Al Jazirah NewsPaper Friday  10/10/2008 G Issue 13161
الجمعة 11 شوال 1429   العدد  13161
فضل القرآن الكريم ومنزلة حملته
سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ*

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده.. وبعد:

فإن الله تعالى قد أكرم أمة الإسلام ورحمها، أكرمها سبحانه بأن شرفها ببعثة خيرته من خليقته محمد بن عبدالله - صلوات ربي وسلامه عليه - إليهم، وأنزل إليهم أشرف كتبه القرآن العظيم الذي جعله الله هدى وشفاء وسماه - سبحانه - رحمة، وشرع لنا الفرح به؛ يقول الله - عز وجل -: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ).

فحُق لمن حمل القرآن في صدره، وروَّض جوارحه على العمل به وتطبيقه أن يفرح، وأي شيء في هذه الدنيا أحق بالفرح من الفرح بفضل الله علينا بهذا القرآن وتكريمه لنا بأن جعلنا من أهل الإسلام وحَمَلة القرآن.

كتاب الله.. هو كتاب الهداية العظمى والبشارة الكبرى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا).

كتاب الله - عز وجل - هو أحسن الحديث وخير الكلام: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ).

هذا الكتاب العزيز (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).. محفوظ بحفظ الله - عز وجل - له (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

هذا الكتاب العزيز قد يسر الله حفظه ومدارسته (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ)، وجعله سهل الحفظ بل جعل الأصل حفظه في الصدور (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ).

خير هذه الأمة من تعلم القرآن وعلمه، ففي صحيح البخاري من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه).

وأهل القرآن المعتنون به هم أهل الله وخاصته، كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحفظ كتاب الله العظيم نعمة كبرى يقول الله - عز وجل -: (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ).

وإن هذا القرآن شرف لحملته، ورفعة لهم في الدنيا والآخرة، إن هم تلوه بإخلاص، وإن هم تقربوا إلى الله بحفظه بإخلاص، وزينوا به ألسنتهم، وإن هم تلوه حق التلاوة؛ فحملهم القرآن على كل خير، وأدبهم القرآن الأدب النافع، وتربوا على مائدة القرآن تربية صاحلة نافعة، تربية قوية، تربية تتصل بالروح والجسد معاً. إن التربية على آداب القرآن هي التربية الناجحة، وهي النافعة المؤثرة، وهي التربية التي تقود أهلها لكل خير وتحلق بهم في فضاء الخير وتجعلهم على منهج قويم وصراط مستقيم.. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

* المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد