يعتبر البترول ثروة قابلة للتجديد، فهو في تشكل مستمر في الأحواض الرسوبية، إلا أن وتيرة الاستهلاك الحالي والتي تقدر ب: 3.5 مليار طن سنويا وهي أكبر بألف مرة من وتيرة التجديد والبترول الذي نستهلكه الآن تشكل في عصور غابرة (ما قبل 500 مليون سنة)، وإذا استمر هذا الاستهلاك في الارتفاع فإن أقصى حد لانتهاء هذه الثروة هي سنة 2060م. للبترول تأثير ملحوظ على الناحية البيئية والاجتماعية وذلك من الحوادث والنشاطات الروتينية التي تصاحب إنتاجه وتشغيله، مثل الانفجارات الزلزالية أثناء إنتاجه، الحفر، تولد النفايات الملوثة. كما أن استخراج البترول عملية مكلفة وأحياناً ضارة بالبيئة، وأيضا استخراج البترول بالقرب من الشواطئ يزعج الكائنات البحرية ويؤثر على بيئتها. كما أن استخراج البترول قد يتضمن الكسح، الذي يحرك قاع البحر، مما يقتل النباتات البحرية التي تحتاجها الكائنات البحرية للحياة.
وتعتبر السعودية من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للنفط. فمع ظهور النفط وإنتاجه في السعودية استطاع الاقتصاد السعودي تحقيق معدلات نمو عالية لتصبح واحدة من أغنى اقتصاديات الدول في المنطقة.
يلعب النفط دورا كبيرا في دخل المملكة حيث يعتمد الاقتصاد على النفط بنسبة 60% وهو المصدر الرئيسي لها.
فقد واجهت المملكة في عهد الملك فيصل أزمة اقتصادية حيث أعلن إفلاس خزينة الدولة وفي الثمانينيات وبعد اكتشاف آبار النفط بكميات تجارية هائلة قامت الطفرة والانتعاش مما عزز الاقتصاد السعودي وجعلها من أغنى دول العالم.
ويعد الاقتصاد السعودي من أقوى الاقتصادات العالمية ويعزى ذلك لوجود أكبر حقول النفط على مستوى العالم، وللنهوض الصناعي الكبير في المملكة والمتمثل في مدينتي الجبيل وينبع، وتعد أرامكو السعودية وسابك من عمالقة النفط والصناعة البتروكيماوية عالمياً، حيث إن المملكة تستحوذ على 7% من صناعة البتروكيماويات، وافتتاح المدن الاقتصادية مؤخراً يهدف إلى زيادة نمو الاقتصاد السعودي، من المتوقع أن يصل إجمالي الناتج المحلي خلال عام 2008 إلى 414 مليار دولار. وذلك لاستفادة السعودية كثيرا من الارتفاع المتواصل لأسعار النفط الدولية، وحصلت على إيرادات كبيرة من صادراتها من النفط ونتيجة لارتفاع أسعار النفط وصلت السيولة النقدية في الشرق الأوسط إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، حيث ارتفعت أسعار النفط في الربع الأول من العام الجاري بمقدار 1.2 دولار، وبنسبة 3.7% إلى 8.30 دولار للبرميل، مقارنة مع 7.28 دولار في الربع الأخير من عام 2003 ومقارنة مع الربع الأول من العام 2003 كانت نسبة الصعود أقل، حيث تراجعت إلى 1% فقط، وبزيادة قدرها 30 سنتاً.
وأرجع المحللون ارتفاع الأسعار إلى حمى المضاربات في الأسواق المستقبلية، إضافة إلى نقص في منتج الغازولين في بعض المناطق، علاوة على حالة عدم اليقين الناجمة عن التطورات السياسية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.
وتعتبر السعودية من أكثر الدول المستفيدة من ارتفاع الأسعار لذلك فقد شهد الاقتصاد السعودي خلال العقود الثلاثة الماضية تحولاً كبيراً في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية، وقد ساهم ذلك بشكل أساسي في قيام الدولة ضمن إطار خطط التنمية، باستثمارات واسعة النطاق لإرساء التجهيزات والبنى الأساسية المادية والاجتماعية والمرافق الصناعية شملت إنشاء شبكة واسعة من الطرق والجسور والسدود والمطارات والموانئ والأرصفة البحرية ومرافق الكهرباء والماء ونظم الاتصالات، وفي القطاع الصناعي استثمرت الدولة موارد كبيرة في إنشاء المدن الصناعية، ووفرت قروضاً ومنحاً كبيرة لدعم الصناعات التحويلية والمشروعات الزراعية ومشروعات الإسكان للمواطنين.
ومن منطلق عام نجد أن النفط كسلعة إستراتيجية كبرى في العالم ومؤثرة في جميع اقتصادياته، له تأثيره المزدوج في دول الخليج فهذه الدول إلى جانب كونها دولاً مستخدمة للنفط في جميع الأوجه والأنشطة الاقتصادية، فإنها في نفس الوقت دول مصدرة ومستفيدة بما يطرأ على أسعار النفط من زيادة، والحقيقة أن نشوة الطفرة الحالية في الأسعار لم تجرّ الدول الخليجية إلى اتجاهات غير محسوبة، بل على العكس نجد أن ارتفاع أسعار النفط تم التعامل معه من جانب الدول الخليجية على أنه حالة مؤقتة يظهر ذلك من خلال المؤشرات المتعلقة بموازنات الدول الخليجية وموازين المدفوعات التي أفادت بتحسن واضح وبالتالي فإن هذه الدول رصدت مبالغ كبيرة للتعامل مع الطوارئ وسيناريوهات الانخفاض ولم تسارع إلى التوسع في الإنفاق العام الجاري، بل ركزت على مشروعات البنية التحتية وتنويع القطاعات غير النفطية، كذلك نجحت تلك الدول في تجنبها، ودعنا نقول الحد من الضغوط التضخمية، وكانت حصيلة هذه السياسة توفير ما يقرب من ثلاثة أرباع الإيرادات النفطية، والمتتبع لأحوال الدول الخليجية سيتبين أثر العائدات البترولية في تحديث البنية التحتية، وخلق فرص العمل وتحسين المؤشرات الاجتماعية، وفي الوقت ذاته، ظلت تلك الدول كأهم الدول المانحة للدول الفقيرة واستطاعت هذه الدول أيضا زيادة رصيدها من العملة (كاحتياطات رسمية)، ولم تزد ديونها الخارجية، بل استطاعت هذه الدول، تكديس الاحتياطيات الرسمية من العملات، والإبقاء على دين خارجي متدن نسبيا، ونظرا إلى معدلات الأجور نجد أنه في عام 2000، قدر معدل دخل الفرد في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 12 ألف دولار، وبلغ إجمالي ناتجها المحلي الاسمي، مجتمعاً نحو 340 مليار دولار) أكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي لجميع دول الشرق الأوسط)، وفي ضوء تضخم متدن نسبيا، بلغ معدل النمو الاقتصادي الإجمالي 4 في المائة سنوياً، خلال العقود الثلاثة الماضية، ازدادت أهمية النشاطات الاقتصادية غير النفطية بشكل ثابت، مما يعكس جهود دول مجلس التعاون الخليجي في تنويع التركيبة الاقتصادية، الاعتماد كليا على النفط، وانطلاقا من تلك العواقب، لم تدخر الحكومات الخليجية جهدا في كبح جماح التضخم، من خلال دعم بعض السلع الأساسية وخفض الجمارك أو إلغائها، وسعيا لمحاربة التضخم بكل الوسائل المتاحة، رفعت كل من الإمارات والبحرين وقطر نسب الفائدة المحلية، بينما خفضت عمان سعر الفائدة للاستفادة من نسبة التضخم الضعيفة الناتجة عن حركة الإقراض لديها.
ومع تلك الجهود ورغم ذلك، فإن توقعات صندوق النقد الدولي تشير إلى استمرار معدلات التضخم المرتفعة، وهو ما يهدد على المدى القصير جهود الإصلاح بتلك الدول وقدرتها التنافسية وبرامجها لتنويع مصادر دخلها، وحيال هذا الأمر فقد عقد المؤتمر الموسع المنعقد في شهر فبراير الحالي لمناقشة أبعاد هذه القضية من حيث ارتباطها بالانخفاض المتواصل للدولار الأمريكي أمام كافة العملات الرئيسية، ويعمل المؤتمر على إقناع الدول النامية بأهمية تطبيق قوانين تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار الذي يعد من أسباب التضخم التي لا يستهان بها، وذلك في سياق برامج الإصلاح الاقتصادي التي تقوم بها، فحين تخضع الأسواق للمنافسة الكاملة يحصل المستهلكون على المنتجات والسلع بأسعار رمزية وبالكميات التي يحتاجونها، ولا تكون هناك حاجة لتحميل السلع بمصاريف ترويج المبيعات وبذلك يتحقق للمستهلك أقصى مستوى من الرفاهية.
e-mail: asa5533@hotmail.com