Al Jazirah NewsPaper Friday  03/10/2008 G Issue 13154
الجمعة 04 شوال 1429   العدد  13154
لماذا تموت شوارعنا وهي حية؟
منيف خضير

ربما فاقت شهرة شارع الوزير في العاصمة الرياض شهرة بعض الرجال، فهذا الشارع في أيام الملك سعود والملك فيصل - رحمهما الله - لم يكن مجرد شارع، كان تظاهرة تلفت الأنظار، الآن ربما نصف سكان الرياض لا يعرفون أين يوجد هذا الشارع!

ليس المطلوب رعاية الشوارع رصفاً وإنارة وتشجيراً فقط بل المطلوب من الأمانات في مختلف مناطق المملكة - ولس في العاصمة فقط - تخليد شخصية الشوارع الشهيرة وتطوير المقدرات التي تسببت في شهرتها والعمل على المحافظة على تاريخها.

خذوا مثالاً آخر شارع الغرابي في البطحاء الذي يعد أشهر شارع إكسسوارات سيارات في المملكة، وتجاوزت شهرته بلدان الخليج، ماذا فعلت الأمانة في هذا الشارع؟

كل الذي فعلته لفك الاختناق المروري هو تحويل المسارين إلى مسار واحد، ولم تفلح هذه الحركة (الذكية) في فك الاختناق لوجود منافذ فرعية كثيرة تغذي هذا الشارع، كم تمنيت لو أن الأمانة فكرت بطرق مبتكرة لتحويل هذه الشوارع الشهيرة إلى ما يشبه الشوارع السياحية.

الآن تفتخر العاصمة بالشارع الذكي شارع التحلية (اشتهر هكذا رغم أن اسمه شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز) وبعد سنوات سأذكركم أن هذا الشارع سنترحم عليه لأننا ببساطة سنتجة بكل قوانا إلى شارع آخر جديد، وهذا ما حصل مع شارع التخصصي والثلاثين وكثير من شوارع مدن المملكة الأخرى.

وأمر آخر لافت للنظر إضافة إلى ما سبق هو عدم وجود شوارع للمشاة فقط، لا تدخلها السيارات، أو تدخلها بمسارات خاصة ويكون ثلث مساحة الشارع للمشاة والجلوس، فمدن المملكة بحاجة لمثل هذه الشوارع نريد أن نمشي دون أن ترافقنا الحوامل في رصيف لا يتسع لكل الأطياف!

وأنا بالطبع أثق في إمكانات بلدي تماماً، وقد شاهدت في دول كثيرة يقل اقتصادها عن اقتصاد بلادنا إلى أكثر من النصف شوارع تستحق أن يفتخر بها أهلها مثل شارع الحبيب بو رقيبة في تونس وشارع جامعة الدول العربية في القاهرة، وقد أعلنت وزارة الثقافة المصرية مؤخراً عن تنفيذ مشروع متكامل لتحويل شارع معز الدين (بقلب القاهرة التاريخية) إلى متحف مفتوح للآثار الإسلامية بتكلفة 35 مليون جنيه، وهذا للحفاظ على شخصية الشارع ولاستعادة الوجه التاريخي لشارع المعز لدين الله في منطقة الأزهر بالقاهرة الفاطمية.

طبعاً عند الحديث عن الشوارع كأمثلة للشهرة والجذب وتحقيق الهدف السياحي من الظلم أن نتجاهل سحر الشانزليزيه والذي لا يكمن فقط في سعة شوارعها، أو المشاهير الذين مروا عبرها ولكن بسبب كونها ساحة تجمع كل الثقافات دون تفريق.

ولا عجب إذا كان الفرنسيون يعتبرون جادة الشانزليزيه أجمل شارع في العالم فلأن هذه الجادة الرائعة التي تمتد من ساحة كونكورد المطلة على حدائق متحف اللوفر إلى قاب قوس النصر أي على امتداد آلاف الأمتار هي فريدة من نوعها في العالم.

ولا تتمتع الجادة بتلك السمعة لكونها واسعة جداً، ولا لكونها تحفل بتاريخ غني بالأحداث إذ سار عليها ملوك وأباطرة فرنسا ومن ثم الزعيم النازي أدولف هتلر الذي احتل باريس ، بل لأنها وقبل كل شيء تعتبر ملتقى السائحين من كل ? ?أقطار العالم يفدون إليها للتنعم بجمالها والتنزه على جوانبها.

أما على الطرف الآخر من أوروبا فقد نجحت نيوزلاندا - مثلاً - في تخليد شارع (بالدون) باعتباره الشارع الأكثر انحداراً بالعالم، هذه أمثلة فقط، ونحن كذلك نستطيع أن نخلد شوارعنا ونجعلها شهيرة بشرط أن نتخلص من المطبات الصناعية والحفر والباقي يأتي لاحقاً!

كل ما نريده في النهاية هو شارع لا يموت يكون واسعاً ويخصص للمشاة تزيّنه النوافير والمسطحات الخضراء والأرصفة الملونة، ولا تدخله السيارات ولا الحوامل.



mk4004@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد