Al Jazirah NewsPaper Friday  10/10/2008 G Issue 13161
الجمعة 11 شوال 1429   العدد  13161
العش الوردي
كلمة معجزة

جلست يوماً متكئاً في مخدعي أرقب الليل الطويل وكأنه ينحني وأغمضت عيني واحتضنت النسيم أو احتضنني ولف السكون الليل ولفني وصوت طائر حزين بأشجانه قد هزني والقمر بسحره قد شدني، وبين يدي رسائل كثيرة أرسلتها قلوب حائرة وأعماق تائهة، أفئدة تستصرخ للنجاة كعصفور بلله ماء المطر في ليلة شاتية ظلماء كطفل في جنح الليل لا يظله إلا السماء، كراكب البحر ألقت به الريح بجزيرة أنيسة فيها الشقاء، عليل لا يملك ثمن الدواء. فحوى رسائلهم هموم زوجية وأحزان منزلية ومعاناة حياتية ومشاكل عائلية تصب في قالب واحد عنوانه المشكلات الزوجية.

وحينما حاولت أن أجيب عن تساؤلاتهم كي أضمد جراحهم واشفي بإذن الله صدورهم وجدتني احتاج إلى المجلدات الطوال لتفي بغرضي ولتحمل إليهم قصدي. وتساءلت كيف أستطيع الجواب الكافي الشافي في كلمات معدودات وأسطر قليلات فهداني ربي لكلمة واحدة معجزة حقاً إنها كلمة معجزة، تمثل العصا السحرية التي تحل كل مشكلاتنا وتساعدنا على التنعم بحياتنا كلمة واحدة في كتاب ربنا جلّ وتعالى معجزة ومبهرة ومع قلة مبناها وعظم معناها فإنها كافية لتحل مشاكل البيوت كلها دقها وجلها.

نعم ولا عجب فالذي خلق الأرواح والقلوب هو العليم بما يصلح حالها ويقيم أمرها ويذهب غيظها. قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}. الكلمة المعجزة هي قوله تعالى: (لِّتَسْكُنُوا)، هل تفكرتم في هذه الكلمة وما تحمله من معانٍ لا تكفيها مقالات طويلة منمقة ولا كتب متخصصة متعمقة. اقرؤها بقلوبكم وأوردوها على أفئدتكم فهذه الكلمة هي بلسم الجراح وماء الروح وشفاء الصدور وسكينة القلوب.

أخوتاه هل حققنا هذه الكلمة واقعاً في حياتنا؟ كفانا تنظيراً باهتاً سالباً لا يقدم ولا يؤخر ولنتصارح جميعاً.. هل ساعدت زوجك على أن يحيا هذا المعنى الرائع المبهر في بيته؟، فوالله ما أكثر البيوت، بل القصور ولكن ما أقل السكن.. وأنت أيها الزوج هل اكتفيت بما أعدته لك من السكن وقنعت به، فسكنت روحك عن غيرها وسكنت مشاعرك على أعتابها وسكنت حياتك بجوارها، أم أنك قابلت السكن بالجحود والنكران ولم تشكر نعمة الواحد المنان.

أخي الحبيب حول الكلمة إلى واقع عملي (فاسكن إليها) بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ. وأنتن أخواتي الكريمات ساعدن أزواجكن ليسكنوا إليكن فحولن بيوتكن إلى سكن حقيقي تحل جميع مشكلاتنا بإذن ربنا العلي، ولا تنسوا أن كل سكن وإن ضاق وصغر هو قصر مشيد ولكن ليس بالضرورة أبداً أن يكون كل قصر مشيد مكاناً نسكن فيه.

وليد فتحي


polyclinic2000@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد