Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/10/2008 G Issue 13155
السبت 05 شوال 1429   العدد  13155
كيف لنا تحقيق صناعة سياحية حقيقية؟
محمد إبراهيم فايع

في الوقت الذي تسدل فيه كثير من المناطق الستار على فعالياتها السياحية لا بد أن يكون لنا مع المسؤولين عن السياحة في بلدنا بدءاً بالهيئة العامة للسياحة والآثار بعض الوقفات لنصل سوياً إلى كثير من الإجابات المقنعة حتى نكون على قدرة من الحديث عن مستقبل صناعة السياحة في بلدنا.

ولكن قبل هذا الكلام لعل بعضكم اطلع على بعض الأخبار الصحفية التي نقلتها بعض الصحف المحلية حول ما تعرض له بعض السياح السعوديين الذين فضَّلوا قضاء عطلتهم الصيفية خارج الوطن.. وكانت الأخبار في مجملها تتحدث عن تعرضهم لسرقات ومطاردات بغرض الاعتداء والسرقة.. وحري بنا أن نذكرها حتى نقول بأن السياحة الآمنة النقية تكون أجمل في وطنك مهما كانت الأحوال.

وأنا قصدت الإتيان بهذه المقدمة لأقول للمسؤولين عن السياحة إنه آن الأوان لإيجاد مقومات للسياحة الداخلية تكون جاذبة للأسر السعودية التي فضَّلت قضاء إجازتها في بلاد قد لا تكون أحسن حالاً مما عندنا من حيث الجو والفعاليات ولكن لأن هناك الكثير ما زال أمام صنَّاع السياحة القيام به.. وأنا سأتعرض لبعض منها هنا:

1 - الدعاية السياحية تلعب دوراً في صنع توجهات وآراء عند الأفراد والأسر.. فأنا أذكر أنه في أحد الأعوام عندما نويت السفر إلى لندن وجدت عشرات الشباب من الجنسين كانوا يستقبلون المسافرين الواصلين إلى المطار بالورد والمطويات والكتيبات والمنشورات السياحية.. وعندنا هنا لم نرها إلا في عام وتوزع على شكل استحياء وليس في المطار حتى مراكز الإرشاد السياحي تحولت إلى آثار مهجورة من الموطفين ولا يمكن لنا أن نستغني عن المطويات والمنشورات لأنها تعطي إلمامة تاريخية وثقافية جيدة عن المواقع السياحية والآثار.

2 - انتشرت في الآونة الأخيرة (المتاحف الشخصية) في كثير من المناطق.. وهنا في عسير أذكر منها (متحف آل زلفة، متحف محمد الراقدي، متحف ابن معتق).. ولربما هناك كثير مثلها مع الأسف لا يعرف من يزور المنطقة طريق الوصول إليها.. بل بعض أبناء المنطقة لا يعرفها إلا أنها خبر ورد في صحيفة عند زيارة مسؤول عنها.. فأنا سألت أحد السياح هل زرت قصر الحضارات في النماص؟.. فقال ولم أسمع عنه برغم أن صاحبه محمد علي المقر بذل جهداً مالياً وفكرياً حتى تحول المكان إلى تحفة ثقافية جديرة بالزيارة ومثلها قرية ابن حمسان وما يقدمه سادن التراث الجنوبي ظافر بن حمسان.. هذه المتاحف كان يفترض أن يتم تنسيق الجهود مع الهيئة العليا للسياحة والآثار قبيل بدء موسم السياحة وأصحاب المتاحف لرسم خرائط سياحية توضع في أماكن عامة ومنها مطار أبها.. ونسقت معهم على طباعة منشورات ومطويات للتعريف بها.. وهذا ما يُعمل لو كانت هذه المتاحف في مكان آخر لتتحول إلى مزارات ولطورت لتحتوي على فعاليات ثقافية وفكرية وتسلية.. ولأوجدنا أمام السائح خيارات أمامه حتى لا يظن بأن السياحة عندنا مقتصرة على الشجر والحجر والأجواء المناخية.. ولأتحنا الفرصة للناس لمعرفة ما لدينا من إرث حضاري وتاريخي.. وكيف أننا نحفظ ماضينا ونرتبط بأصالتنا علماً أن المتاحف كتب مفتوحة لدراسة التاريخ وحفظ الموروث للأجيال الحاضرة والآتية.

3 - البنية التحتية وأهميتها.. لا أحد ينكر أهمية البنية التحتية في صنع السياحة الناجحة وتوافر الماء وهو مورد حيوي للسياح وتوافره في أماكن نزولهم مطلب حيوي ووجود اللوحات الإرشادية يسهل وصول السائح إلى مقصده بسهولة وللأسف فبالرغم من أهمية البنية السياحية المطلوبة إلا أنه شابها بعض القصور والمشكلات وفي منطقة عسير مثلاً برزت أزمة المياه.. وصيانة الطرق لا تتم إلا في الصيف وتجاوز بعض الشقق المفروشة للأسعار المحددة وقلة وجود اللوحات الإرشادية كانت حديث من التقيت بهم من السياح وبعضهم لم يجد غضاضة في أن يُعبِّر عن عدم رضائه ورغبته في استكمال إجازته في مكان آخر.. ولست أعلم كيف يُرجع مسؤول المياه في عسير أحد أسباب أزمة المياه إلى تدفق السياح على عسير.. وماذا يعني هذا الكلام؟ ونحن نريد صناعة السياحة.

4 - فعاليات المهرجانات.. كل محافظة تسعى إلى إبراز الوجه الثقافي لها أمام السياح.. وهذا شيء جيد لكن التكرار وعدم التجديد في الفعاليات والبرامج يجعلان السائح أمام لوحة مكررة كل عام لم يختلف فيها إلا الزمن فقط.. فنتمنى أن تدرس فعاليات كل المهرجانات الخاصة بالمحافظات.. وأن يُؤخذ بعنصر التجديد والإبداع والابتكار مثال: إتاحة خدمة ال DSL لرواد المهرجان فهناك من يريد أن يحضر بجهازه ليأخذ مع أسرته زاوية معينة ويجد متعته مع الإنترنت في متابعات وقراءات.. هذه الفكرة لم أجدها مطبقة، فكرة وجود مكتبة للمطالعة في زاوية من زوايا مركز المعارض أو المهرجان غير موجودة، الاستعانة بالإعلاميين في إدارة برامج المسابقات أو الحوارات على المسارح الموجودة فكرة غائبة.. فكل ما اعتاد السائح أن يراه مسابقات أطفال، أو عروض شعبية فقط، فأين مسرح الكبار؟ بل أين مسرح الأطفال؟ وأنا أقول مسرح الأطفال وليس - عفواً - التهريج الذي نراه الآن للأطفال.. وجميعكم ذهب إلى الخارج ولاحظ أن للمسرح دوراً في إضفاء متعة على السياحة وأنه يُعد عنصر جذب للسائح.

5 - القطاع الخاص.. يفترض فيه أنه شريك في صناعة السياحة.. ولذلك يجب دعوته لدعم برامج السياحة ورعايتها ودعم الفعاليات السياحية وتنشيط السياحة الاقتصادية من خلال ما يقدمه من عروض على منتوجاته وأن تكون عروضاً حقيقية.. فالسائح يتجه للأسواق والمراكز في أي مكان يقصده بعد توجهه للمتنزهات وأماكن الترفيه.. ولكنه إذا لم يجد مبتغاه من خلال عروض مناسبة وحقيقية فلن يتجه للمراكز التجارية.. وبالتالي سيفقد القطاع الخاص معنى الشراكة مع القطاعات الحكومية السياحية في صناعة السياحة الوطنية.. ومن الأفكار التي أعرضها على القطاع الخاص تصميم منتوجات صناعية تحمل ذكرى زيارة السائح للمنطقة التي زارها من معالم المنطقة كما هو معمول به في كثير من بلاد العالم.

في الجعبة الكثير ولكن بحكم المساحة الثابتة المحدودة لذلك.. أكتفي بمقترح أخير، وهو أن يكون هناك لقاءات للهيئة العامة للسياحة والآثار وفروعها لدراسة إيجابيات وسلبيات العام السياحي المنصرم خصوصاً وقد شكَّلت السياحة دخلاً سياحياً ضخماً لكثير من الدول.

خميس مشيط


fayall@gawab.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد