Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/10/2008 G Issue 13155
السبت 05 شوال 1429   العدد  13155

سياحة داخليّة أم خارجية؟!
عبدالعزيز بن صالح العسكر

 

السفر مطلب لكل الناس وقد قرّر ذلك وأكده الشعراء وغيرهم، ولقد أحسن الشاعر حينما قال:

تغرّب عن الأوطان في طلب العلا

وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفرج هم واكتساب معيشة

وعلم وآداب وصحبة ماجد

ولقد أخطأ كثير من الناس حينما جعلوا مقياس الاختيار في السفر هو جمال الطبيعة وبعض من أسرهم في بعض البلدان مشاهد جمال طبيعية ينسون أو يتناسون ما يسبقها أو يعقبها او يحيط بها من مشاهد مؤلمة تقض المضاجع وتنغص العيش وتقلق النائم واليقظان.

وفي برنامج تلفزيوني سمعت ورأيت مقابلة مع مواطن يعيش على ثرى تلك البلاد التي حباها الله بطبيعة جغرافية فريدة.. ففيها مشاهد الخضرة تغطي الأرض والشلالات والينابيع لا تُعد كثرة، وفي جانب آخر تجد في تعامل أهلها رقة ونعومة قد لا تجد لمثلها وجوداً في بعض مدن بلادنا ولكن..!!

أترك سياق الحديث لذلك المواطن ليقول لنا: إن الشباب في بلادهم يعيش في حالات نفسية سيئة بسبب تزعزع الأمن والخوف من المستقبل والبطالة التي تعيشها نسبة كبيرة من الشباب، ولقد وقع الشباب - والحديث لذلك المواطن - في تعاطي المسكنات والمهدئات بشكل كبير جدا وانتشرت المخدرات بشكل يصعب السيطرة عليه، أما الحياة الزوجية فإنّ فيها من المشكلات ما يستعصي على الأطباء النفسيين علاجه!! ولقد وجدت الفتاة أنه أيسر عليها أن تقيم علاقات حب مع زميلها في العمل والدراسة والمصنع من أن ترتبط بزوج للحياة معه تبعات وقيود وتثقل كاهلها.. أما الملاجئ فقد غصّت بالأطفال الذين لا عائل لهم.. والحديث يطول.. وأقول هنا: أيّ لذة لجمال الطبيعة والأخلاق التجارية التي يتعامل بها أولئك مع غيرهم مع وجود مآسي الأمراض والقلق والتفكك الأسري، وهل من حق أختنا الكاتبة فوزية البكر أو غيرها أن يتبرّم من عباءة المرأة عندنا وآداب اللباس والزينة التي شرعها الدين وينظر إليها على أنها قيود صنعها البشر - في مؤسسات تعليمية أو غيرها - وهي كما وضحت تعاليم الخالق سبحانه وتعالى وضمانات بإذن الله تعالى لوجود مجتمع تسوده الفضيلة وتُزينه الحشمة ويسمو فيه الحب وتقوى العلاقات الزوجية وبر الأولاد بآبائهم وأمهاتهم.. يا أخت فوزية: كم كسبنا حينما التزمنا بأوامر الله تعالى وأوامر رسوله وانتهينا عما نهينا عنه وكم خسرنا.. أما الحالات الشاذّة التي تخرج عن الصف بتشدد لا دليل عليه او تفريط لا ضابط له فليست هي الصورة الصحيحة لمجتمعنا السعودي المحافظ ولله الحمد والمنّة.

يا إخواننا وأخواتنا: إن السعادة لا يجلبها شلاّل يصطفُّ عليه المتمردون على الأخلاق والشيم، ولا يوجدها العيش في مجتمع يُعنى بالمكياج ويسكت عن أسباب الايدز، وأن السعادة لا تنشأ في بلاد لا تفرق فيه المرأة بين زوجها وصديقها وعشيقها!!

وهل يعيب بلادنا أن أمطارها قليلة أو لا أنهار فيها، وهل يعيبها أن فلاناً شذّ في تفكيره أو تصرفاته، وبائعاً غش في تعامله بينما تنعم بلادنا بأمن وارف وعدل في الحكم وبيوت أسرية مطمئنة وزوجات لا يفكرن إلا في بيوتهن، ومن فيها يسودها الحب العميق ويؤلف بين أفرادها روابط قوية متينة تستعصي على معاول الإفساد والانحراف.. وفوق ذلك كله يطمئن كل فرد يعيش على ثرى هذه البلاد بأن ما عند الله خير وأبقى مما في الدنيا فلا يطغى انشغاله بدنياه ولذاتها عن عمله لآخرته وشوقه لنعيمها.. وفي الآخرة كما تعلم جميعاً يا إخوتنا وأخواتنا ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. فمن هو الذي يسبتدل الذي هو أدنى بالذي هو خير وماذا يقال عن بشر تشغله لذة يومه عن الاستعداد لغده والتخطيط السليم له. وماذا يقال عن متعة لحظات تعقبها حسرات في سنوات وآلام لا حد لها.. وقد تهون كل المصائب المادية والتكاليف التي يتحملها المسافر ما عدا الآثار التي يجنيها والأمراض التي قد يبتلى بها بسبب وقوعه في ما حرم عليه.. نسأل الله الكريم أن يحفظنا بطاعته ويسعدنا برضوانه.

- الدلم

ص.ب 190 الدلم 11992


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد