Al Jazirah NewsPaper Friday  10/10/2008 G Issue 13161
الجمعة 11 شوال 1429   العدد  13161
أستاذ الفيزياء بجامعة الملك سعود د. عبدالله البسام لـ«الجزيرة»:
الطاقة المتجددة (بدائل النفط) ما زالت ضعيفة وخياراتها متأخرة

الجزيرة - حازم فهد السند

منذ حظر الإمدادات النفطية عن الغرب إبان الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، والغرب يتحرق إلى اليوم الذي يستغني فيه عن النفط العربي، ويسعى حثيثا إلى إيجاد طاقة بديلة، متميزة بالوفرة وقلة التكلفة، ولم يتورع الساسة الغربيون إذ ذاك عن تحديد فترة زمنية لمشروعهم هذا، لكنهم كلما حان الموعد المضروب، اضطروا إلى تأجيله، واستمر ذلك أكثر من ثلاثة عقود حتى وصلنا هذا العام 2008م.

الطاقة المتجددة، هدية ثمينة إلى الأرض، تتنوع مصادرها، لكنها تتفق في أنها غير ضارة، وغير نافدة، وهاتان الميزتان بهما يتذرع العلماء في معاملهم، ويرون أنهم يقومون بدورهم العلمي الحقيقي في خدمة البشرية والحفاظ على الحياة؛ وانطلاقاً من هذه النزعة العلمية البريئة، نحاول التعرف أكثر على هذه الطاقة الجديدة:

فما هي نشأتها؟، وأين موقعها من النفط؟، وإلى أين وصل العالم في أبحاث الطاقة المتجددة؟ , وهل حقا سوف يستغني العالم عن النفط قريبا وتتحقق تلك الأمنية، وما هو موقف العرب من هذه التقنية؟ , بخاصة بلادنا، بيّن الأستاذ الدكتور عبدالله البسام، أستاذ الفيزياء بجامعة الملك سعود, ومؤلف كتاب (الطاقة الجديدة والمتجددة), ميزات الطاقة المتجددة التي تتمثل في كونها متوافرة في الطبيعة بكميات غير محدودة, وتتمتع باستمرارية التجدد, وأهم مصادرها الطاقة الشمسية, وطاقة الرياح, والمساقط المائية, وطاقة قوى المد والجزر, طاقة الكتلة الحيوية, طاقة الهيدروجين, والحرارة الجوفية.

جهود دولية

* ما هي قراءتك لجهود مختلف الدول لإيجاد هذه البدائل, وهل هذا الاهتمام منطلق من نواح اقتصادية أم بيئية؟

- واقع الحال يشير إلى أن هذه البدائل ليست قادرة أو ليست جاهزة، بل هي مكلفة أكثر من النفط وكما ذكرنا أنه زاد الاهتمام بالطاقة المتجددة كحل مناسب لأزمة الطاقة مستقبلا نتيجة لأن النفط والغاز سينضبان خلال سنوات معدودة وأيضا زيادة أسعار النفط والغاز لهما دور مهم في الاتجاه والبحث لاكتشاف مصادر جديدة للطاقة والاهتمام بها إذا ما قورنت بالأخطار الناتجة عن استخدام الطاقة النووية التي تعتبر حاليا المصدر الثاني للطاقة بعد النفط واهتمام الدول بالطاقة المتجددة لا يخلو من كلا الأمرين الاقتصادي والبيئي.

* هل ترى أن فكرة التلوث البيئي الذي تسببت فيه الطاقة الأحفورية مبالغ فيها، أم أن المخاوف حقيقية وينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار؟

- من المؤكد أن عمليات حرق هذه الأنواع من الوقود التقليدي (النفط, الفحم, الغاز) لإنتاج الطاقة في محطات الكهرباء والمصانع أدت إلى انبعاث غازات أهمها ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وغيرها من الغازات مما خلق عدم توازن بين البيئة والتنمية وأدى ذلك إلى توقع البعض لأسباب التدهور البيئي وإرجاعها إلى استخدام الوقود الأحفوري بخاصة الفحم والنفط وذهب البعض إلى الدعوة للحد من استهلاك هذا الوقود واستبداله بأنواع أخرى من الطاقة مثل الطاقة النووية والطاقة الجديدة والمتجددة.

* وماذا عن دور السعودية البيئي, فهل أخذت بطرق الحد من التلوث الناتج عن عملية التكرير واستخراج النفط, أو الناتج عموما عن الطاقة الأحفورية... وهل تراها حققت كثيرا في ذلك؟

- تهتم السعودية بالصناعات النفطية والحد من كمية النفايات وحسن معالجتها والتخلص منها حيث اقامت مشاريع كبيرة لتجميع الغازات الطبيعية ومعالجتها بغرض فصل مكوناتها السائلة التي يتم استغلالها محليا ويصدر الفائض منها والسعودية من أحرص الدول في عمليات استخراج النفط وتكريره والحد من التلوث الناتج عن ذلك.

* إلى أي حد سوف يستغني العالم عن النفط بحسب استقرائك للنشاط البحثي الحالي؟

- يعتبر النفط من أهم مصادر الطاقة في هذا العصر وتستخدم الدول النفط في كل شأن من شؤونها فهي تستخدمه لتسير وسائل المواصلات المختلفة ووقودا للصناعات المختلفة والصناعات البتروكيمائية وغيرها وهذا يعيدنا إلى القول إنه طالما أن التقنية في استخدام الطاقة الشمسية وطاقات الرياح وغيرها لتوليد الكهرباء لم تتحسن فإن الطلب على الوقود الأحفوري سيبقى على حالة في ارتفاع.

* وهذا يجرنا إلى السؤال حول إمكانية أن ستتحسن هذه الطاقة, ويغدو إنتاجها أيسر وأفضل من الأحفوري؟

- نجد أن تكلفة المواد الأساسية اللازمة لأجهزة استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة من أهم العوامل التي تحد من استخدام هذه الطاقة بالإضافة إلى أن هناك بعض العوامل تحول دون استخدامها في الوقت الحاضر بشكل اقتصادي مثل قلة كثافة الاشعاع الشمسي في بعض الاماكن من العالم وكذلك تأثير بعض العوامل الجوية مثل الرياح والامطار والثلوج وغيرها من العوامل وبالرغم من ذلك فان هناك بعض الاستخدامات للطاقة الجديدة والمتجددة تكون اقتصادية في الوقت الحاضر للمناطق النائية والوعرة مثل إنارة الأنفاق وتسخين المياه وتجفيف المحاصيل الزراعية وانارة الاشارت الضوئية وابراج الاتصالات وغيرها.

* وماذا عن حكاية أن نفط السعودية سينضب قريبا؟

- السعودية لديها احتياطي نفطي ضخم يتجاوز20% من إجمالي الاحتياطي العالمي ولهذا أصبحت السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط ومنتجة والسعودية تحرص على توفير الامدادات النفطية للمستهلكين بمقاييس عالية, ومن المتوقع - بأمر الله سبحانه - أن يكون إنتاج عشرة ملايين برميل يوميا كافياً لمدة تزيد على 60 سنة حسب الاحتياطي المعلن والبالغ 268 مليار برميل تقريباً.

المنافسة بين الطاقتين

* هل الصناعات المعتمدة على الطاقة المتجددة - حالياً - بإمكانها منافسة الصناعات التي تعتمد على الطاقة التقليدية؟

- أعتقد أنه ليس بإمكانها منافسة الطاقة غير المتجددة في الوقت الحالي وسوف تنحصر الطاقة المتجددة كحلٍ مثالي ومناسب للمناطق النائية والوعرة نظرا لصعوبة إيصال الكهرباء لهذه المناطق فتكون الطاقة الشمسية ميزة مهمة عند استخدامها في هذه المناطق لإنارة الانفاق والمناطق الزراعية النائية حيث توفر تكاليف الوقود عند استخدام المولدات وكذلك تكاليف توصيل التيار الكهربائي لها.

* الطاقة الهيدروجينية، المرحلة الأهم، إلى أين وصلت؟

خلية الهيدروجين تشبه البطارية العادية ذات الخلايا المعدنية والفرق هو أنك بدلا من إعادة الشحن للبطارية بالكهرباء فإنك تزودها بالهيدروجين في هذه الحالة, وينتج الماء فقط (ليس هناك أي نوع من التلوث) ولكن الصعوبة في استخدام الهيدروجين كوقود أنه يتطلب خزانات وقود مرتفعة الثمن وأن يكون الهيدروجين نقيا جدا حتى لا تقضي على خلية الوقود (البطارية), ويعتقد كثير من الخبراء والباحثين أن سيارات الهيدروجين لن تتعدى مرحلة التجربة ولن يكون استخدامها على نطاق واسع أمرا واقعاً؛ لأنه لم يكتشف طريقة مناسبة للحصول على الهيدروجين بسعر مناسب والطريقة المعروفة هو استخراج الهيدروجين من خلط الماء مع الميثان (الغاز الطبيعي) تحت حرارة تتراوح بين 800-1100 درجة مئوية وهي طريقة تعتمد على الوقود الأحفوري واستخدام الكهرباء مما يؤدي لزيادة الطلب على النفط في حالة استخدامها, ويمكن الحصول على الهيدروجين من النفط والغاز الطبيعي والفحم, وتقدر نسبة الإنتاج وفقا لما يلي:

50% من النفط

30% من الغاز الطبيعي.

15% من الفحم.

ويتم الحصول على الهيدروجين من الماء بتحلله إلى عنصريه - الأوكسجين والهيدروجين-.

ويستخدم الهيدروجين كوقود نظيف حيث لا ينتج عن حرقه أي تلوث للبيئة فهو عندما يحترق يعطي بخار الماء, ويستفاد من طاقة الهيدروجين في تطبيقات عديدة مثل توليد الكهرباء ووقود للمحركات وما زالت هناك بعض الصعوبات التي تحد من استخدام هذا الغاز في مثل هذه الأغراض ومن أهم هذه الصعوبات أن غاز الهيدروجين سريع الانتشار وذلك بسبب صغر حجم جزيئاته التي تستطيع أن تمر في مسام جدران الأنابيب الحافظة له لذا لا بد من صنع أنابيب خاصة لحفظه.

* أي أنواع الطاقة المتجددة التي تبحث في المملكة بخاصة مراكز البحث, كجامعة الملك سعود, ومدينة الملك عبدالعزيز؟

- تهتم المملكة العربية السعودية بمعظم أنواع الطاقة المتجددة, بخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الكتلة الحيوية وتقوم بدعم المشاريع في ابحاث الجامعات وغيرها.

* لماذا تهتم المملكة بهذا العلم، وأي نجاح في تطبيقه يعني تقلص الحاجة إلى السلعة الأولى هنا؟

- من المطمئن للقلقين من هجمة البدائل, أن نبين أن التقنية المستجدة المستخدمة مكلفة ولن تتحسن بصورة كبيرة في الوقت الحالي, والطلب على الوقود الأحفوري سيبقى مرتفعا ولكن أهمية الطاقة المتجددة في المملكة يكمن في استخدامها لإنارة المناطق النائية وإنارة الأنفاق في المناطق الجبلية الوعرة البعيدة عن المدن والتي يصعب إمدادها بالكهرباء أو وضع مولدات الكهرباء فيها والمشاريع البحثية في السعودية ما هي الا محاولة لايجاد البدائل والحرص على التطبيقات الملائمة والممكن تطبيقها في السعودية مع مراعاة الاهتمام بالجانب البيئي والصحي.

إنتاج الطاقة الحيوية

* وماذا عن كيفية وطرائق إنتاج الطاقة الحيوية؟

- تطلق كلمة (البيوماس) على مجموعة المخلفات النباتية والحيوانية أو الميتة المتواجدة على سطح الأرض وقد تكون هذه المخلفات صلبة كالقمامة أو الروث الحيواني ومخلفات الأشجار أو قد تكون سائلة كمخلفات الصناعات ومياه المجاري والتي يمكن إطلاق طاقتها الكامنة فيها عن طريق الحرق المباشر أو بالتخمير.

وتوجد عدة تقنيات تستخدم في الدول الغربية وبعض البلدان النامية من أجل الحصول على الطاقة من الكتل الحيوية فيمكن معالجة هذه المخلفات لإنتاج بدائل البنزين بواسطة التخمر والتقطير لبعض السكر لإنتاج الكحول الإيثلي وكذلك يمكن إنتاج ذلك من بقايا المخلفات المتراكمة والتي يحدث بها بعض التخمر بواسطة انواع معينة من البكتيريا في معزل عن الهواء وينتج عنها غازات هيدروكربونية مثل الميثان حيث يمكن استخدام هذه الغازات كوقود ويمكن تحويل هذه المخلفات الزراعية إلى ميثانول بتسخينها بمعزل عن الهواء عند درجة حرارة حوالي 700 درجة مئوية حيث يستخدم الميثانول كوقود للسيارات.

وقد بدأ استخدام قصب السكر بدلا من النفط في البرازيل وهو ما يسمى بالوقود الحيوي, حيث بدأت بإنتاج سيارات تستخدم خليطا من الإيثانول 85% والنفط 15%.

وفي أمريكا يتم استخدام الوقود حيث يستخرج الإيثانول من الذرة بدلا من قصب السكر حيث إن أمريكا من أكبر الدول المصدر للذرة ويستخدم بصورة متزايدة هذا المحصول لإنتاج الإيثانول بدلا من تصديره.

وفي أوربا يستخرج الوقود الحيوي من زيت النخيل والحبوب الناضجة كذلك, واستخدام الوقود الحيوي (الإيثانول) هو السبب الرئيسي لارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية والمنتجات الغذائية لارتباطه بخطوط إنتاج حيواني وغذائي عدة.

ومن الطبيعي أن يغري المزارعين الطلبُ على الإيثانول على زراعة الذرة بدلا من القمح وغيره من المحاصيل والذي يؤدي لتراجع مخزون الحبوب.

وبحسب تقديرات البنك الدولي فأن أسعار المنتجات الغذائية ما كانت لترتفع عالميا الا بسبب استخدام هذه المحاصيل كوقود حيوي.

* ما هو آخر ما توصل إليه الباحثون في هذا المجال؟ كبحث وطني سعودي؟

- نحن نعمل على دراسة جدوى مواد عديدة من مواد أشباه الموصلات والتي تستخدم في صنع الخلايا الشمسية وحيث نسعى الآن بالاهتمام بالاستفادة من الرمل الأبيض لإنتاج السيليكون الخام في السعودية ضمن مشاريع البحوث الوطنية وكذلك استخدام تقنية النانو لتجهيز الخلايا الشمسية وتحسين خواصها وكفاءتها, وجامعة الملك سعود حريصة جدا على دعم ابحاث اعضاء هيئة التدريس وبخاصة الابحاث الوطنية ذات المجال التطبيقي والمفيدة للسعودية من اجل ابتكار وصنع خلايا ذات جودة وكفاءة عالية واستخدام انواع الطاقة الجديدة والمتجددة في تطبيقات عديدة.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد