توطئة:
(أنا هي كل النساء) هو الإصدار الإبداعي الأول للكاتبة السعودية حنان أبو حيمد الصادر للعام الحالي 2008م عن دار الكفاح للنشر والتوزيع، ويقع هذا المؤلف فيما يقارب 108 صفحات من القطع المتوسط.
ويحتوي هذا المؤلف على مجموعة من النصوص التي تمزج في بنيتها وشكلها ومضمونها ما بين النثر الشعري أو (الخواطر الشعرية) والشعر المقفى الذي يميل أحياناً لإسقاط الموسيقى العروضية.
الرؤية:
تتمحور جميع نصوص المجموعة في مجملها حول هموم المرأة اليومية وبيئتها المحيطة، وبالذات الجانب الاجتماعي الذي تتقاطع فيه مع الآخر بتأثيراته وانعكاساته النفسية الداخلية والخارجية بما تمليه عليها طبيعتها كأنثى أو ابنة أو زوجة أو أخت أو أم.
ففي النص الذي عنونته الكاتبة ب(قصاصات من ورق) من هذا العمل تتوجه الكاتبة بنداءات مباشرة وتلقائية لوالديها وإخوتها وأبنائها وصديقاتها بحميمية وعاطفة هي أقرب للصدق الأخلاقي أو الاجتماعي منها للصدق الفني الذي يتنافى مع الوضوح والإسقاط المباشر للصورة أو الفكرة.
(إليك يا والدي، إلى وجهك الحنون، إلى تلك العيون الدافئة.. إلى خبرتك طوال هذه السنين..)(1).
وعلى هذا المنوال فقد غلب الطابع الذاتي والحوار الداخلي والفردي على مجمل نصوص المجموعة، وغابت الأصوات الأخرى باستثناء بعض الإيماءات أو التلويحات لأصوات هامشية لا تلعب دوراً فاعلاً في الصورة الفنية وتعقيدها أو تطويرها، ولا في الواقع المعاش للمرأة والتفاعل معه.
وفي مقابل هذا النسيج الاجتماعي الذي نسجته الكاتبة لشخصية الأب أو الأخ في نصوصها فقد جاءت صورة الرجل كطرف اجتماعي معادل للمرأة في تعبيراتها وأخيلتها، صورة قلقة يشوبها الخوف والتوجس والارتياب:
(لست أنا من أحتمل رغباتك وأفعل ما تشاء، إن كان هناك غيري فاعلم أني أنا هي كل النساء)(2).
ولعل لوحة الغلاف الخارجي التي اختارتها الكاتبة لمجموعتها بملامح لوجه أنثوي فسيفسائي توحي بقلق نفسي وشرود ذهني والخوف من المجهول. وهذا كله ناتج بدوره عن عدم استقرار الحياة الاجتماعية للكاتبة كزوجة أو أم.
ويدعم هذا الاستقراء الذي رسمته الكاتبة لشخصية الرجل المريبة في مؤلفها عبارة الإهداء التي تصدرت المجموعة في صفحة الإهداء من المؤلف نفسه حيث جاء قولها:
(إلى كل رجل يحترم النساء، إلى كل امرأة تذوقت طعم البكاء).
الخروج من الذات:
مع أن مجمل النصوص يدور في فلك ذي صبغة اجتماعية واحدة تقريباً إلا أن الكاتبة جنحت في بعض من نصوصها الأخرى إلى فضاء جغرافية الهم العربي كالعراق وفلسطين لتتناول أوضاع الشعوب العربية هناك.
ومثل ذلك نلحظه في نصها الذي عنونته بـ(دموع):
(... سعال الأوطان المشتعلة، شديد صوت الدخان يدوي في كل مكان، تلطخ ثوب العروبة الجديد...)(3).
اللغة:
جاءت لغة الكاتبة بسيطة في بنيتها وتراكيبها وتناولها شبه المباشر للأحداث والأفكار والصور.
ومع أن المجموعة لا تخلو من الأخطاء المطبعية واللغوية إلا أن الكاتبة استطاعت أن توصل معاناة المرأة للقارئ بلغة أنيقة وأسلوب سهل وتعبيرات رقيقة بما يتفق عموماً مع شخصية المرأة التي تجنح للمسالمة والتعاطف والرقة واللين في كثير من الأحيان.
وأعتقد أن المجموعة ستكون أفضل وأنضج شكلاً ومضموناً لو أن الكاتبة تمهلت قليلاً في إصدارها حتى تستدرك بعض ما فاتها استدراكه من أخطاء لغوية ومطبعية لابد وأن يكون لها تأثير سلبي على هذا العمل.
وبالتالي سيكون ذلك بصراحة - محسوباً على الكاتبة وعلى دار النشر التي قامت بطباعته وتوزيعه على عجل دون مراجعته لغوياً وفنياً.
****
الهوامش:
(1) أنا هي كل النساء، ص9.
(2) أنا هي كل النساء، ص20.
(3) أنا هي كل النساء، ص22.
حمد حميد الرشيدي - الرياض