Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/10/2008 G Issue 13155
السبت 05 شوال 1429   العدد  13155
من المسؤول عن صحة وسلامة أبنائنا؟... نحن أولاً
د. عبدالكريم علي الحربي

ربت بيت تصرخ خوفاً من الحشرات الزاحفة أو الطائرة الموجدة في مطبخها، وفجأة يظهر المنقذ إنه مبيد الحشرات الفتاك مرتدياً ملابس البطل الخارق أو السوبرمان جاء ليقضي ويبيد الحشرات برشة واحدة منه إنه حارس وصديق كل العائلة.

كان ذلك سرد لأحد المشاهد التي تبث على شاشة التلفزيون بقنواته الفضائية والأرضية لإعلانات تجارية تسوق لأحد منتجات المبيدات الحشرية، حيث يظهر المنتج بهيئة وألوان جذابة تحاكي أبطال قصص الخيال العلمي، وإن كانت تلك الصورة للمنتج ستجذب من أحد إليها، فالحقيقة أنها ستجذب الأطفال دون سن العاشرة في المقام الأول، وذلك يرجع لمدى شدة تعلقهم بشخصيات البطل الخارق الكرتونية، وهي حقيقة مؤسفة بسبب الخطورة التي يمكن أن تمثلها مثل تلك المنتجات على سلامة الأطفال وصحتهم، وهنا يبرز التساؤل عن الهدف والجدوى من إظهار مثل تلك المنتجات بهذه الصورة الجاذبة للأطفال بينما الشريحة المستهدفة من الإعلان هي الأشخاص الراشدين من الجنسين، وذلك دون حتى التنويه بمدى خطورة تلك المنتجات والتحذير بإبقائها بعيدة عن متناول الأطفال، فقد تصل نتائج عبث واستنشاق الأطفال لغازاتها إلى حالات تسمم حادة قد تفضي إلى الموت في أغلب الأحيان.

كذلك تباع في أسواقنا المحلية بعض المنتجات من المبيدات الحشرية عالية السمية، والتي تكون معروضة على أرفف العرض في المحال التجارية بالرغم من افتقادها لأبسط معايير الصحة والسلامة، وذلك من حيث التغليف فتكون معبأة في أكياس بلاستيكية يمكن فتحها أو ثقبها بسهولة من قبل الأطفال، كما أنها وفي أحيان كثيرة تكون بدون تحذيرات أو تعليمات للاستعمال, أو قد تكون التعليمات والتحذيرات مكتوبة بلغات غير مقروءة وغير معمول بها في منطقتنا فيكون وجودها على العبوات كعدمه تماماً، ويحق لنا عند إمعان النظر في تلك الحالة أن نطرح تساؤل أخر عن دور الوزارات المعنية وأجهزتها الرقابية، وأيضاً مدى فاعلية الإجراءات المتبعة والآليات المعمول بها من قبلها فيما يختص بحماية المستهلك، فسعي أصحاب النفوس الضعيفة وراء الربح والكسب المادي هو دائماً المحرك والدافع لمثل تلك الأخطاء الجسيمة الأمر الذي يستلزم معه الوقوف والتصدي بحزم لمثل تلك التصرفات غير المسئولة، وبذل المزيد من الجهد في مراقبة ومنع مثل تلك المنتجات من دخول أسواقنا، وكذلك مسائلة ومعاقبة كل من يتاجر بصحة وسلامة أفراد مجتمعنا من أجل مصالحه الشخصية. مع أهمية استعمال المبيدات الحشرية ولكن طرق الاستعمال تختلف من المنازل عن الحقول الزراعية عن الشوارع والمحلات التجارية. فمع أهميه الاستعمال أيضا أهمية التوعية والمعرفة الصحيحة للاستعمال كي لا تؤدي إلى كوارث صحية لا يمكن عقبها.

ومجمل القول هو أن صحة أطفالنا وسلامة أرواحهم قد أصبحت على المحك مما يستوجب منا الكثير من الحرص وتكثيف وتوحيد الجهود في سبيل خلق بيئة أمنة لهم، وذلك يمكن له أن يتحقق من خلال تبني جملة من الإجراءات تصب في ذات الاتجاه، فعلى سبيل المثال يمكن للجهات الحكومية المختصة إلزام الشركات المستوردة والمعلنة عن هذه النوعية من المنتجات تضمين المنتج، وكذلك رسالته الإعلانية بتحذير للمستهلك بإبقائه بعيداً عن متناول الأطفال حاذين في ذلك حذو منتجات كالسجائر التي تتضمن إعلاناتها مثل تلك الرسالة عن تأثير المنتج على صحة الأفراد، فالمبيدات منتجات لا يقل تأثيرها وخطورتها على صحة وحياة الأفراد عن السجائر بل هي أشد فتكاً، كذلك يمكن القيام بحملات إعلامية تثقيفية لتوعية جميع أفراد الأسرة بمدى خطورة مثل تلك المنتجات على الصحة والبيئة، وتوضيح كيفية التعامل معها واستخدامها وتخزينها بطريقة صحيحة تجنبا لوقوع أية حوادث مؤسفة لا سمح الله في المستقبل، فحياة الإنسان هي أثمن ما في الوجود، وعندما تمتد يد الموت لتنال من أرواح أطفالنا يكون لابد لنا من وقفة مع الذات وإعادة للحسابات.

أستاذ الطفيليات الطبية ووكيل الكلية للشؤون الأكاديمية كلية البترجي للعلوم الطبية والتقنية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد