Al Jazirah NewsPaper Sunday  12/10/2008 G Issue 13163
الأحد 13 شوال 1429   العدد  13163
الادخار في الأسهم
مقبل السلمي

على الرغم من أن الكثير من الأفراد محدودي الدخل لم يعد لديهم الإمكانية لتوفير أي جزء من دخلهم الشهري بسبب الخسائر المتوالية في السوق المالية أو غيرها من الاستثمارات التي كانت تستهدف الأفراد خلال العامين الماضيين والتي نتج عنها فقد كبير في السيولة لدى الأفراد، بالإضافة إلى أن السيولة الاستثمارية تعتمد في معظمها على القروض والذي انعكس سلباً كذلك على متوسط الدخل الشهري، ما جعل البعض يلجأ إلى أسلوب الادخار الشهري كأسلوب آمن من ناحية ولمحاولة تكوين قدر معين من رؤوس الأموال للدخول مجدداً في استثمارات أخرى. لذا فمن الممكن أن يحول الأفراد أسلوب الادخار لديهم من ادخار ثابت إلى ما يعرف (بالادخار المنتج) الذي ينتج عنه النمو في المدخرات مقارنة بالادخار الثابت داخل الحسابات الجارية. ويعد سوق الأسهم هو الخيار الأفضل لمثل هذا النوع من الادخار، خصوصاً أنه من المتيقن أن أسعار الأسهم في السوق السعودية تدور حول مناطق قيعان وتعتبر ذات درجة أمان جيدة على المدى المتوسط والطويل، وعلى الرغم من أن درجة الأمان بالنسبة للأسعار الحالية ليست السبب الوحيد لاختيار السوق المالية كإحدى أفضل قنوات الادخار المنتج، حيث إن من الأسباب أيضاً إمكانية البدء في الادخار بمبالغ بسيطة، إلا أنه لابد من أخذ مستوى المخاطرة بعين الاعتبار حتى تكون الأموال المراد ادخارها في مأمن عند الحاجة إليها. ويتميز الادخار في السوق المالية خصوصاً ما يكون منه على المدى الطويل بعدم أهمية اتجاه الأسعار في الأشهر الأولى، إذ إنه من الممكن الاستفادة من الاتجاه الهابط للأسعار في زيادة عدد الأسهم المدخرة شهرياً، وذلك بشراء كميات أكبر بنفس القيمة التي تمثل المتوسط الشهري للادخار، بينما تتحسن معدلات الادخار الأشهر الفائتة في حال ارتفعت القيمة السوقية للسهم أو مجموعة الأسهم التي يتم الادخار بها. وقد يكون الفرق بين الادخار والاستثمار والمضاربة طويلة المدى في السوق المالية متشابهة من حيث آلية التنفيذ، إلا أن هناك فروقاً جوهرية بين الأنواع الثلاثة من المتاجرة، فالاستثمار يحتاج إلى اختيار أسهم ذات عائد سنوي أو ربع سنوي، بينما لا يشترط في الادخار أن تكون الأسهم المختارة ذات عائد، فالشرط اللازم توافره هو أن تكون هذه الأسهم في مناطق قيعان وبالتالي فإن التحليل الفني هو المعيار الذي يتم بناءً عليه تحديد هذه الأسهم، حيث إن الحركة السعرية للسهم أو التغير في القيمة السوقية هي العامل الذي تعتمد عليه هذه الآلية. وقد يتساءل البعض لماذا لا تكون الأسهم المختارة ذات عائد مادي؟ والجواب أنه لا مانع بل يفضل ذلك بشرط وجود هذه الأسهم في قيعان سعرية، ولكننا لم نركز على هذا الأمر ولم نعتبره شرطاً لأننا نتحدث عن أموال صغيرة ومهما بلغ العائد على السهم فإن الأرباح لن تكون ذات جدوى عند مقارنتها بنمو الودائع المتحققة من خلال القيمة السوقية. ومن المعايير المهمة أيضاً تدني القيمة السوقية للسهم والذي يعد عاملا مهما هو الآخر وذلك حتى يكون السعر متناسبا وحجم الادخار الشهري للفرد والذي في الغالب يكون بمبالغ بسيطة مقارنة بالحد الأدنى المطلوب للتداول في السوق المالية.

من ناحية أخرى فإن هناك اختلافا أيضا بين المضاربة والادخار، فعمليات المضاربة يمكن القيام بها في الموجات الصاعدة الفرعية والرئيسية ويكون جني الأرباح منها بقدر طول الموجة، مع اعتماد مبدأ وقف الخسارة في حالة تراجع الأسعار إلى مناطق يجب عندها وقف الخسارة، بينما لا يتم العمل بنظام الادخار المنتج في الأسهم إلا عند قيعان الموجات الرئيسية كما هو الحال للسوق السعودية حاليا. كما أنه تجدر الإشارة إلى عامل آخر مهم وهو الفئة العمرية للفرد الراغب في اتباع هذه الآلية، إذ إن مرحلة الشباب خصوصا مع بداية الحياة العملية تعد هي الأفضل لاتباع سياسة الادخار المنتج، فهي تعد أفضل بكثير من القروض التي قد تقود إلى ضغوطات مادية لاحقة تمتد آثارها إلى سنوات طويلة تحول دون قدرة الشخص في توفير متطلبات الحياة. وقد يكون هذا المبدأ مرفوضاً للكثير بسبب الخلفية السلبية التي تكونت عن السوق المالية نتيجة الموجات الهابطة المتكررة، إلا أنه لابد من الاعتراف بحقيقة دورات الأسواق المالية التي يجب أن يمر السوق السعودي بها كغيره من الأسواق.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد