ضمن إجراءات حُسن النية ومسح الصورة المشوهة عن المسلمين في أوروبا وأمريكا قامت العديد من الدول العربية بمبادرات علاقات عامة، وأفعال متوافقة مع سماحة الدين الإسلامي؛ لتقديم المسلمين والدين الحنيف بصورته الحقيقية؛ حتى يتعرف الغربيون خاصة وعموم البشر على الصورة الصحيحة عن هذا الدين المفترى عليه لمجرد شذوذ نفر قليل من أتباعه، متناسين أن الشذوذ والأعمال الإرهابية لم ولن تكون مقصورة على المسلمين؛ فقبل المسلمين وما زال هناك العديد من الإرهابيين ينتمون إلى أديان وقوميات مختلفة، ولذلك قيل إن الإرهاب لا دين له ولا وطن.. أما لماذا ألصق الإرهاب بالمسلمين، فذلك لأهداف ومصالح سياسية لأقوام آخرين يريدون إبقاء الغرب تحت هيمنتهم؛ إذ وظّف الصهاينة كارثة 11 سبتمبر ليخلقوا ما أسموه ب(فوبيا الإسلام) وظلوا يغذون هذا الوهم حتى أضحى مرضاً أصاب فيروسه معظم الغربيين، وبعد حملة الدول الإسلامية وبالذات المملكة العربية السعودية وتنفيذ عدد من المبادرات لتوضيح صورة الإسلام الحقيقية خفت حملات العداء، وكان من أهم مبادرات المملكة عقد مؤتمر مدريد لحوار الأديان والثقافات، وقد أشاع هذا المؤتمر والمناقشات التي شهدتها جلساته وما تبعها من حوارات ومراسلات بين العلماء والمفكرين والمثقفين الذين شاركوا فيه، وأبحاثهم التي اهتمت بها الجامعات ومراكز البحث الدولية.. أشاع أجواء إيجابية أعادت كثيراً من الثقة المفقودة بالمسلمين وبالدين الإسلامي المفترى عليه.
وكالعادة تحرك اليهود بقوة وبكثافة لوقف نجاح جهد توضيح صورة المسلمين والإسلام داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وفي السابق كانوا يوكلون هذه المهمة إلى الجماعات الصهيونية، أما هذه المرة فلم يتخفوا وكشفوا عن تحركاتهم الشريرة، ضاربين بعرض الحائط ما يدَّعونه من تفاهم مع الآخر، والتسامح وغيرها من الشعارات التي لا يؤمنون بها؛ إذ تشهد الأراضي الأمريكية بمناسبة حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية أضخم وأشرس وأوسع الحملات العدائية وأكثرها تمويلاً في تاريخ أمريكا ضد المسلمين، ويكشف الدكتور نهاد عوض المدير التنفيذي لمنظمة الأمريكيين المسلمين في حديث صحفي أن الحملة العدائية ضد المسلمين التي يقوم بها اليهود تشارك فيها حتى الآن 70 جريدة أمريكية وزعت 28 قرصاً (DVD) يحوي مواد عدائية تشوه صورة الإسلام والمسلمين، والهدف من هذه الحملة ترويع وتخويف الناخب الأمريكي من أوباما وإعادة نبش (فوبيا الإسلام) بعد أن كادت تختفي، والزعم بأن الإسلام هو الخطر الأكبر على الحضارة الغربية ويجب أن يؤخذ ذلك في الاعتبار عند التصويت لانتخابات الرئاسة.
والذين يعرفون أهداف اليهود في أمريكا يؤكدون أن المعني بهذه الحملة ليس أوباما، وإن عُدَّ هدفاً لسهام اليهود؛ فالمقصود وقف التفهم والفهم الذي بدأ يعود للمجتمع الأمريكي عن المسلمين والإسلام بعد مبادرات بقيادة المملكة؛ إذ إن أوباما أعلن أكثر من مرة عدم ارتباطه بالمسلمين، وأنه يؤيد إسرائيل بل حتى أنه يزايد في مواقفه الداعمة للدولة الصهيونية أكثر من المرشح الجمهوري، ولكنه (وسيلة) يريد اليهود توظيفها لخدمة (غايتهم) الخبيثة.
jaser@al-jazirah.com.sa