدم استخدام أي رقم مجهول الهوية، أو شرائه, أو بيعه؛ حتى لا يتعرض المخالف للمساءلة القانونية حسب الأنظمة المعمول بها.

تلك الخطوة من الهيئة ممتازة للغاية وأتت في وقتها بعد تزايد انتشار بطاقات مجهولة الهوية يستخدمها أشخاص من ضعاف النفوس لإيذاء الآخرين. ولكي تحقق النجاح المطلوب فإنه لابد من تعاون وتضافر جهود عدة أطراف أخرى مع الهيئة أولها المشترك بالخدمة من خلال الالتزام بتحديث بياناته وثانيها هم شركات الاتصالات المتنقلة والتزامها بتحديث البيانات الخاصة بكل مشترك. وعملية تحديث بيانات المشتركين لها نواحي إيجابية عديدة لعل من أهمها منع إساءة استخدام الخدمة لأغراض سلبية تخل بالأمن والأخلاق، وكذلك تساعد من الناحية الاقتصادية والاستثمارية على التعرف بشكل دقيق على عدد المشتركين الفعالين بخدمات الاتصالات المتنقلة وتقدير حجم السوق الحقيقي وبالتالي التعرف على جدوى الاستثمار في هذا المجال.

ننتظر بمشيئة الله أن تحقق تلك الحملة النجاح المطلوب أسوة بما حققته تجربة مؤسسة النقد والبنوك في تحديث بيانات العملاء.