Al Jazirah NewsPaper Saturday  04/10/2008 G Issue 13155
السبت 05 شوال 1429   العدد  13155
 

الجفري في ذمة الله «1939- 2008»
الجفري بوفائه يعيد لنا محمد الشبل

 

هذا المقال كان معداً للنشر في (الثقافية بعد العيد مباشرة)، لكن وفاة الأستاذ الجفري -رحمه الله- دعتنا إلى التسريع بنشره.

أعادنا أبو وجدي بوفائه المعتاد ليذكرنا برائد كاد أن يطويه النسيان، فالشاعر المربي محمد السليمان الشبل، الذي أمضى جل حياته العملية في حقل التربية والتعليم، وأغلب فترة عمله أمضاها مديراً للمدرسة الرحمانية الثانوية بمكة، وكان الأديب المرهف والوفي عبدالله الجفري أحد طلبته وأحد من أعجب به كشاعر ومبدع ومربٍّ، وكانت المناسبة إصدار (ملحق التراث) بصحيفة المدينة والذي حفل بمسيرة الشبل مربياً وشاعراً، رغم أنني لم اطلع على هذا الملحق، ولإعجابي ومحبتي بهذا الرجل.. فقد سمعت به.. وقرأت له.. واطلعت على ديوانه الوحيد الذي أصدره النادي الأدبي بالرياض عام 1399هـ باسم (نداء السحر).. وكنت بحكم عملي بمكتبة الملك فهد الوطنية يجب أن ألتقي بهذا الرجل كرائد يستحق أن يستضاف ضمن برنامج (التاريخ الشفهي) وكنت قبل عشر سنوات في ضيافة المرحوم عبدالرحمن البراهيم البطحي بعنيزة، أسجل مقابلات مع بعض الوجوه لهذا البرنامج، وكنت أبحث عمن يعرفني بالشبل أو يوصلني إليه فقد عرفت أنه قد عاد إلى مسقط رأسه بعد تقاعده عن العمل وأنه قليل التواصل مع الآخرين.. فما كان من أبي إبراهيم - البطحي - إلا أن اتصل به وعرفه بي وبمهمتي فرحب وحدد موعداً ضحى اليوم التالي من عام 1418هـ، وفعلاً استقبلني الرجل بترحاب وتناولنا طعام الفطور سوياً وبدأنا مع حديث الذكريات.. منذ ولادته بعنيزة عام 1348هـ وتتلمذه على مربي أبناء عنيزة الأول صالح بن صالح حتى حصوله على الشهادة الابتدائية عام 1364هـ فالتحاقه بالمعهد السعودي العلمي بمكة المكرمة فكلية الشريعة فانخراطه بالعمل التربوي حتى تقاعده.. وعن ذكرياته وبداياته مع الشعر في وقت مبكر فقد وجدت له عدداً من القصائد منها (في ذكرى المولد النبوي) والتي ألقاها في نادي جماعة المسامرات الأدبية بالمعهد عام 1367هـ -وأعتقد أنها أول قصيدة نشرت له-. وقد ضمها كتاب (النهضة الأدبية بنجد) جمع وترتيب حسن محمد محمود الشنقيطي صاحب مكتبة الطبع والنشر بالرياض- نجد. الجزء الأول- ط1- 1370هـ- 1951م شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، وهذه القصيدة لم يشملها الديوان (نداء السحر)، كما وجدت له في كتاب الشنقيطي المشار إليه ثلاث قصائد أخرى لم أجدها في الديوان أيضاً، وهي:

- على لهب العواطف - قال إنها نشرت في مجلة المنهل عام 1368هـ.

- بين أعاصير الحياة.

- في محراب الذكريات - قال إنها نشرت في البلاد السعودية عدد 969، سنة 1370هـ وقد نشرت له قصيدة أخرى تحمل العنوان نفسه في ديوانه.

ونعود لقصيدة (على لهب العواطف) فنشير إليها لاختلافها عن القصائد الأخرى فجميع قصائده الأخرى مقفاة.. إلا هذه القصيدة التي نشرت بطريقة غير مألوفة في وقتها أي قبل خمسين عاماً. ونصها يقول:

هل تنصف؟

صبَّا بحبك يهتف

هل تعرف؟

أني بحبك مستهام مدنف

هل تسعف؟

من بات في نار الأسى يتلهف

* * *

هل تسرف؟

في الظلم يا طيف المنى

وتصد عني بعد ماضي أمرنا

وتصد عني يا مناي وأنت تعرف من أنا

* * *

لو تكشف

قلباً بجسمي يصهر

ومواجداً بين الجوانح تهدر

وأسير حب في هواك عذابه لا يفتر

لسمعت شكواي التي من.. قلبي تعصر

* * *

لو تشرف

وترى دموعا تذرف

وخواطر مكبوتة في مهجتي تتلهف

لعلمت اني هائم ورحمتني يا مسرف

ولم يشمل ديوانه (نداء السحر) القصائد التي ذكرها الأستاذ عبدالله الجفري في مقاله (المتأمل: محمد السليمان الشبل) في المجلة الثقافية ع246 يوم الاثنين 29 ربيع الآخر 1429هـ 5 مايو 2008م، عدا قصيدة (قال لي) فقد وجدتها بالديوان، أما الديوان فأذكر أن لدي منه نسخة في مكتبتي وقد بحثت عنه عند قراءتي لمقال الأستاذ الجفري فلم أجده واتصلت بصديقي الدكتور عبدالله الوشمي نائب رئيس النادي الأدبي بالرياض - ناشر الديوان- فبحث عنه فلم يجد في مخازنهم منه شيئا، فاطلعت عليه في مكتبة الملك فهد الوطنية.. وكان لهذا الديوان قصة كما رواها لي الشاعر نفسه فقد قال: إن رئيس النادي الأدبي بالرياض السابق الشيخ أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري قد اتصل به بمكة وطلب منه أن يسمح لهم بطبع ديوانه فقال إنه لا يوجد لديه من القصائد إلا القليل.. فرد عليه انه يحتفظون ببعض القصائد التي جمعوها مما نشر له في الصحف.

وقال إنه لا يعلم عنه شيئا إلى بعد طبع الديوان (نداء السحر) وإرسال بعض النسخ له..

وكنت أثناء تصفحي للصحف القديمة بمكتبة الملك فهد الوطنية اختار بعض القصائد والموضوعات التي قد احتاج لها.. ومنها ما أجده منشوراً في صحيفة (البلاد السعودية) تحت زاوية (ديوان الشعر) أثناء دراسته بكلية الشريعة أو أثناء عمله وزياراته لعنيزة وغيرها في الإجازات، ومنها:

1- قصيدة (قيثارة الظلام!!) والتي نشرت في زاوية (ديوان الشعر) في جريدة البلاد السعودية عدد 1126 الصادر في 15 ربيع الثاني 1371هـ الموافق 13 يناير 1952م، وقد قدم لها بقوله: إلى تلك الأرواح الحائرة في صحراء الحياة.. والقصيدة تقول:

لحن فجر الحياة في أفقك الدامس

لفح من الدجى والسراب

رقرق البؤس من معازفه السود

نشيدا من الأسى والعذاب

ولا سورة الشقاء على الأرض

فضجت بصارخ الترحاب

وانبرى ينفث التعاويذ في الأفق

ويهتز في رموس السحاب

وندوب الشقاء في خافقي الغصن

أعاصير وحشة واكتئاب

كما تهاديت في مرابعك السود

وطوفت فوق تلك الروابي

كم تهاديت والردى في مغانيك

ولحن الشقاء في كل باب

ونحيب الغراب - ناقوس العذب -

نشيد يرن في الأعصاب

والظلام الظلام يرقص الأفق

ويحظوا بداكن الجلباب

ورطين الأشباح في موكب الموت

أغاريد نايك المطراب

ايه يا موكب الغرابة والشؤم

ومغني مناسك الاوصاب

وضريح الرجاء والأمل المعسول

والحسن والهوى والشباب

إن في خافق لهيب من الشوق

ولفح من المنى والرغاب

كلما انساب في لظاها شعوري

خدشت روحه بتلك الحراب

آه من لوعة تؤز بقلبي

طوحت بالقوى من اسبابي

رقصت في مشاعري وهجات

وتلظت كالنار في أعصابي

وأنا البائس المعذب في الحب

رهين الأسى أسير المصاب

يبست مهجتي وجف فؤادي

وذوى صوت مزهري بالنعاب

محمد السليمان الشبل

2- وفي العدد 1173 ليوم الخميس 7 شعبان 1371هـ الموافق 1 مايو 1952م نشرت له الصحيفة نفسها وفي الزاوية نفسها، قصيدة (الربيع الضائع) قالها وهو طالب بكلية الشريعة بمكة والتي قدم لها بقوله: إلى مهد الطفولة الباسم تسابيح روح لم تزل ترفرف بأجنحتها المتكسرة عليه.. وفيها يقول:

لم يبق إلا الذكريات تنوح في تلك الربي..

لم يبق إلا طيفها الباكي على زمن الصبا..

لم يبق إلا الذكريات صدى تردده الربوع..

روحا من الأشواق يخفق ظلها بين الضلوع..

لم يبق إلا الذكريات فهل شجتك رسومها..

ولت كما ولى الربيع مني تنوح همومها..

لا شيء إلا همسة الذكرى على تلك الدروب..

تبكي على الأحلام والآمال في كهف الغروب..

لا شيء إلا لوعتي الحراء يعوي لحنها..

ناحت على ظل المنى حتى تقرح جفنها..

لا شيء إلا ذلك الماضي أنوح بذكره..

كالبلبل الغريد يندب روضه في ثغره..

* * *

أواه يا مهد.. والحياة الغالية..

لو تسمعين اغانيا فيها اذبت فؤاديه..

فيها أذبت مواجعي ومواجدي وكآبتي..

وسكبت فيها من لهيب الشوق نار صبابتي..

أواه لو تدرين ماذا في الفؤاد من الجراح..

من أنة سوداء ذابت في تراتيل النواح

هوجاء تروي للحياة نشيدها ببكائها

تشدو على لهيب الشجون بيأسها وشقائها

أواه لو تدرين أن القلب يسكب لحنه

والبؤس والآلام تضرم في الحنايا حزنه..

ضجت أعاصير الحياة بقلبي الدامي الكسير

فغدا كمقفرة اليباب نسيمه لفح الهجير

يشدو بأغنية الشقاء على شفير الهاوية

حيران لا يدري بأي أسى يودع ماضي

ما بين آمال مشردة ويأس ساخر

تلوى بأمنية الشباب إلى اللهيب الثائر

3- وفي العدد 1186 ليوم الأحد 8 رمضان 1371هـ الموافق 1 يونيو 1952م نجد في الصحيفة والزاوية نفسيهما قصيدة (يا شعر..) يكتبها ويبعثها من مسقط رأسه من عنيزة وفيها يقول:

يا شعر يا نجوى المشاعر والقلوب الهائمة

يا نغمة ضجت بها تلك الحياة الواجمة

***

يا شعر يا طيف المواجع والمواجد في دمى

يا لوعة غنى بها قلبي وناح بها فمي

***

يا لوعة خفاقة ملكت زمام القلب مني

سكبت به لحن الشجون فعاد بالشكوى يغني

***

سكبت به من لوعة الذكرى حنيناً دامياً

هز الأماني في حشاه فعاد يصرخ شاكيا

***

يا شعر أصداء مولهة من الشكوى مريرة

ذابت على قلبي وشبت في مغاوره سعيره

***

ناجته بالذكرى فراح يئن في محرابه

يبكي على طلل الحياة على ربيع شبابه

***

يبكي وهل تدري بأي مدامع يبكي المنى

بلهيب خافقه المؤرق بالمواجع والضنى

***

قلب من الآمال ذابت في مغاوره لحونه

يشدوا بأغنية من الشكوى ترقرقها شجونه

***

ولهان في كهف الحياة يرن في آباده

نغم من الشكوى تغلغل في صميم فؤاده

***

يا شعر أنت رؤى من الذكرى على فنن الخلود

طارت بأجنحة من الشكوى فناح بها الوجود

***

يعوي بنغمتها الشجية كل قلب حائر

يروي الأسى من مقلتيه حبيب دمع هامر

***

نسجت له كف الشقاء من الأسى جلبابه

فهوى يولول في الشجون يئن يلثم صابه

4- ونشرت له البلاد السعودية أيضاً بالعدد 1707 الصادر يوم الأحد 2 ربيع الثاني 1374هـ الموافق 13 نوفمبر 1954م، قصيدة (فنان!!):

كم داعب القيثار فاستسلما

وأرق العاشق فاسترحما

كم عانقت أنمله خافقاً

وهومت لفحا به مضرما

شاد على الضفة محرابه

تيَّم بالألحان من تيما

طيف يشع الطهر في ردنه

وينجلي عنه شذى مفعما

لكم يذيب الفن أحشاءه

فينثني صب الجوى مغرما

يعيد للورقاء في عزفه

عهدا مضى في شوقه عنهما

ويسكب التحنان من عوده

لحنا سبا ظل الهوى منهما

أواه من ترنيمة شبها

في كفه الوجد الذي حوما

فعربدت حيرى على عوده

تروي نشيداً للأسى مبهما

يا عازف الفتنة في سحره

ونافخاً في الأرض لحن

هذا الذي اروت اغاريده

واطفأت نجواه هذا الظلما

من فجر الينبوع في قلبه

ومن غذاه الشاعر الملهما

ومن حباه الفن في همسة

تنساب في جرح الهوى بلسما

تعيد للعشاق أيامهم

حلماً من السمار فوق الحمى

يشكون للنخل بآهاتهم

فه لذاك النخل أن يفهما

ويرمقون البدر في نظرة

ذابت على كف الربى انغما

يا ملهم العشاق اسرارهم

وموقظ الفتنة ان تفحما

رفقا بحالي ان لي خافقا

عاد به عرس الهوى مأتما

أهجت فيه الأمس والذكريات

وخلته صبابها مغرما..

وجئت تروي روحه بالذي

كأن بدنيا أنسه علقما

مهما تناسى الصب آلامه

وودعت ذكراه ما قدما

مهما تناسى أو سلا فالهوى

لابد أن يهفو به مثلما

5- بعد صدور صحيفة (الأضواء) نجدها تنشر له في عددها 23 ليوم الثلاثاء 4 جمادى الأولى 1377هـ الموافق 26 نوفمبر 1957م قصيدة (باقة شعر):

خطرات الشوق في دنيا صبانا

لم تدع للأنس في القلب مكانا

خطرات الشوق من عهد الصبا

جددوها وابعثوا ذاك الزمانا

جددوا منها عهودا حلوة

وأعيدوها كما كانت وكانا

نفحات من ربيع غابر

أضرمت فينا لهيبا من هوانا

بعثت فينا الأماني غضة

وأثارت بين جنبينا اسانا

ذكريات علق القلب بها

رسمت في لوحة العمر خطانا

ذكريات كلما همنا بها

خففت حرى الأماني في دمانا

زارعي الله زمانا شيقا

مر كاللمحة في ركب منانا

عزف العمر له أنشودة

عذبة الإيقاع تهتز حنانا

يخفق القلب لها ان صدحت

ويها ديها حنينا.. وامتنانا

أين من عيني يا مهد الصبا

ذكريات الأمس من ماضي صبانا

ذكريات الأمس من عهد مضى

وتولى بعدما أذكى شجانا

بعدما أجج فينا صبوة

من أمانيه التي هاجت جوانا

أين لا أين سوى تلك المنى

وصدى الذكريات وأطياف روانا

ايه فلتبك الليالي معنا

ولينح ذاك المعنى لبكانا

حلما يغرب في أفق البلى

وحواليه الأماني تتفانى

حلما غنى به ذاك الصدى

ردد الذكرى نشيدا في دنانا

ردد التحنان في أنفسنا

غنوة تروي أساطير منانا

نغمة من مزهر الماضي بها

من صدى الذكرى حنين لا يداني

وقد نشرت جريدة (حراء) في عددها 109 الصادر يوم السبت 2 محرم 1378هـ الموافق 19 يوليو 1958م مقابلة بصفحة (أدب وأدباء) تحت عنوان (أدبنا في معترك الآراء) فقد وجهت له بعض الأسئلة فأجاب عليها نختار منها السؤالين الأولين: هل لأدبنا شخصية مستقلة أم لا؟ وما رأيكم في الشعر المنثور؟ وقد أجاب بقوله:

(ج1: نعم لأدبنا شخصية مستقلة من حيث الفكرة فقط، أما من حيث التعبير فليس له مع الأسف شخصية مستقلة، إذ إن جميع التعبيرات التي تتحدث عن الفكرة هي ألفاظ أكثرها مستبقى من ثقافة الشاعر ومطالعاته وإن كانت لا تدور في عالمه وبيئته التي يعيش فيها.

ج2: الشعر المنثور على نوعين، نوع له مكانته في الشعر الحديث وهو الشعر الخيالي المنظم وإن كان غير موزون في قافية أو بحر كشعر الفيتوري والحيدري في بعض الأوقات، أما النوع الثاني من الشعر المنثور الذي لا يمت إلى التغيير بصلة فضلاً عن الشعر فهو الشعر المطلسم الرمزي كشعر بشر فارس مثلاً:

وكان كثيراً ما يتحاور مع بعض الشعراء المعاصرين له.. فنجده مثلاً يوجه قصيدة لصديقه الشاعر الأستاذ سراج خراز في الزاوية والجريدة نفسها (البلاد السعودية) بالعدد 2010 في 1-4-1375ه تحت عنوان (الجناح الأبيض) وقد وردت تلك القصيدة في ديوانه المشار إليه (نداء السحر) ولكون صديقه الشاعر قد أجابه بنفس الجريدة والزاوية نفسيهما وبالعدد 2017 في 21-4-1375ه، وتحت عنوان (ليت..) ولكونها لم تنشر في الديوان يحسن اطلاع القارئ عليها، خصوصاً وقد مضى عليها أكثر من نصف قرن..

فنجد الشاعر محمد سراج خراز يقدم القصيدة (ليت..!) بقوله: إلى الصديق الشاعر الأستاذ محمد الشبل.

يا صديقي الشاعر الغافي بدنيا الذكريات

والذي طاف به حلم ليال والهات

فتلوى وهو مشبوب الأسى، والزفرات

صارخاً تؤخز جنبيه طيوف الصبوات

***

أي لحن لك لا يبرح في القلب صداه

بعث الماضي لعيني فهاجتني رؤاه..

وأثار الشعر في نفسي، فرفت شفتاه

بنشيد قد بكى فيه هوى ضاعت مناه

***

ليت شيطانك لم يقطع على شعري صمته

إنه لم يرحم القلب، ولا أنت رحمته!

ليته لم يدعك اليوم، ولا أنت أجبته!

إن في الصمت لأمثالي عزاء، لو علمته!

***

يالعهد كلما اذكره يخفق صدري

في ربوع السحر والفتنة قد ودعت شعري

وبذاك الكنف الضاحك قد أودعت عمري

فإذا أبصرتني تحسب في بردي غيري

***

الربى تشهد، والليل، وذياك الضباب

والمروج الخضر، وا....، واللحن المذاب

والطريق الهادئ الحالم أمته الرغاب

والتقاء العين بالعين، وقد حان الذهاب

***

ووقوفي حائرة النظرة تغزوني العيون

آملاً أن يمنح الرحمة قلب لا يلين

وإيابي بعد ما خابت - كما خبت - الظنون

وأنين الناي في كفي، وهل يجدي الأنين؟

***

آه لو أني أصغيت لحبي إذ دعاني

وأطعت القلب لا العقل، وناغيت الأماني

واجتليت الزهر فواح الشذى، حلو المجاني

ومنحت الحظ ما ينسيه حرمان الزمان

***

أمل مازلت أرعاه، وان طال المدى

ان يكن قد بعد اليوم فقد يدنو غدا

وحياة من جمال؛ وربيع؛ وندى

ربما لاحت بدنياي، فكانت مولدا..

لقد كانت لفتة جميلة مكللة بالوفاء من أستاذنا الجفري لرائد يحتفل ونحتفل معه ببلوغه الثمانين من عمره، متعه الله بالصحة والعافية، ورجائي أن يحتفي مركز صالح بن صالح الثقافي بعنيزة بهذا الرجل كما عودنا ويعيد نشر ديوانه وإضافة القصائد التي لم يشملها الديوان في طبعته 1399هـ الأولى، سواء التي ذكرها الأستاذ الجفري أو تلك التي أشرت إليها.

محمد بن عبدالرزاق القشعمي


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد