كتب - مندوب (الجزيرة)
أكد عدد من رؤساء الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في مناطق المملكة الدور الكبير الذي تقوم به المسابقات المحلية والدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره في الحفاظ على الشباب والفتيات وتحصينهم من الأفكار المنحرفة والشاذة، وقالوا: إن التنافس في ميدان حفظ كتاب الله وإتقان تلاوته ومعرفة معانيه أشرف ميدان، مشيرين إلى الإقبال الكبير على حلق التحفيظ وأن الأعداد تتزايد عاماً بعد عام.
وقال رؤساء جمعيات التحفيظ إن مسابقة الملك عبد العزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره اكتسبت شهرة عالمية لدقة التنظيم، وقوة المنافسة بين المتسابقين.
سمة بارزة
في البداية يقول د. محمد سالم بن شديد العوفي - رئيس الجمعية بمنطقة المدينة المنورة: إن حكومتنا الرشيدة سبّاقة إلى كل خير، وهي أهل لذلك؛ لأنها تضم بين جنباتها مهبط الوحي، وقامت بفضل الله تعالى على هدي من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم منذ تأسيسها.
وكان من ثمار ذلك هذا الاهتمام الكبير المشهود بالقرآن الكريم نشراً وتعليماً، وتأتي هذه المسابقة ضمن هذا التوجه الكريم الذي أثمر أجيالاً تتسابق في هذا المضمار، وتؤسس للأجيال اللاحقة، حتى أصبحت معلماً لأهل القرآن الكريم في أرجاء المعمورة، بل أصبحت سمة بارزة يتطلع إليها الشباب المسلم من كل مكان، نظراً إلى فضيلة المكان (مكة المكرمة) وللقوة التي تتمتع بها هذه المسابقة كون لجنة تحكيمها دولية، وتقام تحت رعاية هذه الحكومة التي جندت نفسها لخدمة المسلمين في كل مكان، ناهيك عن الجوائز القيمة المرصودة لها.
ومن آثارها أن لاحظ الجميع أن الفائزين في هذه المسابقة كان لهم الريادة في أهل القرآن، وكانت من الأسباب التي أهّلتهم إلى مواقع قيادية في العمل الإسلامي.
ومن آثار هذه المسابقة أن كثيراً من الدول نهجت نفس المنهج فأقامت مسابقات قرآنية لعموم الشباب الإسلامي من كل بلدان العالم، وهذا يؤكد أن مسابقة الملك عبد العزيز الدولية نجحت في تحقيق أهدافها.
وللرقي بهذه المسابقة نقترح إصدار بعض الكتيبات والأقراص المدمجة بلغات عدة توزع على المتسابقين، ويتم من خلالها التركيز على شرح مبادئ الإسلام الصحيحة، وتحذير الشباب من جانبي الإفراط والتفريط، والغلو والجفاء، وأن الأمة تنتظر منهم بذل المزيد من الجهد في سبيل إعلاء كلمة الإسلام في كل مكان، فالعالم كله بحاجة ماسة إلى هدي الإسلام ونور القرآن.
إضافة إلى إقامة ندوات على هامش المسابقة يستضاف فيها أهل العلم لنشر الوعي بين الشباب، وللإجابة عما يختلج في صدورهم من أسئلة وقضايا تهم عموم المسلمين.
مصدر اعتزاز
أما الشيخ سعد بن محمد آل فريان - رئيس الجمعية بمنطقة الرياض، فيؤكد: أن مسابقة الملك عبد العزيز الدولية معلم مضيء من معالم نهضة هذه البلاد المقدسة، ومصدر اعتزاز واحتفاء بهذا النور المنزل على قلب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم هدى ورحمة للعالمين، وبدأ شباب الأمة المسلمة وكأنهم على موعد بفجر جديد ينطلق سنوياً من تلقاء مكة المكرمة مهوى أفئدة المسلمين كافة وقبلتهم في صلواتهم، كما طلعت من قبل شمس الإسلام العظيم من هذه البقعة الطاهرة المباركة. لقد جمعت هذه المسابقة الكبرى قلوب شباب الأمة حول كتاب ربهم القرآن العظيم الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، وصار التسابق إلى الفوز في هذه المسابقة هاجس كل شاب يطمح إلى المعالي، وإنك لتشاهد نور الإيمان وطمأنينة اليقين يشعان من جبين كل متسابق {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، والحق أن مسابقة الملك عبد العزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره تشكل في الواقع جامعة قرآنية ورابطة إيمانية لا نظير لها، ولقد تبوأ الكثير ممن فازوا في هذه المسابقة المباركة مراكز علمية وقيادية في بلادهم وأصبحوا ببركة القرآن الكريم مشاعل نور وهداية إلى الخير والأعمال الصالحات.
وإننا لنهنئ الأمانة العامة للمسابقات بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على حسن الإعداد والتنظيم لهذه المسابقة السنوية الكبرى وكذلك لجنة العلاقات العامة والإعلام للمسابقة، وإذا كان لي من اقتراح فهو إقامة هذه المسابقة سنة في مكة المكرمة وسنة في المدينة المنورة بالتناوب، حيث تنزل القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هاتين المدينتين المقدستين (مكة المكرمة والمدينة المنورة).
في أطهر بقاع الأرض
ويبين الشيخ عبد العزيز بن صالح الحميد - رئيس الجمعية بمنطقة تبوك - أن اختيار مكة المكرمة لتكون مكاناً للتسابق والتنافس في أسمى هدف وغاية وهو حفظ القرآن الكريم له معانٍ سامية، فقد اجتمع شرف المكان مع شرف المناسبة، فمكة المكرمة التي فيها المسجد الحرام والكعبة المشرفة أفضل البقاع في الأرض، وهي مهبط الوحي، ومنبع الرسالة، ومهوى أفئدة المسلمين، على ثراها ابتدأ نزول القرآن الكريم الذي هو أفضل الكلام، على خير الرسل وأفضلهم محمد عليه الصلاة والسلام، ومن جنباتها انطلقت الدعوة وأشرقت شمس الهداية وشع نور الإيمان وبزغ فجر الإسلام، فلا غرو أن تكون مهوى أفئدة حفظة كتاب الله عز وجل، ومحلاً لإقامة أعظم المسابقات وأفضلها، وليس أفضل من كلام الله الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}.
وإن من نعم الله وآلائه على هذه البلاد الطيبة أن قيض لها حكومة رشيدة، وقيادة حكيمة، أولت القرآن الكريم عناية عظيمة ورعاية كريمة، وجهوداً مشكورة، فهو دستورها الخالد ونبراسها في شؤون الحياة.
وإن الاهتمام بالقرآن الكريم والعناية به والعمل على نشره وتعليمه والحرص على مدارسته وتطبيقه وبذل الجهد من أجله من أفضل الأعمال وأعظم الطاعات وأجلّ القربات وخير العبادات عند الله عز وجل، وهو مسلك الأخيار ومنهج الأبرار وعنوان الفلاح وطريق النجاح في الدنيا والآخرة؛ إذ هو دستور البلاد التي لا يألو قادتها جهداً في خدمة كتاب الله عز وجل والعناية به والاهتمام بتعلمه وتعليمه وتحكيمه في كل شؤون الحياة.
فالعناية بكتاب الله وتطبيق شرعه سمة من سماتها منذ عهد مؤسسها الأول الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود إلى هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله، وقد أولت هذه الحكومة عناية خاصة بكتاب الله عز وجل، ومن مظاهر هذه العناية:
أولاً: إنشاء مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة.
ثانياً: إقامة وإنشاء ورعاية الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في جميع مناطق المملكة ودعمها مادياً ومعنوياً.
ثالثاً: تنظيم المسابقات الدولية والمحلية لإذكاء روح التنافس بين حفظة كتاب الله عز وجل داخل المملكة وخارجها، وبذل الجوائز القيّمة لهم من الإكرام والحفاوة بهم.
وتأتي في طليعة هذه المسابقات، التي أخذت صفة الشمولية للعالم الإسلامي، المسابقة الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره في مكة المكرمة، التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، وهي أول مسابقة في العالم الإسلامي في الحفظ والتفسير، وقد مضى عليها ثلاثون عاماً، حيث بدأت عام 1399هـ وصرفت لها الجوائز السخية لتكريم الفائزين الخمسة في كل فرع من فروع المسابقة، كما صرفت مكافآت مجزية للمشاركين من غير الفائزين.
هذه المسابقة إنما هي امتداد للنهج القويم الذي يقوم عليه قادة هذه البلاد. وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، الذين لا يألون جهداً ولا يدخرون وسعاً في خدمة كتاب الله والاهتمام به والعناية بنشره وتعلمه وتعليمه، ليس في المملكة العربية السعودية فحسب وإنما على مستوى العالم العربي والإسلامي، بل العالم أجمع، انطلاقاً من نهجها الريادي في خدمة الإسلام والمسلمين، وأداء للأمانة الملقاة على عاتقها تجاه الإسلام وكتابه المنزَّل.
وهي منقبة ومكرمة تضاف إلى مناقب قادة هذه البلاد، في إطار حرصهم - حفظهم الله - على جعل كتاب الله وحفظه في مقدمة اهتماماتهم، بصفته دستور الأمة ومناهجها الذي تهتدي به في كل أمورها الدينية والدنيوية.
وقد حققت هذه المسابقة أهدافها وآتت ثمارها اليانعة إذ هي رافد قوي وحافز مشجع على حفظ كتاب الله، فالإنسان جُبل على حب التميز وحيازة السبق في كل مجال، وإن أشرف ميدان للتنافس والسباق هو ميدان التنافس في أعمال البر والخير، قال تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}، وأخص هذه الميادين ميدان التنافس في تعلم كتاب الله وحفظه؛ فهو أشرف المنافسات وأجلها ويختلف عن المنافسات والمسابقات الأخرى، وله سمة لا يوازيها شيء آخر، وفي ذلك الخير كله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).
والجوائز التي ترصد للفائزين في هذه المسابقات لها أثر واضح وفائدة ملموسة في حفز الهمم وشحذ النفوس وبذل الجهود لدى الشباب والناشئة، وحثهم على التنافس الشريف وتشجيعهم على التسابق في هذا الميدان (حفظ كتاب الله)؛ ليبقى كتاب الله نبراساً يضيء قلوبهم وينير بصائرهم.
فالقرآن الكريم كتاب هداية وتشريع، يدعو إلى القيم المثلى والمبادئ السامية، فهو يزكي النفوس، وينير العقول، ويشحذ الهمم، ويدفع المرء إلى التحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل، والاتصاف بالصفات النبيلة والآداب الحميدة والخصال الكريمة والأخلاق الفاضلة والمزايا الحسنة والخلال الطيبة.
وهو عنوان مجد هذه الأمة، ورمز خلودها وبقائها، وآية عزها وريادتها، ومَدد استمرارها ورقيها، ونبراس هدايتها، ورفعة حضارتها، الذي: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}.
مَن تمسّك به وتربى على خلقه وهديه، صحّ فكره، وخلصت نيته واستنارت بصيرته، واستقام سلوكه، وحسن عمله، ونال السعادة في الدنيا والآخرة، ومن أعرض عنه ضل وغوى وخسر الدنيا والآخرة، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا به هدى إلى صراط مستقيم، قال تعالى: {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
وقال تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا. قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}.
الجيل الجديد
أما الشيخ حمود بن سرهيد الفداع - نائب رئيس الجمعية بمنطقة حائل - فقال: إن مسابقة الملك عبد العزيز الدولية من المشروعات المباركة والمجالات الطيبة التي تدعم الجانب التحفيزي وتقوي أواصر الأخوة والمحبة بين المهتمين بحفظ كتاب الله تعالى، وتنمي روح التعارف والتآلف والتواصل بين شباب الأمة الإسلامية.
ولا شك أن أثرها إيجابي على سلوك شباب وناشئة الأمة؛ لأنها درب من دروب الفضيلة ومدرسة تربوية ينهل من معينها الذين تسنح لهم الفرصة بالمشاركة فيها، بل هي مجال خصب لبناء الذات وتنمية المواهب وبناء جسور التعارف والتآلف، وهي وسيلة مميزة لإتقان الحفظ وضبط التجويد واكتساب الخبرات من خلال الاتصال بالآخرين.
وبفضل الله تعالى فإن الأثر النوعي للمسابقة يساهم في توعية الجيل الجديد من أبناء المسلمين، وإقامة هذه المسابقة في هذه البلاد المباركة ذات المنهج الوسط والاعتدال في الطرح ينتج عنه بإذن الله رسوخ في التوجه لدى المشاركين بهذه المسابقة، وهي رسالة واضحة لأبناء الأمة أن التمسك بهذا الكتاب الكريم منجاة بإذن الله من الانزلاق في حمأة التكفير والتغريب والانحراف والضلال.
ونحن نثق بأن القائمين على هذه المسابقة بتوفيق الله لهم ثم بخبرتهم الطويلة باستطاعتهم تطويرها وتوسيع رقعتها لتعم فائدتها لأكبر عدد من أبناء الأمة.
الدور الإعلامي
ويرى الشيخ عيسى بن محمد الشماخي - رئيس الجمعية بمنطقة جازان -أن مسابقة الملك عبد العزيز الدولية، التي تدخل عامها الثلاثين، تتبوأ بفضل الله تعالى الصدارة بالنسبة إلى المسابقات الدولية على مستوى العالم الإسلامي، وهذا يرجع بعد توفيق الله تعالى إلى العناية الفائقة التي توليها هذه الدولة - وفقها الله - التي اتخذت القرآن الكريم منهجاً تحكمه في جميع شؤون حياتها؛ ما جعل العالم الإسلامي كله ينظر إلى هذه المسابقة نظرة خاصة، وتحاول بعض الدول الإسلامية أن تحذو حذوها.
ومما لا شك فيه أن هذه المسابقة لها نتائج طيبة على ناشئة وشباب الأمة الإسلامية ولها أثرها الملموس؛ حيث إنها فجرت في شباب الأمة الإسلامية طاقات هائلة من التنافس في حفظ كتاب الله تعالى وتجويده وتفسيره، كما جعلت الكثير من المهتمين بالقرآن الكريم في جميع أنحاء العالم الإسلامي يتفاعلون معها تفاعلاً منقطع النظير.
ومن أهم المقترحات التي تساعد على الرقي بهذه المسابقة من وجهة نظرنا لتكون أكثر توهجاً ما يأتي:
1 - إبراز دور المسابقة إعلامياً عبر القنوات المرئية والمسموعة والمقروءة التي لها تأثير فعّال على مستوى العالم الإسلامي.
2 - إصدار كتاب للتعريف بالمسابقة يبين تاريخ نشأتها ومراحل تطورها ومميزاتها ومكانتها بالنسبة إلى المسابقات العالمية الأخرى، ويوزع هذا الإصدار على مستوى العالم الإسلامي.
3 - عمل ندوات عبر القنوات الفضائية التي تهتم بالقرآن الكريم وعلومه لحث الشباب على الالتزام بمنهج الوسطية وتوعيتهم بأهمية الالتفاف حول كتاب الله تعالى الذي فيه العصمة والنجاة والأخذ من نبعه الصافي والبُعد عن الغلو والتطرف والالتزام بمنهج السلف رضي الله عنهم أجمعين.
التنافس الشريف
ويقول الشيخ إبراهيم بن علي العبيدان - رئيس الجمعية بمنطقة نجران: إن مسابقة الملك عبد العزيز الدولية، التي تقام في مكة المكرمة بتنظيم ورعاية من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والتي تدخل عامها الثلاثين بنجاح باهر وخطى ثابتة ليضئ نورها أرجاء المعمورة، ليست قاصرة على أبناء المملكة فقط بل لجميع دول العالم.
وإن هذه المسابقة لتخلق التنافس الشريف بين أبناء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ ما يكون له الأثر الفاعل في التربية بهذا القرآن العظيم والتخلق بأخلاقه، واحتضان هؤلاء المنتسبين إليه بين جنباته والتأدب بآدابه والتعامل بأحكامه؛ ما يبرهن على عالمية هذا القرآن وأنه دستور لهذه الأمة.
وإن نتائج هذه المسابقة على شباب الأمة كان لها الأثر الطيب في تخريج دعاة معتصمين بالكتاب والسنة المباركة، وإعداد العلماء العاملين الراسخين في العلم، ثابتين على الحق لا تميل بهم الأهواء يمنة ولا يسرة. ومن ثمراتها كذلك المحافظة على القرآن الكريم في الصدور كما هو محفوظ في السطور، وذلك بما تخرجه هذه المسابقة من الحفظة، وصدق الله العظيم إذ يقول: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
كما أنه كان لها التأثير البالغ على ناشئة وشباب الأمة؛ وذلك أنها تعد جيلاً واعياً بما يدور حوله من مكائد لهذا الدين، وهو جيل الوسطية الماثلة في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، جيلاً راجعاً إلى العلماء الراسخين، لا ينفرد بالآراء والأقوال الشاذة التي تحيد به عن الصراط المستقيم، موقن بضرورة الاقتداء بنهج السلف الصالح، ملم بخطورة التكفير، وضرورة المحافظة على أمن بلاده وعدم إهدار الممتلكات.
الشباب والعلماء
ويقول الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن الخضيري - رئيس الجمعية بمنطقة الحدود الشمالية: إن مسابقة الملك عبد العزيز الدولية التي تقام كل عام في رحاب مكة المكرمة هي رسالة من المملكة إلى العالم الإسلامي كله لكي يضع خدمة كتاب الله ورعاية أهل القرآن موضع العزة والكرامة، فالذين يتعلمون القرآن الكريم هم فتية اليوم ورجال الغد، وتعليم القرآن الكريم هو أفضل الوسائل لنشر لغة القرآن بين شعوب العالم الإسلامي.. وللمسابقة دور مهم للغاية في اكتشاف القدرات والمواهب المدفونة في مختلف أنحاء الأمة الإسلامية وإبرازها والتحلي بها؛ ما يساعد على نمو الناشئة وإفراز جيل جديد يحمل لواء خدمة كتاب الله الكريم نصب عينيه.
ولعل أهم ما تتميز به المسابقة عن غيرها هو التقاء الحفظة بعلماء الأمة وأئمتها، وهذا هو المكسب الحقيقي، كما أنها فرصة للتواصل بين أبناء الأمة الإسلامية، ولاسيما في هذا الوقت الذي تصارع فيه قوى الشر، ولعل الرد الفعلي على هذه الهجمة الشرسة على شباب المسلمين هو ربطهم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
لذلك نقترح ألا تقف المسابقة على حد الانتهاء من فاعليتها بتحديد الفائزين وصرف المكافآت لهم، بل إنهم لا يزالون بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم كي يتخطوا العقبات التي تقف في طريقهم وإزالة الصعاب والحرص على الالتقاء بهم في مناسبات عديدة حتى يظل التواصل قائماً.
وفي الختام لا نملك إلا الدعاء الخالص لمن سعى في إنجاح هذه المسابقة وكان سبباً بعد الله سبحانه وتعالى في وجودها واستمرارها، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود - حفظهما الله - ومعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة الإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله.