إعداد - تركي إبراهيم الماضي:
ولا يزالون مختلفين
د. سلمان العودة
قامت الإدارة العلمية بمؤسسة (الإسلام اليوم) بتحرير هذه المحاضرات التي سبق أن ألقاها فضيلة الشيخ سلمان العودة في أمكنة متفرقة وأزمنة متباعدة؛ ليتم جمعها في سياق واحد. وأشار الدكتور عبدالوهاب بن ناصر الطريري نائب المشرف العام على مؤسسة (الإسلام اليوم) في تقديم الكتاب إلى أن الاختلاف من المواضيع التي عني بها فضيلة شيخنا د. سلمان بن فهد العودة - حفظه الله - في محاضراته ومقالاته وحواراته، وكان مما عني الشيخ بتأصيله التأكيد على حتمية الخلاف، وأنه سُنّة كونية ماضية، وأن النظرة المتبرمة من الخلاف التي تنتظر انتهاءه نظرة حالمة تنتظر ما لا يأتي ولا يكون {وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (119) سورة هود.
وأن الخلاف ليس كله شراً، وما كان شراً فيمكن تقليل شره، وإطفاء ناره، وأن الخلاف كان موجوداً في أفضل وأتقى وأنقى جيل وهم الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وكان مستديماً بين ورثة الرسل من العلماء، وهم خيار الأمة وأفضلها، ولكن هذا الخلاف كان يدار على نحو يجلي الحق ولا يفرق القلوب.
وأن لهذا الخلاف أسبابه المتنوعة التي يرجع بعضها إلى طبيعة الشخص، وبعضها إلى بيئته وظروفه المحيطة، وبعضها إلى تكوينه وحصيلته العلمية، إلى غير ذلك.
ولذا فإن المهم هو النظر إلى الخلاف بواقعية، وتكوين اللياقة النفسية لتقبله، والتركيز على أسلوب التعاطي مع الخلاف، والآداب التي ينبغي أن يتحلى بها من يتجاذبون أطراف القضايا ويختلفون حولها، فإن هذا سيردم كثيراً من الخنادق الفاصلة، ويصل بين الجزر المتباعدة، ويقرب الحقيقة، ويجلي الرؤية، بعيداً عن التعصب والهوى، وما يتفرع عنهما من إثارات وثارات نفسية.
ولقد كان يزين طروحات الشيخ في هذا الموضوع تقديم النموذج العملي في التعامل مع الخلاف؛ فقد كان الشيخ في برامجه الإعلامية المباشرة وحواراته ومقالاته يقدم نموذجاً راقياً في التعامل مع وجهات النظر المخالفة على تفاوت درجات المخالفة.
وكانت طريقة الشيخ في ذلك كله قريبة إلى حد كبير مما طرحه ودعا إليه في محاضراته؛ ولذا فإنك واجد في منهج الشيخ وسيلة الإيضاح العملية لهذه الطروحات النظرية.