من يتأمل أحوال القوانين البشرية يدرك أهمية شرع الله في قيام العدل، وصيانة الحقوق، ومعالجة قضايا البشر بإنصاف يحصل به كل ذي حق على حقه. ومن يتأمل هذا الحصار الظالم لغزَّة يعرف مدى الهاوية التي انحدرت إليها قوانين البشر مهما كانت مسوِّغات هذا الحصار الأثيم. |
أعداد كبيرة من الأبرياء رجالاً ونساءً وأطفالاً يعانون من هذا الحصار تحت رعاية واضحة من الهيئات الدولية التي ما تزال تدعي أنها ترعى حقوق الناس، وتسعى إلى منع الظلم والاعتداء والاحتلال ومصادرة حقوق الضعفاء والمشردين، وما هي من ذلك كلِّه في شيء. |
لو أردنا أن نصل إلى أسباب سياسية أو عسكرية، أو أخلاقية واضحة تسوِّغ استمرار محاصرة سكان غزَّة الصامدة لما وجدنا سبباً واحداً مقبولاً يجعل عاقلاً يقبل بهذا الحصار. |
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة في عالمنا العربي والإسلامي، بل وفي العالم كله، أن قوانين الدول الغربية لا ترعى إلا مصالح واضعيها الذين غرَّتهم الحياة الدنيا وغرَّهم بالله الغَرور. |
إنَّ حصار غزَّة الصامدة صورة واحدة قاتمة من صور أنواع الحصار التي تعاني منها الدول الإسلامية المغلوبة على أمرها، ولو لم يكن منها إلا الحصار المحكم على الأعمال الخيرية الإسلامية لكفى. |
ففي الوقت الذي يصل فيه عدد الجمعيات القائمة بالأعمال الخيرية في أمريكا إلى ما يقرب من مليون وأربعمائة ألف جمعية خيرية، ويصل فيه عدد الجمعيات المماثلة لها في بريطانيا إلى حوالي مائتي ألف جمعية، ويصل فيه عدد الجمعيات المماثلة لها في دول الكيان الصهيوني الغاشم في فلسطين إلى حوالي اثنين وعشرين ألف جمعية خيرية، في هذا الوقت ذاته لا يصل عدد الجمعيات المماثلة في عالمنا الإسلامي إلى عشر جمعيات، ومع ذلك فهي محاربة أشدّ الحرب، ومراقبة أشدّ المراقبة من أجهزة الاستخبارات الأمريكية وغيرها. |
حصار يفرضه القوي المتسلط الذي ما يزال يحمل ذهن المستخرب الغربي الذي يحتل البلاد الإسلامية طامعاً فيما لديها من الخير، ضارباً عرض الحائط بما تنص عليه قوانين التعامل السياسي الصادرة عن مجلس الأمن، وهيئة الأمم المتحدة من وجوب التزام بالأنظمة التي تحرم الاعتداء. |
إنَّ حصار غزَّة لدليل واضح على قسوة المحتل اليهودي في فلسطين، وعلى تواطؤ الدول الكبرى التي أصبحت تعلن دعمها لهذا الحصار، وعلى ضعف عالمنا العربي والإسلامي ضعفاً دفعه إلى السكوت عن الظالم وظلمه سكوتاً سيظلُّ وصمة عار مطبوعة في سجلات التاريخ تتحدث عنها الأجيال القادمة بكل حُرْقةٍ وألم. |
يا عقلاء العالم.. العدل يناديكم، والإنصاف يستنفركم، للمحافظة على ما بقي من ماء وجه العدالة والإنصاف، فهل أنتم مجيبون؟ ويا أهل غزَّة المرابطين كلَّ عام وأنتم بحرّية ونصر. |
|
شتان بين الشمس لما أشرقت |
والشمس حين تلفعتْ بالمغرب |
www.Awfaz.com |
|