لم يبق سوى أسابيع معدودة على موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية. لقد حمي الوطيس، والمؤشرات الآن تشير لمصلحة أوباما، في سباق لم ينته بعد.
بدأت الحملة باتهام ماكين لأوباما بأنه لا يملك الخبرة الكافية لتولي المنصب الرئاسي. وقد أجاب أوباما باختيار نائب للرئيس يتميز بخبرته المتفق عليها. كما حرص أن يكون نائبه أبيض اللون لجذب قطاع أكبر من الناخبين. كما اختاره كاثوليكيا ليجذب هذه الفئة الكبيرة من الشعب الأمريكي.
قارن هذا الاختيار باختيار مكين لنائبته التي تنقصها الخبرة والمصداقية التي يتطلبها هذا المنصب. فعندما اختار ماكين نائبته كان هدفه جذب من صوتوا لهيلاري كلنتون، مفترضا أنهم، أو أنهن، لن يرضوا بالتصويت لأوباما. وقد نسي أن يبحث عن امرأة تتوفر فيها الصفات الأخرى التي يتطلبها المنصب قبل ذلك. وقد وقع الفأس في الرأس فحتى بعض الجمهوريين طالبوها بالانسحاب.
ثم جاءت المناظرات بين المرشحين، فتعادلا في الأولى، وانتصر أوباما في الثانية. انتصر لأنه ركز على عدد من الاستراتيجيات المدروسة، التي طبقها بدقة.
فقد استمر في ربط منافسه بسياسات الرئيس الحالي، جورج بوش، حين أكد مراراً أن ماكين صوّت مع بوش في أغلب القضايا التي صُوّت عليها في مجلس الشيوخ.
كما ابتعد في المناظرات عن الهجوم الشخصي، مدافعا عن نفسه عندما يُهاجَمُ شخصياً فقط. وكثيرا ما كانت ردوده تلك ضربات موجعة لخصمه. وقد تدرّب على تلك الاستراتيجية وأجادها خلال سباقه مع هيلاري كلنتون.
في المناظرة الثانية كان ماكين في حاجة للفوز أكثر من أوباما لأنه كان في المؤخرة. ولكنه عجز عن الدفاع عن سياسات بوش الاقتصادية وحربه في العراق، كما عجز عن فصل نفسه من تلك السياسات بشكل مقنع.
أضف إلى ذلك أن أوباما استمر في سياسة احترام خصمه أثناء المناظرة. وهو أسلوب يقدّره الناخبون والمراقبون الذين سيسطرون مقالات في تحليل المناظرة. أما ماكين فقد أخطأ مرة أو مرتين في هذا الباب، وكانت أخطاؤه مكلفة.
والآن كل المؤشرات تقول إن أوباما قاب قوسين أو أدنى من المكتب البيضاوي، فقد حصل تقريباً، حسب حسابات المراقبين، على الأصوات المطلوبة لكي يُنتخب.
ولكن الأمور ليست بهذه البساطة في الانتخابات الأمريكية. فالمعروف أن نسبة من الناخبين المترددين لا يقررون أن تذهب أصواتهم إلا خلال الأسبوع الأخير أو الأيام القليلة التي تسبق يوم الانتخابات. وقد تطرأ أمور جديدة أو تظهر فضائح، أو يقع أحد المرشحين في خطأ يقلب الموازين. كما أن هناك مناظرة ثالثة هذا الأسبوع.
ويزيد من تردد المراقبين أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنتخب رئيسا غير أبيض في تاريخها. ولذلك فقد تُغيّر الأحاديث الخاصة، العائلية وغيرها، من أصوات البعض قبل أن تتحول إجابات الاستبيانات التي ترددت علينا خلال العامين الماضيين إلى أصوات حقيقية ترفع مرشحاً وتسقط آخر.
بقي أن نقول إن الانتخابات الأمريكية القادمة تأريخية مهما كانت النتائج، فهي ستنتهي بانتخاب رئيس أسود، نوعا ما، أو نائبة رئيس، وكلا الأمرين سيحدث للمرة الأولى، إن حدث.
smassabti@yahoo.com