بفقدنا (عبدالله عبدالرحمن الجفري) نكون قد فقدنا أطول الكتّاب عمراً في الكتابة والأدب والصحافة، ليس لأنه أطول عمراً ممن فقدناهم من الأدباء والكتّاب، لكنه أطولهم عمراً في الكتابة دون توقف. لقد بدأ الكتابة والأدب في بواكير عمره، ولم ينقطع عن معايشة الكتّاب والكتاب حتى اختاره الله إلى جواره وإلى رحمته إن شاء الله.
لقد كان عمراً من الكتابة والأدب والصحافة، أفنى عمره في هذا الشقاء المحبب إليه، وأثرى حياتنا الصحافية والأدبية بإبداعاته. كان قلمه حياته ومعاشه، ولأنه أحب ذلك وأخلص له، لم يمتهن مهنة أخرى، كان صحافياً وكاتباً محترفاً ومبدعاً موهوباً ذوى قلبه من مكابدات الهموم، ومن مكابدة الشوق إلى حب يسع كل المحبين، ويجلي الهموم عن الإنسان، ومع كل ذلك كان قلبه يشع وينبض بالحب، ويورق كشجرة تكابد الجفاف في صحراء لافحة.
لقد ماتت شجرة الحب الوارفة، التي كانت تُظلنا، لكن جذورها ضاربة في الأعماق، وسنورق من جديد، وستتمدد أغصانها ليشملنا ظلها، كما تعودنا. دمعة حرى، وقلب معطوب على فراقك يا توأم الروح.
عبدالله.. يا أول العبادلة - كما كان أبونا الراحل محمد حسين زيدان يحب أن يقول لنا: أول العبادلة عبدالله الجفري.. والثاني أنت تعرفه - لقد قلت لي ذات يوم: سنلتقي على ضفاف النيل، لكنك أخلفت الموعد..!
