هلّ علينا شهر شوال، وبدأنا نحتفل بالعيد، جعله الله عيداً سعيداً على بلادنا وكافة أرجاء بلاد المسلمين وحيثما حل كل مسلم على وجه الأرض. فرحة المسلمين بالعيد هي اكتمال لفرحتهم بقدوم شهر رمضان، شهر القرآن والغفران. هنا في بلاد الحرمين الشريفين، عشنا أجواء رمضانية ذات بهجة، عشنا وشاهدنا الألوف المؤلفة من المسلمين القادمين من داخل البلاد وخارجها وهم يعيشون أجمل اللحظات معتمرين للبيت الحرام، وزائرين للمسجد النبوي الشريف، والسلام على سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الطاهرين. يتأمل الإنسان المدرك كم هي عظمة الإسلام الذي ألف بين المسلمين من كل أقطاب الأرض، ويتأمل الإنسان وهو يشاهد ألوف المصلين في الحرمين الشريفين، يقفون خلف إمام واحد كالبنيان المرصوص، صفوفهم ممتدة، متقاربة ومتواصلة ومتوالية، يؤمّنون ويرفعون أيديهم تضرعاً إلى المولى تعالى يرجون رحمته ورضوانه. وتمتد هذه المظاهر الجميلة في كافة أرجاء الوطن، حيث المساجد والجوامع المكتظة بالمصلين في كل الأوقات للصلاة والعبادة وقراءة القرآن وحفظه، والاستزادة من حلقات الدروس الرمضانية في السنة النبوية الشريفة من تفسير وحديث وفقه. وفي هذه الأجواء التي عشناها في شهر رمضان، نتأمل حال بلاد المسلمين وما فيها من فتن وحروب وفقر وقحط، وقد يسرت علينا وسائط الإعلام لنشاهد بأعيننا قبل أسماعنا تلك المعاناة والمشاهد التي يندى لها الجبين. هناك بلدان وأوطان عربية وإسلامية تحولت أحوالها إلى خلل في أمنها ونقص في رزقها، وبعضها تجري فيها الأنهار رقراقة، وفي باطن أراضيها من النفائس التي تجعلها في غني ورخاء. وهناك أراض للمسلمين اغتصبت واجتثت وأخرج أهلها من أوطانهم. وعندما نتأمل أحوال المسلمين ونحن نعيش فرحة العيد فإننا نتساءل: وما هو الحل؟ وكيف يصلح المسلمون أحوالهم؟ ومعاذ الله أن يكون الإسلام وتعاليمه هو السبب!! نسأل الله - جلّ وعزّ - أن يهدي أمة الإسلام وقادتها وزعماءها إلى طريق الهداية والصواب؛ فتحقن دماء الأبرياء، ويعود الرخاء والصفاء إلى بلاد المسلمين.
رحمك الله أيتها الأخت العزيزة
هي أخت عزيزة وغالية، نالت تعليمها المبكر مع بداية تأسيس مدارس البنات، تزوجت ولزمت بيت الزوجية وأنجبت، وصبرت بنفس رضية على الابتلاء سنوات طويلة؛ فاحتسبت ما عند الله من أجر وثواب.. قليل من أمثالها وهي في قمة المعاناة وما طرأ على جسدها الرقيق من تدخلات الأطباء، نجد الابتسامة لا تفارقها، وتقابل ما أصابها بالطاعة والشكر والذكر لرب العالمين، وفي صبيحة يوم العيد فارقت أهلها وأحبابها إلى الحياة الآخرة. ومن حسن الحظ أن أبناءها وبناتها وأهلها وأقاربها الذين اجتمعوا للعيد، شاركوا في الصلاة عليها ودفنها. إنها أختي العزيزة الغالية (طرفة) رحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته.
هذه هي حال الدنيا، فرح وسرور وحزن وألم، والمسلم من عرف قيمة الحياة وقدم لآخرته قبل دنياه بالخير والعمل الصالح. والله مع الصالحين، وكل عيد وأمتنا بخير.
Alrashid.saad@yahoo.com