Al Jazirah NewsPaper Thursday  02/10/2008 G Issue 13153
الخميس 03 شوال 1429   العدد  13153
طبقة حديثة الظهور في الصين - الطبقة المتوسطة
بقلم: رن كه (مقالات خاصة)

إريك وانغ يسمِّر ناظريه على مقهى ستاريكس قريبا من مكتبه بالحي التجاري المركزي ببكين، كان يرتدي بدلة زرقاء غامقة مع ربطة عنق ذهبية اللون، ويتناول بيده الخشنة فنجان قهوة ويرشف.

قال وانغ: (انه حقا تباين حاد بين حياتي الحاضرة، وتلك التي عاشها والداي). وانغ يعمل محاسبا عموميا لدى برايس ووترهوس كوبرس مستمتعا بحياته أيما استمتاع.

تقليديان يعيشان على زراعة الأرز وصيد السمك في بحيرة تاى. في كل عطلة صيفية، مد وانغ يد العون لوالديه في الزراعة مما جعله داكن الوجه، منفض اليدين.

كان وانغ مجدا في الدراسة... والتحق بجامعة التجارة والاقتصاد الدولي ببكين سحرته ناطحات السحاب بالعاصمة... وادرك انه لن يعود إلى مسكنه الخشبي المكون من طابقين حيث رأى نور الحياة.

وانغ اليوم ابن 29 ربيعا، يكسب ما يزيد على 200 ألف يوان (29 ألف دولار أمريكي) سنوياً من عمله في الاكتتابات العامة للشركات الراغبة في القيد بالبورصة.

حياة وانغ رغيدة نوعا ما إذا ما أخذنا بالحسبان أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالصين 2042 دولارا أمريكيا في العام 2007 ولكنه يطلب عدم استخدام اسمه الصيني، إذ إن الكشف عن ثروة الشخص بالصين ليس من الحكمة في شيء.

يعيش والداه كما اعتادا عقودا من الزمن، عرفا أن ابنهما يعمل لدى شركة محاسبة أجنبية التمويل، لكنهما لا يعرفان كيف تحقق الشركة أموالا.

يعيش وانغ مع خطيبته في شقة بها حجرتا نوم اشتراها قبل عامين بوسط بكين سيسدد ما عليه في ثلاث سنين، وهدفه التالي: شراء سيارة فورد مونديو من صنع الصين وقيمتها 200 ألف يوان.

قال وانغ: (إنني لمحظوظ، ولكن للآخرين حكايات مماثلة، هذا اتجاه الزمن).

في المدن المتطورة مثل بكين، شانغهاي، قوانغتشو وغيرها من المدن الكبرى الرئيسية، يشكل وانغ وأمثاله مجموعة لاتعيش إلا في الصين منذ بدأت الهيكلة الاقتصادية بالبلاد قبل ثلاثة عقود.

قبل ثلاثين عاماً، عاش والد وانغ في كومونة شعبية - كومونة مثل هيئة فيها كل شيء تملكه جماعة الفلاحين، العمال في المصانع تمتعوا برعاية اجتماعية من المهد إلى اللحد، وثمة جماعة أخرى الا وهم المثقفون بما في ذلك الأساتذة بالجامعات والمعاهد والفنانون، كانوا مرتبطين بهيئات مختلفة، وكان النظام الاجتماعي لم يترك أحدا خارجه.

تغيرت الأحوال في الصين مع انتهاجها سياسة الانفتاح على العالم الخارجي والإصلاح بالعام 1978 حين قرر الزعيم الوطني دنغ شياو بينغ ومؤيدوه وضع حد للصراع الطبقي والتحول إلى التنمية الاقتصادية.

تشانغ وان لي.. مساعد باحث في معهد علوم الاجتماع لأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، يقول انه قبل العام، 1978 كان في الصين ثلاث طبقات: الفلاحون والعمال والمثقفون، كانت الشركات الخاصة محظورة حظرا تاما، وان الفلاح الذي يبيع بيضا في سوق حرة ريفية كان يعتبر (ذيلا للرأسمالية) لابد من قطعه.

رفعت القيود تدريجيا ابتداء من العام 1978 اصبح بمقدور الناس أن يديروا شركات خاصة وان يستخدموا عمالا بعد ذلك.. جاءت الرساميل الأجنبية، وبفضل تلك التغيرات، تطورت سريعا القطاعات التجارية والمالية والخدمية، وظهر إلى الوجود وظائف جديدة، ومديرين من أصحاب الياقات البيضاء في شركات أجنبية ومحلية، واصحاب مؤسسات صغيرة ومتوسطة الحجم، وكذلك صار حال المهنيين أمثال المحامين والمحاسبين.

كسبوا، من دون قيود النظام القديم، حرية الحركة التي أتاحت لهم طلب المصالح الاقتصادية مثل إدارة الأعمال والمعرفة في الأسواق الناشئة.

قال تشانغ وان لي: (انهم يؤدون أعمالا ذهبية، ويستخدمون رأسمالهم الثقافي ومهاراتهم المهنية لكسب المعيشة).

على كل حال.. أثارت الطبقة الجديدة منازعات ومجادلات، فكثير من الناس يرون أن (الطبقة المتوسطة) أسلوب حياة، هم يظنون أن أسرة الطبقة الوسطى ينبغي أن تحوز على الأقل شقة سكنية وسيارة واحدة، وعضوية نادي غولف، وغالبا ما تسافر إلى الخارج، بكلمات أخرى، ذلك أسلوب حياة الأثرياء.

قال تشانغ : (ليس لدي السيارة، وأعيش في شقق بنتها وحدة العمل بأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، أضاف : ( لكن عندما كنت أقابل رجل أعمال من أصحاب الملايين ذات مرة، قال إنني من دون ريب انتمي إلى الطبقة المتوسطة. (قال تشانغ ان المكانة الاجتماعية والمهنة ناهيك عن الدخل تحدد أدوارا اكثر أهمية في تحديد الطبقات الاجتماعية.

في عام 2001 أجرت أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية استطلاعا وطنيا، اكتشف أن الطبقة المتوسطة من حيث المهنة بما في ذلك الأشخاص أصحاب الوظائف الجديدة ومن في القطاعات غير العامة وأولئك المسؤولون الحكوميون والمثقفون في المستويات المتوسطة، شكلوا 20% من إجمالي السكان.

في ذلك الاستطلاع، جرى تقسيم نخبة المثقفين والمديرين والمسؤولين على مستوى نائب وزير وما فوق واصحاب المليارات من أصحاب الشركات الخاصة على انهم الطبقة العليا، بينما العمال الصناعيون والتجار والمزارعون والعاطلون هم الطبقات الأدنى.

قال تشانغ انه مع أن الناس في الطبقة الوسطى قد ظلوا يزدادون عددا في الأعوام السبعة الفائتة، لكن نسبتها في السكان ظلت تقريبا هي نفسها مع قدوم المزيد من أهل الريف إلى المدن بحثا عن عمل، وإذا اعتبرنا أن سكان الريف يشكلون نحو 64% فهذا - في واقع الأمر - عدد كبير.

في العام، 2006 تحدثت صحيفة، النظرة الأسبوعية الحكومية عن فئات ناشئة جديدة بما في ذلك القطاعات غير العامة والمهنيون شكلوا 11.5% من السكان، وساهموا بحوالي ثلث الضرائب الإجمالية، وحازوا أيضاً أكثر من نصف حقوق براءات الاختراع الفنية الإجمالية.

قال اريك وانغ :(إذا ما حسبت الطبقة الوسطى بالمال فاني انتمي إليها، لكن ذلك بلا معنى - لست إلا عاملا راتبه كبير).

الطبقة المتوسطة في الصين تحاول أن تجد مكانا في النظام السياسي القائم، على كل حال.. شهدت السنوات الأخيرة نهوض المكانة السياسية للطبقة المتوسطة، المثقفون يناقشون السياسات العامة في وسائل الإعلام، الحكومات والمشرعون يستشيرون المحامين والمحاسبين حول القوانين واللوائح.

يقول تشانغ ان المزيد من رجال أعمال القطاع الخاصة والمهنيين اصبحوا ضمن وفود المؤتمر الوطني للحزب الشيوعي الصيني الذي عقد في أواخر العام 2007.

لقد بذل الحزب جهودا لضمهم في الآليات السياسية آخذين بعين الاعتبار التأثير المتزايد اقتصاديا واجتماعيا للطبقة الاجتماعية الجديدة.

شهد العام 2007 تنفيذ قانون الملكية الذي طال انتظاره محددا المكانة القانونية للأرصدة الخاصة، مانحا الأفراد نفس الحقوق لممتلكاتهم مثل الدولة والجماعات.

بنهاية العام، 2007 احتج المواطنون في مدينة شيامن الساحلية المتطورة - مقاطعة فوجيان بجنوب شرق الصين - سلميا ضد خطة لبناء مصنع تكلفته 11 مليار يوان، ينتج مادة كيماوية صناعية (باراكسيلين)، بعد أن حدد عالم كيماوي محلى - تشاو يوفن عضو اكاديمية العلوم الصينية - المخاطر في مقترح قدمه إلى الهيئة الاستشارية السياسية، داعيا إلى إعادة النظر.

بعد أن نشر المقترح، أصاب القلق المواطنين واصحاب الممتلكات بالقرب من موقع المشروع، حول التأثيرات البيئية، تعبيرا عن المعارضة للمشروع عبر الإنترنت والرسائل النصية و(المسيرات) حول الموقع، وفيما بعد.. أوقفت الحكومة المشروع، وفي نهاية المطاف حددت له موقعا جديدا بعيدا عن شيامن.

هذه الحادثة اعتبرت على نطاق واسع تأثيرا سياسيا ناهضا للطبقة المتوسطة في الصين.

وقد وضعت (شاوثرن ويكلى ) - أكثر الصحف ليبرالية - هذا الأمر على انه علامة فارقة لنهوض مجتمع جديد.

مهما يكن من أمر.. بالنسبة للطبقة المتوسطة، مازالت السياسة بعيدة عن حياتها.

وبخصوص اريك وانغ، السياسة تعني تقديم الآراء لمنظمي المحاسبة عبر رئيسه، وعندما يرغب منظمو الحكومة في إصدار أو تعديل لوائح حول المحاسبة، قال (سيستشيرون رئيسي في العمل).

ولكن وانغ نفسه يريد المزيد، قال (عندما اكتسب قوة اقتصادية اكثر ذات يوم، أظن أن الطبقة الوسطى ككل قد تتوقع مكانة سياسية أعلى.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد